## الحصن الحصين: سور القرآن الكريم ونصائح الوقاية من الحسد والعين
منذ فجر التاريخ، عانت البشرية من شرور العين
والحسد، تلك القوى الخفية التي تُمكن أن تُلحق الضرر بالنفوس والأجساد. وقد وجّهتْ
الشريعة الإسلامية الضوءَ على هذه
الظاهرة، لتُرشدَ المُسلمين إلى سبل الوقاية والتداوي من شرورها، مُستندةً
إلى القرآن الكريم وِسنّة نبيّنا الكريم -
صلى الله عليه وسلم -.
فقد كرّم الله - سبحانه وتعالى - القرآن الكريم
بأن جعله شفاءًا لكل داء، ومُحصّنًا للمُسلم من شرور العالم، بما في ذلك شرور
الحسد والعين.
ولِمَ لا؟
فَالقرآنُ هو كلام الله المُنزّل، وهو الكلام المعجز الذي يَصدُّ كلّ مُفسِدٍ،
ويُشفي من كلّ داء.
في هذا المقال، سنتعرف على بعض سور القرآن
الكريم ونصائح الوقاية من الحسد والعين، لِنُحصّنَ أنفسنا ونُدافع عنّا وعن
أحبّائنا من شرور هذه الظاهرة المُستترة.
## الحصن الحصين: سور القرآن الكريم ونصائح الوقاية من الحسد والعين
**سور القرآن الكريم تُحفظُ من الحسد والعين:**
لا شكّ أن القرآن الكريم يُعدّ أفضل دواء للقلب
والعقل والروح، وهو مُحصّنٌ للإنسان من كلّ شرّ. ولكنّ هناك بعض السور المُختارة
التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وسلم -
وتُعتبرُ أقوى سُبل الوقاية من شرور العين والحسد، ومن أهمها:
* **المعوّذات الثلاث:**
فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مُحرصًا
على قراءة المعوذات الثلاث (سورة الفلق، سورة الناس، سورة الإخلاص) بشكل دائم،
خاصّةً عند خلوده للنوم.
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُعوذُ من
العين، أو يُعوذُ من السحر، أو يُعوذُ من كلّ سوءٍ، فيقول: *أعوذ بكلمات الله
التامات من شرّ ما خلق*." (رواه
البخاري)
ففي المعوذات الثلاث، ينشدُ
المسلمُ حمايةً من شرور الجنّ والانس، ومن
نُزغات الشيطان، وذلك
بالتّمسكِ بكلماتِ اللهِ التّامّةِ
التّي تُحفظُ من
كلّ مُفسِدٍ.
* **سورة الإخلاص:**
هي سورة عظيمة الفضل، تُعدّ ثُلث القرآن
الكريم، وكانتْ من أهمّ سور القرآن التي حرصَ الرسول - صلى
الله عليه وسلم - على قراءتها بشكل دائم،
خاصّةً عند خلوده للنوم.
فقد روى الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
" قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: *من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مراتٍ
كفَتهُ من كلّ شيء*." (رواه الترمذي)
ففي سورة الإخلاص، يُؤكّدُ المسلم على توحيد الله وحده، وهذا التوحيدُ هو حصنٌ قويّ
يُدافعُ عن الإنسان
من كلّ شرّ،
ويُحفظُهُ من كلّ
سُوءٍ.
* **سورة البقرة:**
هي سورة عظيمة الفضل، تُعتبرُ من أهمّ سور
القرآن الكريم، فقد أثبتتْ العديدُ من
الروايات فضلَ قراءتها في الحفاظ على
الأمان من الحسد
والعين وغيرها من
الشّرورات.
فمن أهمّ آيات سورة البقرة التي يُستحبُّ قراءتها لحماية النفس من شرور
العين والحسد:
* **آية الكرسي:** وهي آية عظيمة الفضل، تُعدّ
حصنًا قويًّا ضدّ الشيطان والجنّ.
فقد روى
النّسائي عن عائشة -
رضي الله عنها - قالت: "قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: *ما من آيةٍ
في القرآن أعظمُ من آية
الكرسي، فَلاَ تُحَدِّثُونَها عنّي*.
