recent
أخبار ساخنة

## صيادو الماموث: كيف أباد البشر الجبابرة؟

 

## صيادو الماموث: كيف أباد البشر الجبابرة؟

 

لألاف السنين، حيرت أسرار صيد الماموث العلماء والباحثين. كيف تمكن البشر الأوائل من اصطياد تلك الوحوش الضخمة، التي كانت تزن ما يعادل ثمانية أطنان، باستخدام أدوات بدائية؟ كان الاعتقاد السائد أن تلك القبائل اعتمدت على رمي الرماح الحجرية، "رؤوس رماح كلوفيس"، لقتل تلك الحيوانات.  لكن دراسة جديدة، نشرت في مجلة "بلوس وان" الشهر الماضي، تقدم نظرية مغايرة تمامًا عن هذه العملية.

 

تُرجّح الدراسة، التي أجراها علماء من جامعة "أوهايو" و"جامعة ولاية أريزونا"، أن صيادي الماموث لم يرموا تلك الرماح، بل غرسوها في الأرض كخوازيق، وانتظروا حتى تندفع تلك الحيوانات العملاقة نحوها، لتُصاب بأذى بالغ أو حتى تموت.


## صيادو الماموث: كيف أباد البشر الجبابرة؟

## صيادو الماموث: كيف أباد البشر الجبابرة؟



**رؤوس رماح كلوفيس: أداة سحرية؟**

 

"رؤوس رماح كلوفيس"، التي سُميت نسبةً إلى مدينة كلوفيس في ولاية نيو مكسيكو حيث تم اكتشافها لأول مرة، هي نوع فريد من أنواع الأدوات الحجرية، التي يعود تاريخها إلى ما قبل 13 ألف عام. تتكون هذه الرماح من أطراف مسننة مصنوعة من حجر الصوان، تتراوح أحجامها بين حجم الإبهام وجهاز آيفون. تتميز "رؤوس رماح كلوفيس" بحواف حادة للغاية، تُظهر ندبة محفورة في قاعدة كل منها.

 

اكتُشفت تلك الرماح في العديد من مواقع الآثار في أمريكا الشمالية، بما في ذلك مواقع اكتشاف عظام الماموث.  لمدة طويلة، كان الاعتقاد السائد أن تلك الرماح كانت تُستخدم كأسلحة رمي، مشابهة للسهام التي تُستخدم في الصيد اليوم. لكن هذه النظرية واجهت بعض التحديات:

 

* **الصخور المناسبة قليلة:**  لا يتوافر سوى عدد محدود من أنواع الصخور التي يمكن نحتها لتشكيل أطراف رماح متينة. لذلك، كان من غير المنطقي أن يُجازف الصيادون الأوائل برمي تلك الرماح الثمينة، التي كانت تُصنع بمهارة ودقة.

* **الضربة غير قوية:** أثبتت التجارب أن إطلاق الرماح المزودة "برؤوس رماح كلوفيس" على الماموث لم يكن يُشكل سوى وخز إبر في تلك الحيوانات العملاقة، التي تزن ما يعادل تسعة أطنان.

 

**نظرية جديدة: خُطّط لهم**

 

أظهرت الدراسة الجديدة أن هذه الرماح قد استخدمت كخوازيق ثابتة في الأرض، لاصطياد الماموث من خلال إصابتها بأذى بالغ. تشير الدراسة إلى أن الطاقة التي يمكن الحصول عليها من يد الإنسان ليست شيئاً يذكر بالمقارنة مع تلك المتولدة لدى الحيوان المندفع.

 

يُرجّح العلماء أن البشر الأوائل قد خططوا لاصطياد الماموث من خلال جرها نحو تلك الخوازيق، حيث أن القوة المختزنة في تلك الخوازيق المائلة من شأنها غرز الرماح عميقاً في جسم ضحاياها، والتسبب بأذى أكبر مما قد يتأتى من أشد الصيادين قوة في زمن ما قبل التاريخ.

 

**دليل عملي: من التجربة إلى النتائج**

 

أجرى العلماء اختبارات عملية لتأكيد نظرية الخوازيق. صنعوا منصة اختبار لقياس تفاعل نظام الرماح مع القوة المتولدة من الحيوان المندفع صوبها، كما قاسوا القوة التي تستطيع الرماح تحملها قبل أن تنكسر "رؤوس رماح كلوفيس".

 

أظهرت نتائج التجارب أن الصخور المسننة المثبتة عند قمم نظام الأسلحة، تعمل بطريقة مشابهة لتأثير الرصاصات المزودة بمقذوف مجوف، لجهة قدرتها على التسبب بـ"جراح خطرة" لحيوانات ماستادون وثور بيسون الضخم والقطط ذات الأسنان الخنجرية.

 

**ابتكار تقني: خطوة في سلم التطور**

 

تعتبر "رؤوس رماح كلوفيس" شاهداً على عبقرية الشعوب المحلية القديمة في سكن مناطق واسعة وباردة، والعيش مع قطعان من الحيوانات الضخمة التي باتت مندثرة الآن، مثل ماستادون والماموث.

 

يؤكد العلماء أن هذا الاكتشاف يثبت أن البشر الأوائل لم يكونوا مجرد كائنات بدائية، بل كانوا قادرين على ابتكار استراتيجيات صيد فعالة، تواكب قدراتها على التكيف مع البيئة المحيطة.

 

 **معركة الصيد: من أجل البقاء**

 

تُظهر الدراسة أن "رؤوس رماح كلوفيس" لم تكن مجرد أسلحة صيد، بل كانت أسلحة دفاعية أيضًا.  صُممت تلك الرماح لحماية مستخدميها، من هجمات الحيوانات الضارية.

 

تؤكد الدراسة أن  هذه التقنية المحلية الأصيلة، تُقدم مدخلاً إلى تقنيات الصيد والصراع من أجل البقاء، التي استُخدِمَتْ على مدار آلاف الأعوام في معظم أرجاء العالم.

 

**خاتمة: درس من الماضي**

 

تُقدم الدراسة الجديدة نظرة جديدة على أسرار صيد الماموث، وتُبرز قدرة البشر على التكيف مع الظروف القاسية، واكتشاف حلول مبتكرة للمشاكل التي تواجههم.

 

تُفتح الدراسة الباب أمام المزيد من الأسئلة عن حياة البشر الأوائل، وعن تطورهم، واستراتيجياتهم في التعامل مع العالم الطبيعي.  وتُذكرنا أن الماضي مليء بالأسرار التي لا تزال تُنتظر الكشف عنها، وأن رحلة  العلم لا تنتهي.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent