recent
أخبار ساخنة

أسوأ 41 يوماً في تاريخ الأميركيين

 

أسوأ 41 يوماً في تاريخ الأميركيين

 الاقتصاد يندفع نحو الهاوية وتداعيات الإغلاق الحكومي غير المسبوق

 

شهد الاقتصاد الأميركي خلال الفترة الماضية واحدة من أسوأ مراحله، حيث تسببت أزمة الإغلاق الحكومي غير المسبوق في تدهور كبير في التوقعات الاقتصادية وشعور عام بالتشاؤم بين الأميركيين. هذه الفترة، التي امتدت لـ 41 يوماً، لم تكن مجرد أزمة سياسية عابرة، بل كانت انعكاساً لتحديات اقتصادية عميقة بدأت تظهر آثارها بوضوح على المستهلكين والأسواق على حد سواء.

شهد الاقتصاد الأميركي خلال الفترة الماضية واحدة من أسوأ مراحله، حيث تسببت أزمة الإغلاق الحكومي غير المسبوق في تدهور كبير في التوقعات الاقتصادية وشعور عام بالتشاؤم بين الأميركيين. هذه الفترة، التي امتدت لـ 41 يوماً، لم تكن مجرد أزمة سياسية عابرة، بل كانت انعكاساً لتحديات اقتصادية عميقة بدأت تظهر آثارها بوضوح على المستهلكين والأسواق على حد سواء.
أسوأ 41 يوماً في تاريخ الأميركيين


أسوأ 41 يوماً في تاريخ الأميركيين


 تراجع ثقة المستهلك مؤشر على التدهور الاقتصادي

 

يُعد مؤشر ثقة المستهلك من أهم المؤشرات التي تعكس الحالة النفسية والاقتصادية للأفراد، وهو بمثابة نبض للاقتصاد المستقبلي. وخلال هذه الأزمة، أظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته جامعة "ميشيغان" انخفاضاً حاداً في هذا المؤشر، حيث تراجع إلى 50.3 نقطة في هذا الشهر من 53.6 نقطة في أكتوبر الماضي. هذا التراجع ليس مجرد رقم عابر، بل يمثل أدنى مستوى للمؤشر منذ يونيو 2022، الذي سجل بدوره أدنى قراءة منذ بدء إجراء الاستطلاع في خمسينيات القرن الماضي.

 

وفي هذا السياق، أوضحت جوان هسو، مديرة استطلاعات المستهلكين في جامعة ميشيغان

 أن "مع استمرار إغلاق الحكومة الفيدرالية لأكثر من شهر، يعرب المستهلكون الآن عن مخاوفهم بشأن العواقب السلبية المحتملة على الاقتصاد". هذا التصريح يؤكد على الارتباط الوثيق بين الاستقرار السياسي والثقة الاقتصادية. الانخفاض بنسبة 6.2 في المئة عن أكتوبر، والانخفاض بنسبة 29.9 في المئة مقارنة بنوفمبر الماضي، يشير إلى تسارع في وتيرة التشاؤم.

 

 الاقتصاد على حافة الهاوية آراء الخبراء

 

تجاوزت هذه الأزمة التوقعات، حيث كان الاقتصاديون الذين استطلعت آراؤهم شركة "فاكت ست" يتوقعون تحسناً طفيفاً هذا الشهر. لكن الواقع كان مغايراً تماماً. وعلق كريس روبكي، كبير الاقتصاديين في شركة "فودبوندس"، قائلاً: "يبدو أن المؤشر يشير بالتأكيد إلى أن الاقتصاد على استعداد للانقلاب إلى الهاوية". هذه العبارة تحمل في طياتها تحذيراً جدياً من مستقبل قد يكون قاتماً إذا لم يتم تدارك الأوضاع بسرعة وفعالية.

