### **مانشستر يونايتد وأموريم: شيشكو ليس مجرد صفقة، بل حجر الزاوية لمشروع إعادة البناء**
في أروقة "أولد
ترافورد"، تهب رياح تغيير عاتية، لا تحمل معها مجرد آمال بتعاقدات صيفية
جديدة، بل تبشر بفجر حقبة فنية وفلسفية مختلفة يقودها المدرب البرتغالي روبن
أموريم. بعد موسم كارثي بكل المقاييس، انتهى باحتلال الفريق المركز الثامن في
الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أسوأ ترتيب له في حقبة البريميرليغ، مع فارق أهداف
سلبي وغياب مؤلم عن الساحة الأوروبية، بات من الواضح أن الحلول الترقيعية لم تعد
كافية.
 |
| ### **مانشستر يونايتد وأموريم: شيشكو ليس مجرد صفقة، بل حجر الزاوية لمشروع إعادة البناء** |
- في قلب هذه الثورة التصحيحية، يبرز اسم المهاجم السلوفيني بنجامين شيشكو، لاعب آر بي لايبزيغ
- ليس كهدف تكميلي، بل كقطعة استراتيجية محورية يرى فيها أموريم مفتاحًا لإعادة تعريف هوية
- الفريق
الهجومية.
#### **تشخيص الأزمة لماذا الهجوم أولاً؟**
قبل الغوص في تفاصيل
خطة ضم شيشكو، لا بد من فهم عمق الأزمة التي دفعت الإدارة الفنية الجديدة لوضع
الخط الأمامي على رأس أولوياتها. لم تكن مشكلة مانشستر يونايتد في الموسم المنصرم
مجرد نقص في الأهداف، بل كانت أزمة هوية شاملة. بدا الفريق بلا أنياب هجومية واضحة،
يعاني من عقم تكتيكي وتنافر بين عناصره.
- عانى ماركوس راشفورد من انخفاض حاد في مستواه بعد موسم استثنائي، وبدا تائهاً ومفتقراً للثقة. أما
- أنتوني، فظل لغزاً محيراً، يقدم لمحات فنية متقطعة دون تأثير حقيقي ومستمر. وفي قلب الهجوم،
- وقف الدنماركي الشاب راسموس هويلوند، الذي تم التعاقد معه بمبلغ ضخم وسط آمال عريضة.
- ورغم أنه أظهر ومضات من القوة والقدرة على التسجيل، خاصة في دوري أبطال أوروبا، إلا أن
- بدايته البطيئة في الدوري الإنجليزي وعدم قدرته على التأقلم الكامل مع النسق السريع والمطالب
- البدنية للبطولة، كشفا عن أنه لا يزال مشروع مهاجم واعد أكثر من كونه المنتج النهائي الذي يمكنه
- قيادة هجوم فريق بحجم مانشستر
يونايتد في معركة استعادة القمة.
هنا تكمن رؤية أموريم؛
فهو لا يبحث عن مجرد هداف، بل عن قائد لمنظومته الهجومية. فلسفته التي طبقها بنجاح
باهر في سبورتينغ لشبونة تعتمد على الضغط العالي، والتحرك الديناميكي، وقدرة
المهاجم على أن يكون المحطة الأولى في بناء اللعب والضغط على الخصم. هذا النموذج
من "المهاجم العصري" هو ما يفتقده يونايتد، وهو بالضبط ما يمثله بنجامين
شيشكو.
#### **الهدف المنشودمن هو بنجامين شيشكو؟**
بنجامين شيشكو، البالغ
من العمر 22 عامًا، ليس مجرد مهاجم طويل القامة يجيد الألعاب الهوائية. إنه يمثل
التجسيد الحديث للمهاجم المتكامل. تخرج من مدرسة "ريد بول" الشهيرة، التي
تشتهر بتطوير اللاعبين ذوي النسق البدني العالي والذكاء التكتيكي، متنقلاً من ريد
بول سالزبورغ إلى آر بي لايبزيغ. هذه الخلفية وحدها تجعله مرشحاً مثالياً لفلسفة
مدرب مثل أموريم.
**نقاط قوته التحليلية:**
1. **بنية جسدية وسرعة استثنائية:** بطول يتجاوز 194 سم، يمتلك
شيشكو حضوراً طاغياً في منطقة الجزاء، لكن ما يميزه هو جمعه بين هذه البنية وسرعة
فائقة تضاهي سرعة الأجنحة، مما يمكنه من تهديد دفاعات الخصم في المساحات وخلف
الخطوط.
2. **قدرات فنية متكاملة:** على عكس العديد من المهاجمين طوال
القامة، يتمتع شيشكو بمهارة فنية عالية في التحكم بالكرة وقدرة مذهلة على التسديد
بكلتا قدميه بدقة وقوة. أهدافه لا تقتصر على إنهاء الهجمات من داخل الصندوق، بل
تشمل تسديدات صاروخية من مسافات بعيدة.
3. **ذكاء تكتيكي وحركة بدون كرة:** يعد تحركه الذكي داخل وخارج
منطقة الجزاء أحد أبرز مميزاته. يعرف متى يسقط للخلف للمشاركة في بناء اللعب، ومتى
يهاجم المساحة ليفتح ثغرات لزملائه. هذه الميزة تجعله محوراً تكتيكياً وليس مجرد "مُنهي
هجمات".
