## "تاتا"... الإمبراطورية الهندية التي توسعت في بريطانيا
تُعد مجموعة "تاتا" واحدة من أبرز
وأكبر المجموعات التجارية العالمية، حيث تأسست في الهند عام 1868 على يد جامستجي
تاتا، وتوسعت بشكل ملحوظ خلال القرنين الماضيين لتصل إلى 100 دولة حول العالم. ومع
ذلك، فإن حضورها في بريطانيا يبرز بشكل خاص، حيث أصبحت واحدة من أكبر أرباب العمل
في القطاع الخاص هناك، مُثيرةً جدلاً
واسعاً حول حجم نفوذها وقدرتها على التأثير في السياسة البريطانية.
## "تاتا"... الإمبراطورية الهندية التي توسعت في بريطانيا
**من بورت تالبت إلى "جاغوار لاند روفر":**
بدأت رحلة "تاتا" في بريطانيا من خلال
الاستحواذ على شركة "كورس" للصلب عام 2007، واستمرت في التوسع بتملك شركات بارزة مثل "تيتلي"
للشاي، "برونر مونت" للكيماويات، و"جاغوار لاند روفر" لصناعة السيارات. أصبحت مجموعة "تاتا" الآن مسيطرة على
العديد من القطاعات الحيوية في بريطانيا، من السيارات إلى الشاي، من المواد الكيماوية إلى الخدمات الاستشارية،
مما يجعلها قوة اقتصادية هائلة.
**رحلة جامستجي تاتا إلى بريطانيا:**
كان جامستجي تاتا، مؤسس الإمبراطورية، من الزوار
المنتظمين لبريطانيا، حيث أُعجب بنجاحها الصناعي وخاصةً في مجال صناعة القطن. كان يهدف إلى نقل خبرات بريطانيا إلى
الهند، ليُساهم في نهضة بلاده. لكن في
حين ركز تاتا على الهند، واصل خلفاؤه
توسيع إمبراطوريته في بريطانيا، مُستغلين
الفرص الاقتصادية التي توفرها، ولكن قد
يُنظر إلى هذا التوسع على أنه يتناقض مع
قيم العدالة والمسؤولية الاجتماعية
التي تميز تاتا.
**أزمة "تاتا ستيل" و"بورت تالبت":**
أثار
إغلاق مصنع "تاتا ستيل" في
"بورت تالبت" عام 2016 جدلاً واسعاً،
حيث فقد العديد
من العمال وظائفهم. وعلى الرغم
من حصول
المصنع على تمويل حكومي لحل مشاكله،
فإن هذه الخطوة أثارت
سؤالاً هاماً: هل استغلت "تاتا" نفوذها
في بريطانيا لحل مشاكلها على حساب العمال؟
**النفوذ القوي لمجموعة "تاتا":**
إن
حجم استثمارات "تاتا" في بريطانيا
يجعلها في موقف قوي
أثناء مفاوضاتها مع الحكومة.
فمجموعة "تاتا" تُشغل أكثر من
60 ألف موظف في بريطانيا،
وتحقق أكثر من 24 مليار جنيه استرليني (31.4 مليار دولار) من
الإيرادات سنوياً. ولكن
قد يشعر البعض بالقلق
من قدرة مجموعة
من هذه الحجم
على التأثير في
القرارات الحكومية.
**رد "تاتا" على اتهامات النفوذ:**
ترد "تاتا" على
هذه الاتهامات بالتأكيد
على أن شركاتها
في بريطانيا مستقلة
وأن "تاتا سونز" (الشركة القابضة) لا
تملك أغلبية الأسهم
في شركاتها المدرجة.
وتؤكد على التزامها
بالعمل ضمن القيود
التي تفرضها قوانين
الأسواق والتزامها بالمعايير
الاقتصادية العالمية.
**آراء خبراء: **
بعض
الخبراء يعتقد أن
الاستقلال بين شركات "تاتا" في
بريطانيا قد لا
يكون كاملاً، حيث
قد توجد علاقات
غير رسمية بينها
تُمكنها من التأثير
في القرارات المتخذة.
كما يشير بعضهم
إلى أن "تاتا" تُساهم
في الاقتصاد البريطاني
بشكل مهم، وتُوفر
فرص عمل جديدة.
**توسع "تاتا" في صناعة السيارات: **
أُعيدت
علامة "جاغوار لاند روفر" إلى
الضوء من جديد
بعد أن اشترتها
"تاتا" عام 2008. وذلك بفضل
استثمارات "تاتا" الكبيرة
في تطوير النماذج
الكهربائية والهجينة، مما
أصبح أمرًا حيويًا
في رحلة بريطانيا
نحو التحول الأخضر.
**الاستثمار في صناعة البطاريات: **
قررت "أجراتاس"، وهي
ذراع "تاتا" لصناعة
البطاريات الكهربائية، اختيار
سومرست في بريطانيا
عام 2022 كموقع
لمصنع جديد بقيمة
أربعة مليارات جنيه
سترليني (5.2 مليار دولار). هذه
الخطوة تُعد ضخمة
في دعم التحول
الأخضر في صناعة
السيارات البريطانية، وذلك
من خلال توفير
تسعة آلاف وظيفة
جديدة.
**مستقبل "تاتا" في بريطانيا:**
من
المؤكد أن مجموعة "تاتا" ستظل
قوة اقتصادية كبيرة
في بريطانيا في
السنوات القادمة. وذلك
بفضل استثماراتها الكبيرة
في العديد من
القطاعات ومساهمتها في
خلق فرص عمل
جديدة. لكن يبقى
سؤال النفوذ والحجم
حاضراً، فقد يُنظر
إلى "تاتا" على
أنها لاعب جديد
في الساحة الاقتصادية
البريطانية، مما يُثير
الجدل حول علاقتها
مع الحكومة والتأثير
الذي قد تُمارسه.
**في
الخاتمة، يُمكن القول
إن مجموعة "تاتا" حاضرة
بقوة في بريطانيا
ولها دور مهم
في الاقتصاد البريطاني.
ولكن يبقى السؤال
حول مستوى نفوذها
وتأثيرها في القرارات
الحكومية موضوعاً للنقاش
والحوار. وتحتاج هذه
العلاقة إلى التوازن
بين دعم النمو الاقتصادي
و حماية مصالح
العمال والشعب البريطاني.**