## رحلة البلاستيك: من النفط إلى التلوث
**مقدمة:**
البلاستيك، تلك المادة المتواجدة في كل مكان من
حياتنا، من عبوات المياه إلى أجهزة الكمبيوتر إلى ملابسنا، أصبح جزءاً لا يتجزأ من
عالمنا المعاصر. سهولة تصنيعه، تنوع استخداماته، وانخفاض تكلفته، جعلته مادة مثالية
للعديد من المجالات. لكن، خلف هذه الفوائد، تكمن حقيقة مخيفة عن أثر البلاستيك على
البيئة، وخاصة مع ضخامة كمياته المنتجة سنوياً.
## رحلة البلاستيك: من النفط إلى التلوث
**من أين يأتي البلاستيك؟**
لا ينبت البلاستيك من الأرض مثل النباتات، بل
يُصنع من خلال تحويل المواد الخام إلى منتجات جديدة.
**الخطوة الأولى: الاستخراج**
تبدأ رحلة البلاستيك من أعماق الأرض، حيث يتم
استخراج المواد الخام الأساسية مثل النفط والغاز الطبيعي. وربما تُستخدم الفحم
الحجري أيضاً، لكن بدرجة أقل. هذه المواد هي مزيج معقد من مئات المركبات، تحتاج
إلى معالجة إضافية قبل تحويلها إلى بلاستيك.
**الخطوة الثانية: التكرير**
تُستخدم عملية التكرير لفصل النفط الخام إلى
مكونات مختلفة، مثل المونومرات. تعتبر المونومرات اللبنات الأساسية لإنتاج
البوليمرات، والتي هي الأساس لتصنيع البلاستيك.
تُجرى عملية التكرير من خلال تسخين النفط الخام،
ثمّ تمريره عبر وحدة التقطير. تُفصل المواد الثقيلة عن المواد الخفيفة، ويتم
الحصول على مركب النفتا، وهو العنصر الأساسي في إنتاج البلاستيك.
**الخطوة الثالثة: البلمرة**
تُعدّ البلمرة العملية الأساسية في تحويل المونومرات
إلى بوليمرات. في هذه المرحلة، يتمّ اتحاد جزيئات صغيرة من المونومرات مع بعضها
البعض لتشكيل جزيئات كبيرة تُسمّى بوليمرات.
تتعدد أنواع البلمرة، لكن أشهرها نوعان:
* **البلمرة بالإضافة:** يتمّ اتحاد المونومرات
بشكل متسلسل، حيث يتمّ إضافة وحدة واحدة من المونومر في كل مرة. من الأمثلة على
ذلك البولي إيثيلين والبوليسترين والبولي فينيل كلوريد.
* **البلمرة بالتكثيف:** تتحد المونومرات مع بعضها البعض مع إزالة
جزيئات صغيرة مثل الماء. من الأمثلة على ذلك البوليستر والنايلون.
**الخطوة الرابعة: المضاعفة والمعالجة**
تُضاف إلى خليط البوليمرات مواد أخرى مثل
الملونات والمواد المُضافة لتعزيز خواص البلاستيك، مثل المتانة أو المرونة. ثمّ
تُسخّن المادة وتُشكّل إلى الشكل المطلوب باستخدام آلات خاصة مثل آلات البثق.
**أنواع البلاستيك:**
* **بوليمرات اللدائن الحرارية (Thermoplastics):** تتميز بوليمرات اللدائن الحرارية بقدرتها على التشكّل عند تسخينها ثمّ
تُصبح صلبة عند تبريدها.
* **بوليمرات الصلبة بالحرارة (Thermosets):** تُصبح بوليمرات
الصلبة بالحرارة صلبة بشكل دائم بعد تشكيلها ولا تُصبح لينة عند تسخينها.
**مجالات استخدام البلاستيك:**
تُعدّ تنوع استخدامات البلاستيك من أهمّ أسباب
انتشاره.
* **البناء:** تُستخدم المواد البلاستيكية في
تصميم بنايات مُستدامة ومتينة، مثل الجسور.
* **تصميم السيارات:** ساهمت المواد البلاستيكية
في تحسين السلامة والأداء وكفاءة استهلاك الوقود في السيارات.
* **تصنيع الالكترونيات:** أدت خفة وزن
البلاستيك ومتانته وتكلفته المنخفضة إلى ثورة في مجال الإلكترونيات، مثل أجهزة
الكمبيوتر والتلفزيون والهواتف المحمولة.
* **تغليف البضائع:** يُستخدم البلاستيك في
تغليف البضائع لحمايتها والحفاظ عليها، كما يُساهم في خفض الوزن خلال النقل.
* **الرياضة:**
تُستخدم المواد البلاستيكية في صناعة معدات السلامة الرياضية مثل الخوذات
وحمايات الفم، وذلك لمتانتها وخفة وزنها.
**لماذا يُعدّ البلاستيك ضاراً بالبيئة؟**
على الرغم من فوائده، يُعدّ البلاستيك تهديداً
خطيراً للبيئة.
* **مادة غير مُستدامة:** معظم أنواع البلاستيك غير قابلة لإعادة
التدوير، ويُصنع من مواد غير متجددة مثل النفط والغاز الطبيعي.
* **التحلل البطيء:** يستغرق البلاستيك مئات أو آلاف السنين ليتحلل،
وتُفرز مواد سامة خلال هذه العملية.
* **الميكروبلاستيك:** لا يختفي البلاستيك عند تحلله بل يتفكك إلى
جزيئات صغيرة تُسمّى ميكروبلاستيك، وتُشكل خطراً على الحياة البرية والبحار.
* **الخطر على الحياة البرية:** تُؤدي المواد البلاستيكية إلى موت آلاف الطيور
البحرية والسلاحف البحرية وغيرها من الكائنات بسبب تناولها أو التعلق بها.
**التحديات المستقبلية:**
* **التقليل من استخدام البلاستيك:** يجب التوجه نحو استخدام بدائل صديقة للبيئة مثل
المواد القابلة للتحلل الحيوي.
* **تحسين إعادة التدوير:** يجب تحسين تقنيات إعادة تدوير البلاستيك،
وتشجيع استخدام منتجات مصنوعة من البلاستيك المُعاد تدويره.
* **الوعي العام:** يجب رفع مستوى الوعي العام بأضرار البلاستيك،
وضرورة التقليل من استخدامه.
**تُعدّ مشكلة البلاستيك تحدياً عالمياً، ويتطلب
حلها تعاوناً دولياً، ومسؤولية فردية من
الجميع. فمُستقبل كوكبنا يتوقف على قراراتنا اليوم، واختياراتنا في استخدام
البلاستيك.**
**خاتمة:**
البلاستيك مادة ذات وجهين، فالجانب الأول يعكس فوائده المتعددة في حياتنا اليومية، بينما يكشف الجانب الآخر عن أضراره الكبيرة على البيئة.