**صدام العمالقة: هل تحرق حرب ماسك وترمب ما تبقى من استقرار؟**
في مشهد يجمع بين دراما
تلفزيون الواقع والرهانات السياسية والاقتصادية الكبرى، انهار تحالف المصلحة الهش
بين الملياردير إيلون ماسك والرئيس السابق دونالد ترمب، ليتحول إلى مواجهة علنية
شرسة. هذا الصدام ليس مجرد شجار بين شخصيتين تتمتعان بنرجسية طاغية، بل هو زلزال
يُخشى أن تمتد ارتداداته لتضرب أسس السياسة الأمريكية والاقتصاد العالمي، تاركةً
الجميع في حالة من عدم اليقين. فما الذي يمكن أن نتوقعه من هذه الحرب المفتوحة؟
![]() |
**صدام العمالقة: هل تحرق حرب ماسك وترمب ما تبقى من استقرار؟** |
البداية
كانت العلاقة بين الرجلين منذ البداية "زواج مصلحة" بامتياز. رأى ترمب في ماسك حليفًا يمتلك ثروة هائلة ومنصة إعلامية عالمية (تويتر/إكس) قادرة على التأثير في الرأي العام، ودعم أجندته الشعبوية "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
- في المقابل، وجد ماسك في ترمب رئيسًا يمكن أن يمنح إمبراطوريته التجارية - من "تسلا" و"سبايس
- إكس" إلى طموحاته المريخية - امتيازات تنظيمية وعقودًا حكومية ضخمة. جمعهما أيضًا كُره
- مشترك لما أطلقا عليه "فيروس تيار اليقظة". لكن هذا التحالف، الذي بني على المصالح المشترك
- والعدو المشترك، لم يكن قادرًا على
الصمود أمام تضخم غرورهما وتضارب أجنداتهما.
الآن، وبعد أن انفرط العقد، انتقلت المعركة إلى العلن، وكل طرف يمتلك ترسانة أسلحة قادرة على إلحاق ضرر بالغ بالآخر. يمتلك ماسك القدرة على أن يكون مصدر إزعاج دائم لترمب. عبر منصة "إكس" وموارده المالية اللامحدودة
- يستطيع ماسك انتقاد سياسات ترمب الاقتصادية من منظور محافظ وليبرتاري، مما قد يجذب إليه
- شريحة من الناخبين الجمهوريين المتشككين. والأهم من ذلك، يمكنه تمويل حملات تستهدف مرشحي
- ترمب الموالين في الانتخابات النصفية، مما يهدف إلى تقويض قبضة الرئيس السابق على الحزب
- الجمهوري من الداخل. كما أنه قادر على تضخيم الروايات السلبية حول حياة ترمب الشخصية
- وصفقاته المالية، مما يجعله
كابوسًا إعلاميًا مستمرًا.
المقابل
في المقابل، يمتلك دونالد ترمب، إن عاد إلى البيت الأبيض، أدوات الدولة للانتقام. وكما هدد بالفعل، يمكنه استخدام سلطته الرئاسية لإلغاء العقود الحكومية المبرمة مع "سبايس إكس"، وفرض لوائح تنظيمية صارمة على "تسلا"، وفتح تحقيقات فيدرالية تستهدف ماسك شخصيًا
- أو حتى التلويح بترحيله كونه مهاجرًا من جنوب إفريقيا. هذه التهديدات ليست مجرد كلام، بل هي
- استعراض للقوة الغاشمة التي يمكن أن يستخدمها رئيس لا يتردد في توظيف سلطته كسلاح ضد
- خصومه.
لكن الخاسر في هذه المعركة لن يكون ماسك أو ترمب فقط. فكل جولة جديدة من هذا الصراع تضيف طبقة جديدة من الفوضى إلى اقتصاد أمريكي وعالمي يعاني بالفعل من الهشاشة. ستؤثر هذه الحرب على تدفقات الاستثمار، واستقرار الأسواق، وسلاسل التوريد
- مما ينعكس سلبًا على الوظائف ومستوى المعيشة لملايين الأشخاص حول العالم. إنها معركة لا يمكن
- لأحد أن يخرج منها
منتصرًا بالكامل؛ فكلاهما سيخسر جزءًا من سلطته وهيبته، وربما ثروته.
الختام
في نهاية المطاف، قد تنطبق على هذا الصراع مقولة هنري كيسنجر الشهيرة حول الحرب الإيرانية العراقية: "من المؤسف أنه لا يمكن لكليهما أن يخسر". وفي هذا السيناريو، نجد أنفسنا، الجمهور العالمي، مثل الأطفال العالقين في نزاع مرير بين والدين، حيث سنتلقى الضرر الأكبر بغض النظر عمن سيسدد الضربة الأخيرة.
فالعالم لا يحتاج إلى
مزيد من عدم الاستقرار، وهذه الحرب الشخصية بين عملاقين تهدد بحرق ما تبقى منه.