المخرج الصيني بي غان: عبقري انبعاث يحول الواقع
إلى خيال ملموس
المخرج الصيني بي غان
يعتبر المخرج الصيني بي غان (Bi Gan) من أبرز الأسماء الصاعدة في مشهد السينما الآسيوية المعاصرة. هذا الفنان الشاب، الذي
ينتمي إلى مجموعة المياو العرقية، لفت الأنظار سريعاً بأسلوبه البصري الفريد الذي
يمزج بين الواقعية الحالمة والتجريب السوريالي.
 |
| المخرج الصيني بي غان: عبقري انبعاث يحول الواقع إلى خيال ملموس |
المخرج الصيني بي غان: عبقري انبعاث يحول الواقع إلى خيال ملموس
- وقد أكد فيلمه الأحدث، انبعاث (Embers)، هذا التفرّد، حيث حطّ ضمن المسابقة الرسمية لـ مهرجان كان السينمائي وحصد "جائزة خاصة" تقديراً
لفرادته الجمالية وجرأته الفنية في معالجة مفاهيم الزمن والذاكرة.
رحلة بي غان السينمائية من كايلي بلوز إلى
العالمية
انطلق بي غان إلى الساحة الدولية بعد دراسة أكاديمية للسينما، مقدّماً
أعمالاً حملت بصمته الخاصة:
1.
(Kaili Blues الفيلم الروائي الطويل كايلي بلوز الأول الذي حقق نجاحاً نقدياً مهماً، وحصد عنه بي غان جائزة أفضل مخرج صاعد في مهرجان لوكارنو. تدور قصته حول طبيب ريفي
يقوده بحثه عن ابن شقيقه المفقود إلى قرية غامضة تتداخل فيها الأحلام بالذكريات.
- 2.
رحلة يوم طويل إلى
الليل شارك هذا الفيلم في قسم نظرة
ما بـ مهرجان كان، ويتتبع عودة شاب إلى مسقط رأسه في رحلة بحث عن
امرأة أحبّها يوماً.
فيلم انبعاث تحليل فني ورؤية سوريالية
يمثل فيلم انبعاث محطة فنية جديدة تؤكد اتساع الأفق البصري لـ بي غان. الفيلم لا يعتمد على قصة تقليدية، بل يقدم نفسه كـ قصيدة سوريالية تحاول القبض على ما تبقّى من الحلم، صانعاً تيهاناً للمشاهد في متاهة من
الصور والأزمنة.
المفاهيم والمحاور الرئيسية
·
السرد والزمن: لا يبدأ الفيلم من نقطة واضحة ولا ينتهي عند أخرى، بل يتقمّص
الشخصية المركزية الزمن، وتنتقل من جسد إلى آخر، كأنما الحلم هو وسيلتها الوحيدة
للبقاء.
·
البنية السداسية: يتألف الفيلم من ستة فصول، كل فصل مرتبط بحاسة من الحواس
الخمس، وتأتي "الروح" كخاتمة، ليكون كل فصل بمثابة باب نحو عالم موازٍ.
·
الشخصيات المحورية: تتمحور القصة حول الحالم الأخير (الذي يؤدي دوره جاكسون يي)، القادر على
التسلل إلى اللاوعي في مجتمع نسي كيف يحلم، والآنسة شو (شو كي) التي تستطيع الدخول إلى أحلامه.
الأسلوب
البصري والتأثيرات الجمالية لبي غان
إن الرؤية البصرية التي يطرحها بي غان تتجاوز حدود التجريب؛ إنها أشبه بمحاولة لخلق لغة سينمائية جديدة.
·
مدير التصوير: عمل مدير التصوير دونغ جينغسونغ على تحويل الواقع إلى خيال ملموس عبر تقاطع الظلال الحادة مع الزوايا الغريبة، والألوان المنطفئة مع الضوء
المتقلب.
·
الإلهام والرمزية: يستدعي المخرج موروث السينما التعبيرية الألمانية، لكنه يعيد تشكيله
ليلائم هواجسه المعاصرة.
·
الهدف الفني: أراد بي غان تقديم تجربة حسية انغماسية بعيداً عن التفسير
العقلاني، جاعلاً فعل المشاهدة تحية للسينما مشبّعة بالرموز والأحاجي.
دلالات العناوين والاحتفاء بالسينما
الصامتة
يكشف بي غان أن المشروع بدأ برغبة في استكشاف القرن العشرين وتاريخ
السينما. وتكشف عناوين الفيلم عن دلالات مزدوجة:
·
العنوان الإنجليزي (Embers): يحمل دلالة دينية ومرتبط
بفكرة بعث السينما وجمالها.
·
العنوان الصيني: يعبّر عن قسوة القرن العشرين.
فى الختام
ويوضح بي غان شغفه بـ السينما الصامتة وشخصياتها الأيقونية مثل
باستر كيتون وتشارلي تشابلن. وينتهي الفيلم كما بدأ،
داخل قاعة سينما، في حركة دائرية تؤكد دورة الميلاد والانبعاث الفني المستمر، في
تحية جذرية وغير حرفية لأصول السينما.
