recent
أخبار ساخنة

## ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك: مفتاح القوة الداخلية وتحقيق الذات

الحجم
محتويات المقال

 

## ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك: مفتاح القوة الداخلية وتحقيق الذات

 

 

تتردد على مسامعنا وفي ثنايا الكتب الحياتية والفلسفية عبارات تختزل حكمة عميقة وتلخص تجارب إنسانية متراكمة. من بين هذه العبارات، تبرز بقوة مقولة: "ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك."


تتردد على مسامعنا وفي ثنايا الكتب الحياتية والفلسفية عبارات تختزل حكمة عميقة وتلخص تجارب إنسانية متراكمة. من بين هذه العبارات، تبرز بقوة مقولة: "ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك."  هذه الكلمات البسيطة في مبناها، العميقة في معناها،
## ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك: مفتاح القوة الداخلية وتحقيق الذات

 هذه الكلمات البسيطة في مبناها، العميقة في معناها، تحمل في طياتها فلسفة حياة كاملة، وتضع مفتاح التحكم في مصيرنا، ليس في يد الظروف الخارجية، بل في صميم استجابتنا الداخلية وقدرتنا على الفعل. إنها دعوة صريحة لتبني دور الفاعل لا المفعول به في مسرح الحياة، وإدراك أن القوة الحقيقية لا تكمن في تجنب المحن، بل في كيفية مواجهتها وتوظيفها.

**جوهر المقولة من رد الفعل إلى الفعل**

 


## ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك: مفتاح القوة الداخلية وتحقيق الذات

تُبنى الحياة الإنسانية على سلسلة لا متناهية من الأحداث والتجارب، بعضها مفرح ومبهج، وبعضها الآخر قاسٍ ومؤلم. نواجه النجاح والفشل، الصحة والمرض، الوصل والفقد، الربح والخسارة. هذه الأحداث الخارجية، بطبيعتها، تقع خارج نطاق سيطرتنا المباشرة في كثير من الأحيان. لا نختار الأمراض التي قد تصيبنا، ولا نتحكم في الكوارث الطبيعية، ولا نستطيع دائمًا منع خيبات الأمل أو تصرفات الآخرين تجاهنا.

  •  الجزء الأول من المقولة "ليس المهمّ ما يحدث لك" لا يعني التقليل من شأن هذه الأحداث أو آلامها، بل
  •  يهدف إلى وضعها في منظورها الصحيح: إنها مُعطيات، وقائع، وليست هي العامل الحاسم في تحديد
  •  مسار حياتنا أو تعريف هويتنا.

 

الأهمية الحقيقية، كما تؤكد المقولة،

 تكمن في الشق الثاني: "بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك." هنا تتبلور القوة البشرية ويتجلى جوهر الإرادة الحرة. بين الحدث الخارجي واستجابتنا له، تكمن مساحة ثمينة من الاختيار. هل نستسلم لليأس والحزن عند أول عقبة؟ 

  1. هل نلقي باللوم على الظروف والآخرين ونتبنى دور الضحية؟ أم هل نختار الوقوف مجددًا، وتحليل
  2.  الموقف، والبحث عن الدروس المستفادة، وتحديد الخطوات التالية التي يمكننا اتخاذها؟ هذا "الفعل"
  3.  ليس بالضرورة عملاً مادياً ضخماً، بل قد يبدأ بتغيير في المنظور، بقرار داخلي بالصمود، ببحث عن
  4.  معرفة أو مساعدة، بوضع خطة جديدة. إنه الانتقال من حالة رد الفعل الانفعالي، الذي تتحكم فيه
  5.  الظروف، إلى حالة الفعل الواعي والمدروس، الذي تتحكم فيه إرادتنا وقيمنا.

 

**الأبعاد النفسية والفلسفية**

 

تت resonates هذه المقولة بعمق مع مفاهيم نفسية وفلسفية أساسية. في علم النفس، يرتبط هذا المفهوم ارتباطًا وثيقًا بما يُعرف بـ "موضع التحكم" (Locus of Control). الأفراد ذوو موضع التحكم الداخلي يعتقدون أنهم يمتلكون القدرة على التأثير في مجريات حياتهم من خلال أفعالهم وقراراتهم، بينما يميل ذوو موضع التحكم الخارجي إلى الاعتقاد بأن حياتهم محكومة بالقدر أو الحظ أو قوى خارجية أخرى. 

المقولة تشجع بوضوح على تبني موضع تحكم داخلي، مما يعزز الشعور بالكفاءة الذاتية، والمرونة النفسية، والقدرة على مواجهة التحديات بفاعلية.

 

  • فلسفياً، نجد أصداء لهذه الفكرة في المدرسة الرواقية (Stoicism) التي تؤكد على أهمية التمييز بين ما
  •  يمكننا التحكم فيه (أفكارنا، أحكامنا، استجاباتنا) وما لا يمكننا التحكم فيه (الأحداث الخارجية،
  •  تصرفات الآخرين). يرى الرواقيون أن السعادة والطمأنينة لا تأتيان من تغيير العالم الخارجي ليوافق
  •  رغباتنا، بل من تكييف استجاباتنا الداخلية لتقبل الواقع كما هو، والتركيز على الفضيلة والتصرف
  •  بحكمة وعقلانية في حدود ما نستطيع فعله. إن عبارة "ما الذي ستفعله بما يحدث لك" هي دعوة
  •  رواقية بامتياز للتركيز على دائرة تأثيرنا المباشر.

 

كما نجد لها صدى في أعمال فيكتور فرانكل، الطبيب النفسي ومؤسس العلاج بالمعنى، 

الذي اختبر أهوال معسكرات الاعتقال النازية. في كتابه الشهير "الإنسان يبحث عن معنى"، يؤكد فرانكل أنه حتى في أحلك الظروف وأكثرها تجريدًا للإنسانية، يظل لدى الإنسان "الحرية الأخيرة": حرية اختيار موقفه تجاه ما يحدث له، وحرية إيجاد معنى حتى في المعاناة. تجربته هي شهادة حية على أن ما نفعله باستجاباتنا هو ما يحدد جوهر إنسانيتنا وقدرتنا على تجاوز أقسى المحن.

 

**منظور المرونة والنمو**

 

تبني هذه الفلسفة هو أساس بناء المرونة (Resilience)، وهي القدرة على التعافي والتكيف والازدهار في مواجهة الشدائد. الأشخاص المرنون لا يتجنبون الصعوبات، بل يتعلمون كيفية التعامل معها بفعالية. إن "الفعل" الذي نتخذه ردًا على حدث صعب هو بمثابة تمرين لعضلة المرونة. كل تحدٍ نواجهه بوعي ونختار له استجابة بناءة، يزيد من قوتنا النفسية وقدرتنا على التعامل مع تحديات المستقبل.

 

علاوة على ذلك، فإن هذا النهج يفتح الباب أمام النمو الشخصي والتطور.

  •  غالبًا ما تكون اللحظات الصعبة والمؤلمة هي المحفز الأكبر للتعلم واكتساب الحكمة. عندما نختار
  •  "فعل شيء ما" حيال ما حدث، فإننا قد نضطر إلى تعلم مهارات جديدة، أو إعادة تقييم أولوياتنا، أو
  •  اكتشاف جوانب جديدة في شخصيتنا، أو بناء علاقات أقوى. الفشل يمكن أن يصبح درسًا في المثابرة،
  •  والخسارة يمكن أن تعلمنا قيمة ما نملك، والألم يمكن أن يولد التعاطف والتفهم الأعمق للحالة
  •  الإنسانية. إن تحويل المحنة إلى فرصة للنمو هو ذروة تطبيق هذه المقولة.

 

**التطبيق العملي في الحياة**

 

كيف نترجم هذه الحكمة إلى واقع ملموس في حياتنا اليومية؟

 

1.  **الوعي بالاستجابة:** الخطوة الأولى هي تطوير الوعي الذاتي لمراقبة ردود أفعالنا التلقائية تجاه الأحداث. هل نميل إلى اللوم، أم اليأس، أم الغضب السلبي؟ إدراك هذه الأنماط هو بداية التغيير.

2.  **خلق مسافة للتفكير:** بدلًا من الرد الفوري، يمكننا تدريب أنفسنا على أخذ نفس عميق وخلق مسافة صغيرة بين الحدث واستجابتنا. هذه المسافة تتيح لنا فرصة للاختيار الواعي بدلًا من الانجراف وراء الانفعال.

3.  **إعادة الصياغة المعرفية (Reframing):** يمكننا تعلم إعادة تفسير الأحداث السلبية. هل يمكن رؤية فقدان الوظيفة كفرصة لاستكشاف مسار مهني جديد؟ هل يمكن اعتبار النقد البناء دافعًا للتطوير؟ تغيير المنظور يغير التجربة بأكملها.

4.  **التركيز على الممكن:** بدلًا من التركيز على ما فقدناه أو ما لا نستطيع تغييره، يجب تحويل الانتباه إلى ما *يمكننا* فعله الآن. ما هي الخطوة الصغيرة التالية التي يمكن اتخاذها للمضي قدمًا؟

5.  **طلب الدعم:** "الفعل" لا يعني دائمًا التصرف بمفردنا. قد يكون البحث عن الدعم من الأصدقاء، أو العائلة، أو المختصين هو التصرف الأكثر حكمة وفعالية في بعض المواقف.

6.  **التعلم المستمر:** النظر إلى كل تجربة، سواء كانت ناجحة أو فاشلة، كفرصة للتعلم. سؤال "ماذا تعلمت من هذا؟" هو سؤال جوهري لتطبيق هذه المقولة.

 

**الخاتمة**

 


## ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك: مفتاح القوة الداخلية وتحقيق الذات

إن مقولة "ليس المهمّ ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك" ليست مجرد شعار جذاب، بل هي خارطة طريق نحو التمكين الذاتي والحياة الهادفة. إنها تعترف بحتمية الصعاب والتقلبات في الحياة، لكنها ترفض أن تمنحها الكلمة الأخيرة. بدلاً من ذلك، تسلط الضوء على القدرة الإنسانية الهائلة على الاختيار، والاستجابة، والفعل.

 من خلال تبني هذه الفلسفة، ننتقل من كوننا مجرد نتاج للظروف إلى صناع لمصائرنا،

 قادرين على تحويل الألم إلى قوة، والفشل إلى حكمة، والتحديات إلى فرص للنمو والارتقاء. إنها دعوة مستمرة لتفعيل إرادتنا، وتحمل مسؤولية استجاباتنا، وإدراك أن القوة الحقيقية تنبع من داخلنا، من كيفية اختيارنا للتعامل مع كل ما تلقيه الحياة في طريقنا. وفي هذا الاختيار يكمن سر الحياة المفعمة بالمعنى والتحقيق الذاتي.


كلمات مرتبطة بالموضوع

مواجهة التحديات
الحكمة
الإرادة
تطوير الذات
التفاؤل العملي
فلسفة الحياة
تغيير المنظور
موضع التحكم الداخلي


تعديل
author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent