## ثوران بركاني جديد يهز شبه جزيرة ريكيانيس الأيسلندية: حمم متدفقة وإجلاء للسكان وسط استمرار حركة الطيران
**ريكيافيك، أيسلندا** – في مشهد طبيعي مهيب
ومثير للقلق في آن واحد، شهدت شبه جزيرة ريكيانيس الواقعة جنوب العاصمة الأيسلندية
ريكيافيك، يوم الثلاثاء، ثوراناً بركانياً جديداً، هو الأحدث ضمن سلسلة من
النشاطات الجيولوجية المتزايدة التي باتت تميز هذه المنطقة في السنوات الأخيرة. أضاءت
الحمم البركانية المتدفقة سماء المنطقة بلونها البرتقالي والأحمر الناري، مصحوبة
بأعمدة من الدخان الكثيف، مما دفع السلطات المحلية إلى تفعيل خطط الطوارئ وإجلاء
السكان والمقيمين في المناطق الأكثر قرباً من موقع الثوران.
![]() |
## ثوران بركاني جديد يهز شبه جزيرة ريكيانيس الأيسلندية: حمم متدفقة وإجلاء للسكان وسط استمرار حركة الطيران |
**تفاصيل الحدث وإجراءات الإجلاء**
.jpeg)
وفقاً لمكتب الأرصاد الجوية الأيسلندي، الذي أصدر تحذيراً رسمياً فور بدء النشاط، بدأ الثوران في ساعات النهار،
وتطور سريعاً
ليطلق تدفقات من الحمم من شق أرضي جديد. وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الوطنية
الأيسلندية (RÚV) أن خدمات الطوارئ، بالتنسيق مع
الدفاع المدني، قامت بإخلاء منتجع "بلو لاغون" (Blue Lagoon) الحراري الشهير،
والذي يعد وجهة سياحية رئيسية، كإجراء احترازي. كما شمل الإجلاء سكان بلدة
غريندافيك الساحلية، وهي بلدة صيد تقع على مقربة من مركز النشاط البركاني، والتي
كانت قد شهدت عمليات إجلاء سابقة وأضراراً مادية خلال ثورانات حدثت في الأشهر
الماضية.
- جاءت عملية الإجلاء هذه بعد تحذيرات متكررة من علماء الزلازل والبراكين خلال الأيام والأسابيع
- الماضية، حيث رصدوا تزايداً ملحوظاً في النشاط الزلزالي وتجمع الصهارة تحت سطح الأرض، مما
- أشار بقوة إلى وشوك
حدوث ثوران جديد.
**"أرض الجليد والنار" ونشاطها المتجدد**
.jpeg)
وهو وصف دقيق يعكس طبيعتها الجيولوجية الفريدة حيث تتعايش الأنهار الجليدية الشاسعة مع البراكين النشطة. تقع الجزيرة على حدود الصفائح التكتونية الأوراسية والأمريكية الشمالية، مما يجعلها بؤرة للنشاط البركاني والزلزالي
.- شهدت منطقة شبه جزيرة ريكيانيس، على وجه الخصوص، فترة هدوء جيولوجي استمرت قرابة
- 800 عام، لكنها استيقظت فجأة في عام 2021. ومنذ ذلك الحين، سجلت المنطقة ما لا يقل عن 11
- ثوراناً بركانياً، مما يشير إلى دخولها في حقبة جديدة من عدم الاستقرار الجيولوجي قد تستمر لعقود.
- هذه الثورانات، التي تعرف بـ"ثورانات الشقوق" (fissure eruptions)، تتميز بتدفق الحمم من
- شقوق طويلة في القشرة الأرضية بدلاً من فوهة بركانية مركزية واحدة، وهو النمط السائد في هذه
- المنطقة.
**التأثير على البنية التحتية والحياة اليومية**
.jpeg)
على الرغم من قوة المشهد البصري للثوران وتدفق الحمم، أكدت السلطات أن التأثير المباشر على العاصمة ريكيافيك كان محدوداً حتى الآن.
والأهم من ذلك، لم يتسبب الثوران في اضطرابات كبيرة في حركة الملاحة الجوية
من وإلى مطار كيفلافيك الدولي، البوابة الجوية الرئيسية لأيسلندا. ويعود ذلك بشكل
أساسي إلى أن هذا النوع من الثورانات لا يميل إلى قذف كميات هائلة من الرماد البركاني
إلى طبقات الجو العليا (الستراتوسفير)، وهو النوع من الرماد الذي يمكن أن يشكل
خطراً على محركات الطائرات ويؤدي إلى إغلاق المجال الجوي، كما حدث في ثوران بركان
إيافيالايوكل الشهير عام 2010.
- ومع ذلك، يبقى التأثير على المجتمعات المحلية القريبة، مثل غريندافيك، كبيراً. ففي يناير (كانون
- الثاني) 2024، أدى ثوران سابق إلى تدفق الحمم إلى أطراف البلدة، مدمراً بعض المنازل ومتسبباً
- في أضرار للبنية التحتية، مما فرض إجلاءً جماعياً استمر لأسابيع. وعلى الرغم من عودة بعض
- السكان إلى منازلهم بحذر في الفترات الفاصلة بين الثورانات، إلا أن حالة عدم اليقين والخطر
- المستمر تلقي بظلالها على مستقبل البلدة.
**نظرة مستقبلية وتوقعات الخبراء**
يتوقع المتخصصون في علوم الأرض والبراكين في
أيسلندا أن تستمر هذه الدورة من النشاط البركاني في شبه جزيرة ريكيانيس. وتشير
النماذج الجيولوجية إلى أن المنطقة قد تشهد ثورانات متقطعة على مدى العقود
القادمة، وربما لفترة أطول. وتواصل السلطات وفرق الرصد العلمية مراقبة الوضع عن
كثب، باستخدام أحدث التقنيات لرصد حركة الصهارة والنشاط الزلزالي، بهدف توفير
إنذارات مبكرة قدر الإمكان لحماية الأرواح والممتلكات.
الختام
يمثل هذا الثوران الأخير تذكيراً قوياً بالطبيعة
الديناميكية لكوكب الأرض وبالقوى الهائلة الكامنة تحت سطحه، كما يسلط الضوء على
التحديات المستمرة التي تواجهها المجتمعات التي تعيش في ظل البراكين النشطة، وقدرة
أيسلندا على التكيف والتعايش مع هذه الظواهر الطبيعية الفريدة.
.jpeg)