بشرى بقدوم عشر ذي الحجة: رحلة من التوبة إلى العتق

 

بشرى بقدوم عشر ذي الحجة: رحلة من التوبة إلى العتق

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله


بشرى بقدوم عشر ذي الحجة: رحلة من التوبة إلى العتق

بشرى بقدوم عشر ذي الحجة: رحلة من التوبة إلى العتق




أما بعد، أيها الإخوة المؤمنون، فقد حل علينا هذا الشهر الفضيل، شهر ذي الحجة، وقد دخلنا في العشر الأوائل من هذا الشهر المبارك، الشهر الذي تُضاعف فيه الحسنات، وتُرفع فيه الدعوات، ويزداد فيه عطاء ربنا عز وجل

 

.

فبشرى بقدوم عشر ذي الحجة، تلك العشر التي تشهد على إقبالنا على أيام عظيمة، أيام يزداد فيها إيماننا، وتتجدد فيها عزمنا على التقرب إلى ربنا، أيامٌ نُحييها بالتوبة والإنابة، وأعمال الخير والصدقة، أيام نُنير فيها دروبنا بنور القرآن الكريم، ونستقبل فيها رحمة الله الواسعة

 

.

فضل عشر ذي الحجة:

فكم من فضل للعشر الأولى من ذي الحجة؟ كم من نعمةٍ منحنا الله إياها في هذه الأيام المباركة؟ لِمَ تُضاعف فيها الحسنات، وتُرفع فيها الدعوات، وتُقبل فيها التوبة؟

لأنها أيام مباركة، أيام يزداد فيها رحمة الله، وتُفتح فيها أبواب الجنة، وتُقفل فيها أبواب النار. أيامٌ يباهي الله فيها الملائكة بعباده الصالحين، يقول سبحانه: "يَا مَلَائِكَتِي وَقُولُوا لَهُمْ إِنِّي أَنَا غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [الزخرف: 42].

 

 

الاستعداد لِعشر ذي الحجة:

وإن كان فضل عشر ذي الحجة عظيمًا، فإنَّ استعدادنا لها واجب علينا، فكيف نستعد لهذه الأيام الفضيلة؟

التوبة والاستغفار: فلتكن هذه العشر بداية جديدة لنا، بدايةٌ نتوب فيها عن ذنوبنا، ونستغفر ربنا من كل ما بدر منا من زلات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مَا يُعْتَقُ فِيهِ الْعَبِيدُ مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ" [رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني].

النية الصادقة: لِنُصَوِّبَ نيتنا، ولنُخْلِصَ أفعالنا لله، ونجعل هدفنا الأساسي في هذه العشر هو التقرب إلى الله عز وجل.

 

 

 

الاستغلال الأمثل للوقت: لنستغل هذه العشر في طاعة ربنا، في قراءة القرآن، والدعاء، والصدقة، والصلاة، ونُسَارع في أداء كل ما يرضي الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء" [رواه أبو داود، وصححه الألباني].

 

 

أعمال عشر ذي الحجة:

في هذه العشر المباركة، تُفتح أبوابٌ كثيرةٌ للخير، فما أفضل الأعمال التي نُقدِّمُها في هذه الأيام؟

 

 

الصيام: فصيام العشر من ذي الحجة سنّةٌ مُؤكَّدةٌ، فإنَّ صيام يوم عرفة يُكفِّرُ عن ذنوب سنةٍ كاملةٍ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة أحتسبُ على الله أن يكفِّرَ السنة التي قبله والسنة التي بعده" [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني].

الصدقة: فلنُجود بصدقاتنا، فإنَّ الصدقة تُطفئ غضب الرب، وتُذهب الخطايا، وتُنْجِي من العذاب، وتُكفِّرُ عن ذنوب العبد، وتُدني الرزق، وتُبارك في الأموال.

القرآن: لنُكثر من قراءة القرآن وتدبره، فإنَّ قراءة القرآن في هذه الأيام كُلُّها فضيلةٌ عظيمةٌ.

 

 

الدعاء: فلتكن دعواتنا خالصةً لله، نُلحُّ فيها على ربنا، ونستغفره من كل خطيئةٍ، ونطلب منه كل خير.