 

 ارتفاع مستوى التشاؤم في مختلف الفئات نظرة تفصيلية

 

لم يقتصر تراجع ثقة المستهلك على فئة معينة، بل كان "واسع الانتشار" بين مختلف الأعمار ومستويات الدخل والانتماءات السياسية، كما أشارت جوان هسو. هذا التشتت في التشاؤم يعكس حجم المشكلة وعمق تأثيرها على جميع شرائح المجتمع الأميركي.

 

ومع ذلك، كان هناك استثناء وحيد ملحوظ

 المستهلكون الذين يستثمرون بكثافة في سوق الأسهم. فقد أفادوا بتحسن في معنوياتهم بنسبة 11 في المئة مع اقتراب سوق الأسهم من مستويات قياسية. هذا التناقض يلقي الضوء على طبيعة الاقتصاد الأميركي الذي قد يظهر قوة في قطاع معين بينما تتراجع قطاعات أخرى. وفي هذا الصدد، صرح كبير الاقتصاديين الأميركيين في "جيفريز" توماس سيمونز، بأن هذه الفئة من المستهلكين "الأكثر تأثيراً في بيانات الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي، لذا فإن استمرار القوة هنا أمر بالغ الأهمية لمرونة الاقتصاد بصورة عامة".

 

  • ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الاقتصاد في مأمن. فالمجموعة الوسطى من المستهلكين، التي تشكل
  •  شريحة واسعة من المجتمع، تعاني من تراجع في معنوياتها. وإذا لم تتمكن هذه المجموعة من الحفاظ
  •  على وتيرة إنفاقها، فقد تنكسر أرقام نمو الإيرادات أخيراً عن وتيرة نموها التي تفوق الاتجاه السائد
  •  مما سيؤثر سلباً على النمو الاقتصادي الكلي.

 

 ضعف الطلب وتأثير الرسوم الجمركية تحديات تواجه الاقتصاد

 

في منشور حديث، قالت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في سان فرانسيسكو ماري دالي، إن الاقتصاد الأميركي يعاني حالياً من ضعف الطلب. هذا التصريح يؤكد على مشكلة أساسية تواجه الاقتصاد، حيث أن ضعف الطلب يؤدي إلى تباطؤ الإنتاج والاستثمار، مما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

 

  1. وأشارت دالي أيضاً إلى أن تأثيرات الرسوم الجمركية المرتفعة على التضخم لا تزال محدودة. هذا
  2.  الأمر قد يكون إيجابياً في جانب، حيث لم تؤد الرسوم الجمركية إلى ارتفاع كبير في الأسعار، لكنه في
  3.  الوقت نفسه قد يشير إلى أن ضعف الطلب هو العامل الأكبر في تحديد مسار التضخم.

 وتابعت قائلة: "حتى الآن، اقتصرت آثار الرسوم الجمركية إلى حد كبير على السلع، مع تداعيات ضئيلة على أسعار الخدمات وتوقعات التضخم، التي لا تزال مستقرة نسبياً حول مستهدفنا، وتباطؤ نمو الأجور يشير إلى صدمة في جانب الطلب". هذه الملاحظة حاسمة، حيث أن استقرار أسعار الخدمات وتوقعات التضخم يمنح الاحتياطي الفيدرالي مساحة أكبر للمناورة في سياسته النقدية.

 

ودعت دالي إلى الانفتاح في شأن مناقشة أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل، من دون توضيح مسار محدد بشأن السياسة النقدية. هذا الموقف يعكس حالة عدم اليقين التي تكتنف المشهد الاقتصادي، وضرورة التروي في اتخاذ القرارات المصيرية. وأكدت أن المناقشات حول مسار الفائدة تتطلب ذهناً منفتحاً للبحث عن الأدلة الكافية لاتخاذ القرار الصحيح.