* **الآيتان الأخيرتان في سورة البقرة:**
فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ مَن داوم على
قراءة هاتين الآيتين؛ كانتا له كافية وحافظة من كلّ شرّ، ومانعة من الحسد والعين.
ففي سورة البقرة، يُذكّرُ
الله - سبحانه وتعالى - المسلم
بِفضله وِبِقدرته، وِبِأنه
الحامي وَالحافظ لِعباده.
وِهَذا التذكيرُ يُحسّنُ
من مُناعة المسلم
ويُزيدُ من قدرته
على مُواجهة شرور
الحسد والعين.
**نصائح إسلامية للوقاية من الحسد والعين:**
إلى جانب الاعتماد على سور القرآن الكريم، فإنّ هناك
نصائح إسلامية تُعتبرُ خطواتَ وقايةٍ من شرور العين والحسد، ومن أهمّها:
* **الاستعانة بالله في كلّ أمرٍ:**
من أهمّ الأمور التي تُحفظُ المسلم من كلّ شرّ هي الاستعانة بالله في جميع
أموره، وِذلك بالتّوكل
عليه وَبالثّقة بِقدرته
على حمايته.
فقد قال الله - سبحانه وتعالى -: *وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ
وَكِيلًا* (الطلاق: 3).
ففي التّوكل على الله، يَشعرُ
المسلم بالأمان وِبالثّقة
في قدرة الله
على حمايته من
كلّ شرّ، وهذا
الشعور يُضعِفُ تأثير
الحسد والعين.
* **أذكار الصباح والمساء:**
من
أهمّ أذكار الصّباح
وَالمساء التّي تُحصّن
المسلم من الحسد
وَالعين هو قوله: *بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يُضَرُّ مَعَ اسْمِهِ
شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلاَ
فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيم* (الأنعام: 102).
ففي هذه الذّكَرِ، يُؤكّدُ
المسلم على قوةِ
الله وَعلى قدرته
على حمايته من
كلّ شرّ، وهذا
التأكيدُ يُحصّنُ المسلم
من الحسد وَالعين.
* **قول "ما شاء الله لا قوّة إلا بالله" عند رؤية شيءٍ جميل:**
فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرددُ هذه الكلماتِ
عند رؤيةِ شيءٍ جميلٍ، وِذلك
للّتعريفِ بِأنّ كلّ خيرٍ
من الله وحده.
ففي هذه الكلمات، يُذكّرُ
المسلم بِأنّ الجمال
وَالخير من الله
وحده، وِأنّه لا
يُمكن لِمخلوقٍ أن
يَتَحكّمَ بِهَذا الجمال
وَالخير.
* **عدم التباهي بالنعم:**
من
أسباب الحسد وَالعين
هو التباهي بالنعم
التي أنعم الله -
سبحانه وتعالى - عليها المسلم.
لِذا فإنّ على
المسلم أن يَحرصَ
على إخفاء هذه
النعم وَعدم التباهي
بها أمام الآخرين.
* **الدعاء للّحفظ من الحسد وَالعين:**
من
أهمّ الأدعية التّي
تُحفظُ المسلم من
الحسد وَالعين هو
قوله: *اللّهُمَّ إِنّي
أَعُوذُ بِكَ مِن
شَرِّ حَسَدِ الْحَاسِدِينَ*
.
ففي هذا الدّعاء، يُطلبُ
المسلم من الله -
سبحانه وتعالى - أن يَحميه
من شرور الحسد
وَالعين.
**ختامًا:**
إنّ الحسد والعين شرّان عظيمان، لِذا
فإنّ على المسلم
أن يَحرصَ على
حماية نَفسه وَأَحبابه
من هذين الشرّين بِالتّمسكِ
بِسور القرآن الكريم
وِبِالتّقيدِ بِنصائحِ الشّريعة
الإسلامية. وِبِذلك يُحصّن
نَفسه من كلّ
سوء وَيبقى آمنًا
في رعاية الله.