الذكر: فليُكثر ذكر الله على ألسنتنا، فإنَّ الذكر هو نورٌ لقلب العبد، وراحته في دنياه وآخرتِه.

التكبير: فليُكَبِّر المسلمون في هذه الأيام، فإنَّ التكبير من أعظم الشعائر التي تُعظِّم هذه الأيام.

الذبح: إنَّ ذَبْحَ الأضحية في هذه الأيام من أعظم الشعائر التي أمرنا الله بها، وهي سُنَّةٌ أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي من أجلِّ العبادات وأحبها إلى الله تعالى.

الحجّ والعشر الأولى من ذي الحجة:

 

 

وممَّا يُجِلُّ هذه الأيام أنَّ الحجّ هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ويقع موعده في هذه الأيام، فالحجّ رحلةٌ روحانيةٌ عظيمةٌ، رحلةٌ من التوبة إلى العتق، رحلةٌ من الحياة الدنيوية إلى الخُلود في جنات النعيم.

أهمية الحجّ:

فكم من فضلٍ للحجّ؟ كم من بركةٍ تُنْزَل على من حَجّ بيت الله الحرام؟

مغفرة الذنوب: فالحجّ يُكفِّر عن الذنوب كما يُبيض الفساد من الذهب والفضة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" [متفق عليه].

رفع الدرجات: فالحجّ يُرفَع من درجة العبد عند ربه، ويُقرِّبُه من جنه النعيم.

الرضا الإلهي: فالحجّ يُسعد الله تعالى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حَجّ حَجّ حَجّ، لا يُحْجُّ عليه إلا مُجِيرٌ، أَو مَجْبُورٌ" [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني].

 

 

الاستعداد للحجّ:

فكيف نستعد للحجّ ؟ كيف نُقَدِّم أنفسنا لِربنا في هذه الرحلة العظيمة؟

النية الصادقة: فليكن هدفنا من الحجّ هو العبادة خالصة لله وحده، ونُخلِص نية قلوبنا لِربنا.

 

التعليم: فلنتعلّم أحكام الحجّ ، ونُعرف مناسكه ، ونَفهم ما يُحِلُّ ومَا يُحَرِّم في هذه الرحلة.

التجهيز: فلنُجِهِّز أنفسنا لِرحلة الحجّ ، من خلال التنزه ، والعلاج ، والإعداد ، ونَحرِص على نَصْحِ أجسامنا قبل الشروع في الرحلة.

 

الاستغفار والتوبة: فلتكن قلوبنا طاهرةً من الذنوب ، ونتوب إلى ربنا ، ونستغفره من كل خطيئةٍ بدرت مننا ، وندعوه أن يُيسِّر لنا الحجّ ، ويَتَقَبَّل مننا صالح الأعمال.

 

 

ختامًا:

إنَّ عشر ذي الحجة هي فرصةٌ عظيمةٌ لِلنّاس كُلِّهم، فرصةٌ لِلتوبة وَالْإِنَابَة، فرصةٌ لِلتَقَرُّب إلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فرصةٌ لِحَظْوِ رِضَاهُ.

فلنُقَدِّم أنفسنا لِله في هذه الأيام ، ولنُؤدِّي ما أوجبه علينا ، ولنُكثِر من الطاعات وَالْخَيْرات، ولنَسْتَغْفِر رَبَّنَا مِن كُلِّ ذَنبٍ، ونَدْعُوهُ أن يَتَقَبَّل مِنَّا صالح الأعمال.

اللهم اجعلنا من الذين يُطِيعُونَك وَيرْضَونَ بك، واجعلنا من الذين يَتَقَرَّبُون إليك في هذه الأيام المباركة، واغفر لنا ذنوبنا، وارْحَمْنَا برحمتك الواسعة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

Tamer Nabil Moussa

الزمان والمكان يتبدلان والفكر والدين يختلفان والحب واحد فى كل مكان /بقلمى انسان بسيط عايش فى هذا الزمان

إرسال تعليق

احترامى وحبى وتقديرى لمن يبادلنى نفس المشاعر والاحساس

أحدث أقدم

اعلان اول المقال

اعلان اخر المقال

نموذج الاتصال