 

 قرب إنهاء إغلاق الحكومة الفيدرالية بصيص أمل؟

 

بعد 41 يوماً من الإغلاق الحكومي، وهو رقم قياسي في تاريخ الولايات المتحدة، ظهر بصيص أمل بإنهاء هذه الأزمة. فقد أقر مجلس الشيوخ تدبيراً لتمويل مؤقت بدعم من مجموعة من ثمانية ديمقراطيين من الوسط. جاء تصويت مجلس الشيوخ بغالبية 60 صوتاً مقابل 40 صوتاً، وسط تصاعد الاضطرابات في الرحلات الجوية وتأخير المساعدات الغذائية والإحباطات في القوى العاملة الفيدرالية التي لم تحصل على أجر في الغالب لأكثر من شهر.

 

وعلى الرغم من هذا التقدم

 لا يزال يتعين على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون الموافقة على حزمة الإنفاق، التي تبقي معظم الحكومة مفتوحة حتى 30 يناير وبعض الوكالات حتى 30 سبتمبر. لكن رئيس مجلس النواب مايك جونسون قال إنه يتوقع أن يتم تمريرها بسرعة. ومن المتوقع أن ينظر مجلس النواب، الذي لم يصوت منذ ما قبل بدء الإغلاق الحكومي، في مشروع القانون قريباً. وفي حال الموافقة عليه، يحال مشروع القانون إلى دونالد ترمب للتوقيع عليه.

 

  • توصل المعتدلون الديمقراطيون إلى اتفاق أسقط مطلب الحزب بتجديد إعانات قانون الرعاية الصحية
  •  الميسرة المنتهية الصلاحية، مما أثار غضب التقدميين الذين احتشدوا لمواجهة عالية الأخطار مع
  •  ترمب. وتعززت فرص إقرار مشروع القانون في مجلس النواب بفضل النائب آندي هاريس، رئيس
  •  كتلة الحرية المحافظة المتشددة، الذي عرض دعمه المشروط.

 

على الرغم من قرب إنهاء الإغلاق، فإن تداعياته ستستمر لفترة. فقد يستغرق الأمر أياماً حتى تعود حركة الطيران إلى طبيعتها، وربما فترة أطول بالنسبة إلى معظم الأميركيين ذوي الدخل المحدود، والبالغ عددهم 42 مليوناً، المسجلين في برنامج المساعدة الغذائية التكميلية، للحصول على استحقاقاتهم المتأخرة. ومن المرجح أن تشهد الحكومة الفيدرالية تراكمات وتأخيرات طويلة مع إعادة فتح أبوابها.

 

وقد أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تأييده الاتفاق الجاري مناقشته في مجلس الشيوخ بشأن التمويل الفيدرالي، وإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة. وقال: "أؤيد الاتفاق بناء على كل ما أسمعه عنه"، مشيراً إلى أن "هناك من يريد تعديل الاتفاق قليلاً، لكن بناء على ما أسمعه لم يطرأ أي تغيير وأن الدعم الحالي من الديمقراطيين كاف".

 

 الخلاصة طريق طويل نحو التعافي

 

تُظهر هذه الأزمة أن الاقتصاد الأميركي يواجه تحديات جمة، وأن الثقة هي عملة لا تقدر بثمن. الإغلاق الحكومي لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان له تداعيات اقتصادية واجتماعية عميقة، هزت ثقة المستهلكين وألقت بظلالها على التوقعات المستقبلية.

 

على الرغم من قرب انتهاء الإغلاق، فإن الطريق نحو التعافي الكامل سيكون طويلاً وشاقاً. يتطلب الأمر جهوداً متضافرة من جميع الأطراف، ليس فقط لإنهاء الأزمة الحالية، بل أيضاً لمعالجة الأسباب الجذرية لضعف الاقتصاد واستعادة ثقة الأميركيين في مستقبل بلادهم الاقتصادي. إن الأيام الـ 41 الماضية كانت درساً قاسياً حول مدى هشاشة الاقتصاد أمام الاضطرابات السياسية، وضرورة الحفاظ على الاستقرار لضمان الازدهار.

أسوأ 41 يوماً في تاريخ الأميركيين


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent