recent
أخبار ساخنة

### **صدام الإرادات: ترامب وباول في مواجهة تحدد مستقبل الاقتصاد الأمريكي**

 

### **صدام الإرادات: ترامب وباول في مواجهة تحدد مستقبل الاقتصاد الأمريكي**

 

في مشهد يعكس التوتر المتصاعد بين السلطة السياسية والمؤسسات المالية المستقلة، أطلق الرئيس الأمريكي السابق والحالي دونالد ترامب هجومًا شخصيًا وحادًا على جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، واصفًا إياه بـ"الغبي" و"المُسَيَّس".

في مشهد يعكس التوتر المتصاعد بين السلطة السياسية والمؤسسات المالية المستقلة، أطلق الرئيس الأمريكي السابق والحالي دونالد ترامب هجومًا شخصيًا وحادًا على جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، واصفًا إياه بـ"الغبي" و"المُسَيَّس".
### **صدام الإرادات: ترامب وباول في مواجهة تحدد مستقبل الاقتصاد الأمريكي**


### **صدام الإرادات: ترامب وباول في مواجهة تحدد مستقبل الاقتصاد الأمريكي**

  •  لم يكن هذا الهجوم مجرد تغريدة عابرة على منصة "تروث سوشيال"، بل كان تتويجًا لحملة ضغط
  •  ممنهجة ومستمرة، ونافذة تطل على صراع أعمق بين رؤيتين متناقضتين لإدارة الاقتصاد الأكبر في
  •  العالم. ففي حين يسعى ترامب لتحقيق نمو اقتصادي فوري وسريع عبر خفض أسعار الفائدة، يتمسك
  •  باول وفريقه في الاحتياطي الفيدرالي بمهمتهم الأساسية: كبح جماح التضخم وضمان الاستقرار المالي
  •  على المدى الطويل، حتى لو كان ذلك على حساب تباطؤ اقتصادي مؤقت.

 

#### **شرارة المواجهة قرار تثبيت الفائدة**

 

كان المحفز المباشر لهذا الانفجار الكلامي هو قرار لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الخامسة على التوالي. هذا القرار، الذي كان متوقعًا إلى حد كبير من قبل المحللين والأسواق المالية، جاء كرسالة واضحة مفادها أن المعركة ضد التضخم لم تنته بعد.

  •  استند القرار إلى بيانات اقتصادية مقلقة؛ فعلى الرغم من بعض التباطؤ، لا يزال التضخم عنيدًا. وتشير
  • أحدث البيانات إلى أن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل لدى
  •  الاحتياطي الفيدرالي، قد ارتفع إلى 2.6% على أساس سنوي في يونيو، بعد أن كان عند 2.4% في
  • مايو. هذا الارتفاع، وإن كان طفيفًا، يؤكد أن الضغوط السعرية لا تزال قائمة، وأن أي تيسير نقدي
  •  متسرع قد يؤدي إلى إشعال فتيل التضخم من جديد.

 

من منظور الاحتياطي الفيدرالي،كان القرار منطقيًا وحذرًا. اعتبر باول أن الاقتصاد لا يزال بحاجة إلى وقت لامتصاص تأثيرات دورة التشديد النقدي السابقة، وأن هناك "الكثير من الشكوك" التي تحيط بالمشهد، لا سيما تلك المتعلقة بالتأثيرات المحتملة للرسوم الجمركية الجديدة التي يلوح بها ترامب على السلع المستوردة، والتي من شأنها أن ترفع الأسعار على المستهلكين وتغذي التضخم. باختصار، كان موقف الفيدرالي هو: "علينا أن نكون متأكدين من أن التضخم يتجه بشكل مستدام نحو هدفنا البالغ 2% قبل أن نفكر في خفض الفائدة".

 

#### **فلسفة ترامب النمو بأي ثمن**

 

على الجانب الآخر، يرى دونالد ترامب المشهد من زاوية مختلفة تمامًا، زاوية سياسية واقتصادية ترتكز على تحقيق نتائج سريعة وملموسة. بالنسبة له، فإن أسعار الفائدة المرتفعة ليست أداة لكبح التضخم، بل هي "مكابح" تخنق النمو الاقتصادي. منطقه بسيط ومباشر:

1.  **تحفيز النشاط الاقتصادي:** خفض أسعار الفائدة يجعل الاقتراض أرخص للشركات والمستهلكين. وهذا يشجع الشركات على الاستثمار والتوسع، ويدفع الأفراد إلى شراء المنازل والسيارات، مما يخلق دورة نشاط اقتصادي إيجابية.

2.  **دعم أسواق الأسهم:** عادةً ما تتفاعل أسواق المال بشكل إيجابي مع خفض الفائدة، حيث تصبح الأسهم أكثر جاذبية مقارنة بالسندات ذات العائد المنخفض. ويعتبر ترامب أداء سوق الأسهم مقياسًا رئيسيًا لنجاح إدارته.

3.  **تخفيف عبء الدين الوطني:** مع تجاوز الدين القومي الأمريكي 34 تريليون دولار، فإن كل زيادة في أسعار الفائدة تعني مليارات الدولارات الإضافية التي يجب على الحكومة دفعها كفوائد على ديونها. خفض الفائدة سيخفف هذا العبء بشكل كبير على الميزانية الفيدرالية.

 

لذلك، فإن هجوم ترامب على باول ليس مجرد خلاف حول السياسة النقدية، بل هو تعبير عن إحباطه من مؤسسة يراها عقبة أمام تحقيق أجندته. وصفه لباول بأنه "متأخر للغاية" و"غبي" يعكس قناعته بأن رئيس الفيدرالي يفشل في رؤية الفرصة المتاحة لتحقيق "ازدهار اقتصادي غير مسبوق".

 

#### **قدسية الاستقلالية حجر الزاوية المهدد**

 

يكمن جوهر هذا الصدام في مبدأ "استقلالية البنك المركزي"، وهو مفهوم يعتبره الاقتصاديون حول العالم ركيزة أساسية للاستقرار المالي. تعني الاستقلالية أن البنك المركزي يجب أن يكون قادرًا على اتخاذ قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية دون تدخل أو ضغط من السلطة السياسية.

  1.  والسبب في ذلك تاريخي وعملي؛ فالسياسيون غالبًا ما يكون لديهم أفق زمني قصير، يمتد حتى
  2.  الانتخابات المقبلة، ويميلون إلى تفضيل السياسات التي تحقق نموًا سريعًا وشعبية على المدى
  3.  القصير،حتى لو كانت ستؤدي إلى مشاكل تضخمية كارثية على المدى الطويل.

 

عندما تنهار هذه الاستقلالية، وتخضع البنوك المركزية لأهواء السياسيين، تكون النتائج وخيمة. التاريخ مليء بالأمثلة لدول عانت من التضخم الجامح نتيجة قيام الحكومات بإجبار بنوكها المركزية على طباعة النقود لتمويل عجز الميزانية. إن هجمات ترامب العلنية والمستمرة، ودعواته الصريحة لإقالة باول، وتصريحاته التي تشكك في نزاهة المؤسسة (مثل انتقاده لمشروع تجديد مقرها)، تمثل تحديًا مباشرًا لهذا المبدأ.

 

  • إن الخطر ليس فقط في أن يرضخ باول للضغوط، وهو أمر مستبعد نظرًا لشخصيته وتاريخ المؤسسة
  • بل في أن تتآكل ثقة الأسواق والمستثمرين العالميين في مصداقية الاحتياطي الفيدرالي. إذا بدأ
  •  المستثمرون يعتقدون أن قرارات الفائدة تُتخذ في البيت الأبيض وليس في مقر الفيدرالي، فإن ذلك
  •  سيؤدي إلى حالة من عدم اليقين، وزيادة علاوات المخاطر على الأصول الأمريكية، وربما إضعاف
  •  مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية.

 

#### **سياق تاريخي ونظرة مستقبلية**

 

من المفارقات أن ترامب هو من قام بتعيين جيروم باول لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي في عام 2018، معتقدًا أنه سيكون أكثر مرونة من سلفه، جانيت يلين. لكنه سرعان ما انقلب عليه عندما بدأ باول في رفع أسعار الفائدة لمواجهة بوادر التضخم آنذاك. وبالتالي، فإن هذا الصراع ليس جديدًا، بل هو امتداد لنمط بدأ في ولاية ترامب الأولى.

 

  1. ما يميز هذه المرة هو شدة الهجوم وطبيعته الشخصية، بالإضافة إلى السياق الاقتصادي الأكثر تعقيدًا.
  2.  فالاقتصاد الأمريكي يواجه تحديات مزدوجة: تضخم لم يتم ترويضه بالكامل، ومخاوف من تباطؤ
  3.  اقتصادي قد يتحول إلى ركود إذا تم التشديد النقدي بشكل مفرط.

 

في الختام

 فإن المواجهة بين ترامب وباول هي أكثر من مجرد خلاف شخصي؛ إنها معركة حول هوية السياسة الاقتصادية الأمريكية. هل ستنتصر رؤية النمو قصير الأجل المدفوع سياسيًا، أم ستصمد رؤية الاستقرار المالي طويل الأمد التي تسترشد بالبيانات والمبادئ الاقتصادية؟ قرار الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت الفائدة كان جولة فاز بها باول وفريقه، لكن الحرب لم تنته. مع استمرار الضغوط السياسية وتزايد الشكوك الاقتصادية

 سيظل كل قرار يتخذه الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر المقبلة تحت مجهر التدقيق، ليس فقط من قبل الأسواق، بل من قبل رئيس يرى في استقلالية المؤسسة تحديًا لسلطته ورؤيته لمستقبل أمريكا. إن نتيجة هذا الصدام لن تحدد مسار أسعار الفائدة فحسب، بل سترسم ملامح العلاقة بين السلطة والمال في واشنطن لسنوات قادمة.

### **صدام الإرادات: ترامب وباول في مواجهة تحدد مستقبل الاقتصاد الأمريكي**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent