## تسارع اقتراض الحكومة البريطانية يفاقم أزمة الدين: تحديات موازنة راشيل ريفز
تواجه وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، تحدياً هائلاً وهي تستعد لإعلان أول موازنة لحكومة حزب "العمال" الجديدة الأسبوع المقبل. يأتي هذا التحدي في ظل ارتفاع حجم الاقتراض الحكومي بشكل غير مسبوق، مما يفاقم أزمة الدين العام ويضغط على الحكومة للعثور على حلول سريعة.
## تسارع اقتراض الحكومة البريطانية يفاقم أزمة الدين: تحديات موازنة راشيل ريفز |
ففي شهر سبتمبر الماضي، تجاوز حجم اقتراض
الحكومة البريطانية التوقعات الرسمية، محققًا مستوى قياسياً لم يشهده شهر سبتمبر
من أي عام منذ بدأت سجلات الاقتراض عام 1993. بلغ حجم الاقتراض 16.6 مليار جنيه
استرليني (21.5 مليار دولار) - زيادة
بنسبة 2.1 مليار جنيه استرليني (2.7 مليار دولار) مقارنةً بنفس الشهر من العام
الماضي - وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء
الوطني.
والمؤسف أن هذه الأرقام تفوق التوقعات الرسمية لمكتب مسؤولية الموازنة،
الذي قدر حجم الاقتراض بـ 15.1 مليار جنيه استرليني (19.5 مليار دولار)، وحتى توقعات
المحللين في استطلاع لوكالة "رويترز" التي قدرت الاقتراض بـ 17.5 مليار
جنيه استرليني (22.6 مليار دولار).
- يشير هذا الاتجاه المتصاعد في الاقتراض
- إلى ضغط متزايد على خزينة الدولة،
- ويشكل تحدياً كبيراً للحكومة الجديدة
- التي وعدت بتقديم
خدمات أفضل للمواطنين وإصلاح البنية التحتية وتحسين الاقتصاد.
**زيادة الإنفاق مقابل الضرائب:**
يشعر خبراء الاقتصاد بقلق متزايد من إمكانية
استمرار الاقتراض الحكومي
في الارتفاع في الأشهر القادمة. يفسر
هذا القلق ارتفاع كلفة خدمة الديون الحكومية
وإمكانية زيادة إنفاق
الحكومة على الخدمات العامة مثل التعليم والصحة.
- وقد أكد كبير وزراء الخزانة البريطانية، دارين غونز
- على ضرورة اتخاذ قرارات صعبة لإصلاح أساسات الاقتصاد البريطاني.
- وقال "إن الموازنة تتطلب قرارات صعبة لإصلاح أساسات اقتصادنا وقواعده
- والبدء في تحقيق
التغيير الموعود".
وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الوطني، في الأشهر
الستة الأولى من العام المالي الحالي (التي تبدأ في أبريل) وصل حجم الاقتراض الحكومي إلى 79.6 مليار جنيه
استرليني (103 مليارات دولار). هذه الزيادة تزيد بنسبة 1.2 مليار جنيه استرليني (1.5
مليار دولار) عن الفترة
نفسها من العام
الماضي.
- ويزيد هذا الرقم عن تقديرات مكتب مراقبة الموازنة
- الذي توقع في مارس الماضي أن يكون الاقتراض الحكومي
- في النصف الأول من العام المالي الحالي عند 73 مليار جنيه استرليني (94.6 مليار دولار).
- تؤكد
هذه الأرقام على
حجم التحدي الذي
تواجهه وزيرة الخزانة
رافعة مخاوف من
زيادة الضرائب لتمويل
هذا الاقتراض المتزايد.
**تجميد سقف شرائح ضريبة الدخل:**
وإذ
تلتزم حكومة "العمال" بوعدها
بعدم رفع ضريبة
الدخل، ضريبة القيمة
المضافة أو مستقطعات
التأمينات الاجتماعية للأفراد،
فإنها تهدد برفع
الضرائب بطرق أخرى
غير مباشرة.
فمن المرجح أن
تفرض حكومة "العمال" زيادات
في الضرائب عن
طريق تجميد سقف
شرائح ضريبة الدخل.
يعني تجميد هذا
السقف أن عدد
كبير من المواطنين
سيدخلون كل عام
في شريحة ضريبية
أعلى، مما يعني زيادة
مُستترة في ضريبة
الدخل.
وعلى
رغم تأكيد وزيرة
الخزانة على التزامها
بوعد حزبها بعدم
زيادة ضريبة الدخل،
فإن هذه الخطوة
تُعتبر إجراء ضريبي
غير مباشر من
شأنه زيادة العبء
على الأفراد ذوي
الدخل المتوسط والمنخفض.
**الضغط على الشركات:**
ولن
تُستثنى الشركات من
خطط حكومة "العمال" لزيادة
الإيرادات. من المتوقع
أن تزيد الحكومة
من ضريبة الأرباح
وضريبة التركات.
- ويسعى هذا النهج إلى تحقيق توازن بين العمل
- على تخفيف العبء على الأفراد وتحقيق العدالة الضريبية
- مع ضمان توفير
الإيرادات الكافية لمواجهة
أزمة الدين العام.
**ضرورة ضبط الدفاتر:**
يتفق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن زيادة
الضرائب وحدها لن تكون كافية لسد فجوة العجز الهائلة في الموازنة.
- تُشير هذه الواقعية إلى ضرورة اتخاذ حكومة "العمال"
- مجموعة من الإجراءات المالية لحل أزمة الدين العام،
- والتي ستكون من أهم بنود موازنة وزيرة الخزانة الأسبوع المقبل.
- ويُرجح أن تُعلن وزيرة الخزانة عن تعديل قواعد
- حساب الدين العام الحالية لتمكين الحكومة من الاقتراض
- أكثر من دون أن تظهر وكأنها تتجاوز سقف الدين
-
في انتهاك لقواعد
السلامة المالية.
ويرى
رواتب وود، أحد
خبراء الاقتصاد في
شركة "بانثيون إيكونوميكس"، أن
تعديل قواعد الدين
العام يمكن أن
يوفر لوزيرة الخزانة
مساحة من مناورة
مالية بقيمة 50
مليار جنيه استرليني (65
مليار دولار).
**العواقب المحتملة:**
وبحسب
بيانات مكتب الإحصاء
الوطني، وصلت نسبة
الدين العام إلى
الناتج المحلي الإجمالي
بنهاية شهر سبتمبر
الماضي إلى 98.5
في المئة. وتقترب
هذه النسبة سريعاً
من 100 في
المئة، وربما تُتجاوز
مع استمرار زيادة
الاقتراض.
وتُثير
هذه الزيادة في
نسبة الدين العام
مخاوف من تزايد
كلفة خدمة الدين
وتعقيد جهود الحكومة
في تنفيذ برنامجها
الاقتصادي.
وعلى
رغم تأكيد وزيرة
الخزانة على أهمية
تعديل قواعد حساب
الدين العام لضمان
استقرار النمو الاقتصادي،
فإن العديد من
الخبراء يحذرون من خطورة هذا
النهج في غياب
سياسات مالية وحكومية
فعالة.
فمن
المهم أن تُدرك
حكومة "العمال" أن
التعديل على قواعد
حساب الدين العام
لا يُمكن أن
يكون حلاً سحرياً
لأزمة الدين.
فالاقتراض
المتزايد لا يُمكن
أن يُستدام في
المدى الطويل، والتعديلات
التي تُجرى على
قواعد حساب الدين
العام لا تُمكن
أن تُخفي حقيقة
أن الاقتصاد البريطاني
يُعاني من نقص
في الإيرادات وعجز
في الموازنة.
**مواجهة التحدي:**
تُواجه
حكومة "العمال" في
بريطانيا تحدياً كبيراً
في السنوات القادمة
لتحقيق الاستقرار الاقتصادي
وخفض الدين العام.
- وتُعتبر موازنة وزيرة الخزانة الأسبوع المقبل خطوة حاسمة
- في هذه الرحلة. وتُشير المؤشرات الحالية إلى أن الحكومة
- ستُركز على زيادة الإيرادات
- من
طريق رفع الضرائب
وتعديل قواعد حساب
الدين العام.
ولكن
من الواضح أن
هذه الخطوات لن
تُحقق أهدافها في
غياب إصلاحات مالية
ومؤسسية أعمق.
وإذا
أرادت حكومة "العمال" أن
تُحقق النمو الاقتصادي
والاستقرار المالي، فعليها
أن تتخذ خطوات
جادة للتحكم في
الاقتراض وإصلاح البنية
التحتية وخلق بيئة
استثمارية جذابة للاستثمارات
الأجنبية.
فأزمة
الدين العام في
بريطانيا ليست مشكلة
مالية فحسب، بل
هي مشكلة سياسية
واقتصادية أوسع.
وتُعتبر
موازنة وزيرة الخزانة
الأسبوع المقبل فرصة
للحكومة ليُظهر العالم
أنها على قدر
التحدي وأنها ستعمل
على حل هذه
الأزمة بشكل فعال
ومستدام.