### **عواصف جيوسياسية وسياسات متشددة: البيتكوين تهوي مع هيمنة العزوف عن المخاطرة على الأسواق**
في مشهد يعكس الهشاشة المتزايدة للأصول عالية
المخاطر، شهدت عملة البيتكوين والأسواق الأوسع للعملات المشفرة تراجعًا حادًا
وموجة بيع مكثفة خلال الساعات الماضية. ويأتي هذا الهبوط مدفوعًا بمزيج قاتم من
العوامل، يتقدمها التصعيد الجيوسياسي المفاجئ في الشرق الأوسط، والذي أجج المخاوف
العالمية، إلى جانب استمرار شبح السياسات النقدية المتشددة من قبل الاحتياطي
الفيدرالي الأمريكي. انخفضت قيمة البيتكوين، العملة الرقمية الرائدة، لتكسر
مستويات دعم نفسية وتقنية هامة، ساحبةً معها سوق العملات البديلة بأكمله إلى
المنطقة الحمراء، في تأكيد جديد على أن شهية المخاطرة لدى المستثمرين قد تلاشت في
مواجهة حالة عدم اليقين.
![]() |
### **عواصف جيوسياسية وسياسات متشددة: البيتكوين تهوي مع هيمنة العزوف عن المخاطرة على الأسواق** |
1. ما
هما السببان الرئيسيان اللذان أديا إلى الهبوط الحاد في سعر البيتكوين مؤخراً؟
2. كيف
أثر تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بشكل مباشر على شهية المستثمرين
للمخاطرة في سوق الكريبتو؟
3. ما
علاقة سياسة الاحتياطي الفيدرالي وأسعار الفائدة المرتفعة بتراجع جاذبية الأصول
الرقمية مثل البيتكوين؟
4. لماذا
أدت الأزمة الحالية إلى بيع العملات المشفرة والتوجه نحو أصول أخرى مثل الدولار
الأمريكي؟
#### **تصاعد التوترات في الشرق الأوسط يشعل شرارة البيع**
كان المحفز المباشر لموجة البيع الأخيرة هو الأنباء المقلقة عن ضربات عسكرية أمريكية استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة. وبغض النظر عن مدى دقة التقارير الأولية أو حجم الأضرار الفعلية، كانت ردة فعل الأسواق فورية وحاسمة. أثارت هذه الأنباء حالة من الهلع
- مما دفع المستثمرين إلى تنفيذ استراتيجية "الهروب إلى الأمان" (Flight to Safety) الكلاسيكية
- حيث تم التخلص من الأصول التي يُنظر إليها على أنها مضاربية وعالية المخاطر، وفي مقدمتها
- العملات المشفرة، لصالح الملاذات الآمنة التقليدية كالدولار الأمريكي الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا.
تتجاوز التداعيات المباشرة للضربات مجرد المخاوف العسكرية. فقد حذرت طهران من رد انتقامي قاسٍ، مما يضع منطقة مضيق هرمز، الممر المائي الحيوي الذي يعبر من خلاله جزء كبير من نفط العالم، في دائرة الخطر.
مجرد
التهديد بإغلاق هذا الشريان الاقتصادي كان كفيلاً بإحداث صدمة في أسواق الطاقة،
حيث قفزت أسعار النفط الخام بشكل حاد. هذا الارتفاع يغذي بدوره المخاوف من موجة
تضخم عالمية جديدة مدفوعة بأسعار الطاقة، وهو سيناريو يعقد مهمة البنوك المركزية
حول العالم ويهدد بإبطاء النمو الاقتصادي.
#### **شبح أسعار الفائدة المرتفعة يخيم على الأصول الرقمية**
تأتي هذه الأزمة الجيوسياسية في وقت كانت فيه
أسواق العملات المشفرة ترزح بالفعل تحت ضغط السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. إن
ارتفاع أسعار النفط والخطر المتزايد للتضخم لا يؤديان إلا إلى تعزيز الرواية التي
يتبناها الفيدرالي بضرورة الإبقاء على أسعار الفائدة "مرتفعة لفترة أطول" (higher for longer).
- الآلية هنا واضحة ومباشرة: عندما ترتفع أسعار الفائدة، تصبح الأصول الآمنة التي تدر عائدًا، مثل
- سندات الخزانة الأمريكية، أكثر جاذبية للمستثمرين. هذا يرفع "تكلفة الفرصة البديلة" لحيازة أصول
- لا تدر عائدًا مثل البيتكوين والذهب. لماذا يحتفظ المستثمر بأصل متقلب وعالي المخاطرة بينما يمكنه
- الحصول على عائد مضمون وخالٍ من المخاطر تقريبًا من السندات الحكومية؟ هذا المنطق يسحب
- السيولة من الأسواق المضاربية، بما في ذلك سوق الكريبتو، ويحد من
تدفق رؤوس الأموال الجديدة.
وينتظر المتداولون بقلق شهادة رئيس الفيدرالي،
جيروم باول، أمام الكونغرس هذا الأسبوع، حيث سيتم تحليل كل كلمة بحثًا عن أي
إشارات حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية في ضوء التطورات الأخيرة. أي تلميح
متشدد جديد من باول من شأنه أن يضيف المزيد من الضغط على أسعار العملات المشفرة.
#### **تأثير الدومينو معاناة سوق العملات البديلة**
وكما جرت العادة، عندما تتعرض البيتكوين لضغوطبيع، فإن سوق العملات البديلة (Altcoins) يعاني بشكل أكبر. لم تكن هذه المرة استثناءً، حيث امتد التأثير
السلبي كالنار في الهشيم. عملة الإيثر (Ether)، ثاني أكبر عملة
مشفرة، سجلت خسائر كبيرة، وكذلك فعلت العملات الرئيسية الأخرى مثل سولانا
(Solana) وXRP،
اللتان شهدتا انخفاضات حادة.
- حتى العملات ذات الطابع المجتمعي والمضاربي، مثل عملات الميم (Meme Coins) كدوجكوين
- (Dogecoin)، لم تكن بمنأى عن المذبحة، مما يدل على أن موجة البيع كانت شاملة ولم تفرق بين
- المشاريع ذات الأسس القوية وتلك التي تعتمد على الضجيج فقط.
#### **نظرة مستقبلية ضبابية قصيرة الأمد ومراقبة المستويات الرئيسية**
في الوقت الحالي، يبدو أن الخوف والمشاعر
السلبية هما المحركان الرئيسيان للسوق، وليس التحليلات الأساسية للمشاريع. تعتمد
النظرة المستقبلية على المدى القصير بشكل حاسم على عاملين: أولاً، مدى تهدئة
التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وثانيًا، طبيعة الرسائل التي سيبعث بها بنك
الاحتياطي الفيدرالي في الأيام المقبلة.
الختام
سيراقب المستثمرون عن كثب مستويات الدعم الفنية
للبيتكوين، حيث إن الفشل في الحفاظ عليها قد يفتح الباب أمام المزيد من الانخفاضات.
على الجانب الآخر، أي أخبار إيجابية على الصعيدين الجيوسياسي أو الاقتصادي قد توفر
بعض الراحة للسوق وتساعد في بناء أرضية صلبة للتعافي. لكن حتى ذلك الحين، تظل
الضبابية هي السمة الغالبة، ويبقى الحذر هو سيد الموقف في عالم الأصول الرقمية.