4. **شخصية طموحة ومنحنى تصاعدي:** أرقامه في الموسم الماضي مع
لايبزيغ (21 هدفًا و6 تمريرات حاسمة في 45 مباراة) تعكس تطوره السريع، خاصة في
النصف الثاني من الموسم الذي شهد انفجار موهبته بشكل لافت. إنه لاعب في مسار
تصاعدي واضح، ويمتلك العقلية المناسبة للنجاح في بيئة تنافسية مثل الدوري
الإنجليزي.
#### **استراتيجية التفاوض معضلة هويلوند والصفقة التبادلية**
وفقاً لتقارير موثوقة،
وعلى رأسها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن مانشستر يونايتد لا يطرق
باب لايبزيغ بعرض مالي تقليدي فحسب، والذي قد يصل إلى 70 مليون جنيه إسترليني (حوالي
92 مليون دولار) بالإضافة إلى متغيرات، بل يطرح على الطاولة ورقة استراتيجية: إدراج
راسموس هويلوند في الصفقة.
- هذا المقترح يعكس دهاءً تفاوضياً من إدارة يونايتد الجديدة. فمن ناحية، يخفف العبء المالي لصفقة
- شيشكو الضخمة، ومن ناحية أخرى، يقدم حلاً لمستقبل هويلوند الذي قد لا يتناسب تماماً مع رؤية
- أموريم الفورية. بالنسبة للايبزيغ، قد يكون العرض مغرياً؛ فهم سيحصلون على مقابل مادي كبير
- بالإضافة إلى مهاجم شاب يمتلك كل مقومات التطور والنجاح، وهو ما يتماشى تماماً مع نموذج عملهم
- القائم على شراء المواهب الواعدة وصقلها ثم بيعها.
تصريحات أموريم الأخيرة حول هويلوند صبت الزيت على نار هذه التكهنات. حين قال: "أنا سعيد جداً بهويلوند، ولكنني لا أعرف ما سيحدث خلال سوق الانتقالات... دعونا نرى ما سيحدث عند غلق باب الانتقالات"، كان يرسل رسالة مزدوجة. ظاهرياً، هي رسالة دعم، لكنها في العمق تفتح الباب على مصراعيه لجميع الاحتمالات، وتؤكد أن لا أحد محصن في عملية إعادة الهيكلة.
#### **البدائل والسياق الأوسع للسوق**
لم يكن شيشكو الخيار
الوحيد على طاولة أموريم. اسم مهاجم أستون فيلا، أولي واتكينز، كان مطروحاً بقوة،
خاصة بعد موسمه المذهل. واتكينز يمثل الخيار الآمن؛ فهو لاعب أثبت نجاحه في
البريميرليغ، ويمتلك الخبرة والقدرة على تسجيل الأهداف. لكن المنافسة الشرسة من
أندية أخرى مثل نيوكاسل يونايتد، بالإضافة إلى أن شيشكو يمثل رهاناً على المستقبل
بسقف إمكانيات أعلى وعمر أصغر، جعلت مانشستر يونايتد يوجه بوصلته بشكل شبه كامل
نحو النجم السلوفيني.
- إن السعي خلف شيشكو، بعد إتمام صفقات مثل بريان مبيومو وماتياس كونيا، يؤكد أن استراتيجية
- يونايتد لم تعد عشوائية. مبيومو وكونيا ليسا مجرد لاعبين جيدين، بل هما لاعبان يتميزان بالعمل
- الجاد والقدرة على الضغط واللعب في مراكز متعددة، وهي سمات تتوافق مع كرة القدم الحديثة التي
- يريد أموريم تطبيقها. وصول شيشكو سيكون بمثابة تتويج لهذا النهج، بوجود رأس حربة يربط كل هذه
- الخيوط معاً.
#### ** رهان على المستقبل أم ضرورة حتمية؟**
فإن خطة
مانشستر يونايتد لضم بنجامين شيشكو تتجاوز كونها مجرد محاولة لتعزيز القوة
الهجومية. إنها بيان واضح بأن النادي قد تعلم من أخطاء الماضي، وأنه يسعى الآن
لبناء فريق متجانس يخدم فلسفة مدربه، بدلاً من تجميع النجوم بشكل فردي. شيشكو يمثل
الرهان على المستقبل، لكنه في الوقت ذاته ضرورة حتمية لإصلاح الحاضر.
فى الختام
قد تكون المخاطرة كبيرة والتكلفة باهظة، ولكن المكافأة المحتملة أكبر بكثير: ليس فقط الحصول على واحد من ألمع المهاجمين الواعدين في العالم، بل وضع حجر الأساس الصلب لمشروع طموح يهدف إلى إعادة "الشياطين الحمر" إلى مكانتهم الطبيعية في قمة كرة القدم الإنجليزية والأوروبية. نجاح هذه الصفقة قد لا يضمن الألقاب فوراً، لكنه سيضمن أن مانشستر يونايتد يسير أخيراً على الطريق الصحيح.
