## هل تواجه جامعات بريطانيا خطر الإفلاس؟
تُشهد الساحة التعليمية في بريطانيا أزمة تمويل حادة،
تهدد مستقبل بعض الجامعات، بينما يتجه آلاف الطلاب نحو بداية عام دراسي جديد في
سبتمبر. مع سيارات مُحملة بأمتعة الحياة الطلابية تملأ الطرق السريعة، يتساءل
البعض عن مدى قدرة بعض هذه المؤسسات على البقاء على قيد الحياة في السنوات القادمة.
## هل تواجه جامعات بريطانيا خطر الإفلاس؟
فبعد عقد من تجميد الرسوم الدراسية للطلاب، وتقلص أعداد
الطلاب الدوليين، تتراكم الديون على الجامعات، مما يُعرّض بعضها لخطر الإفلاس. هذه
الأزمة ليست مقتصرة على جامعات معينة، بل تُؤثر على جميع قطاعات التعليم العالي،
بدءاً من الجامعات العريقة، وصولاً إلى الجامعات الحديثة.
**أزمة ديون متزايدة:**
تشير البيانات إلى أن 40% من الجامعات البريطانية مُتوقّع أن تُسجّل عجزاً مالياً هذا العام، مع انتشار عمليات تسريح الموظفين في جميع أنحاء القطاع. وقد شهدت جامعة "شرق أنغليا" العام الماضي خسائر قُدّرت بـ74 مليون جنيه إسترليني، بينما أعلنت جامعة لينكولن عن مواجهة "متاعب مالية".
- وُضِعت العديد من الجامعات الأخرى تحت ضغط إعادة هيكلة الميزانية
- وتخفيض عدد الموظفين، مثل جامعة غولدسميث وجامعة لندن وكوفنتري ويورك وكارديف.
- في حين أن احتمالية انهيار كامل لبعض الجامعات منخفضة،
- إلا أن هذه الأزمة تُشكل لطخة سيئة على سمعة قطاع التعليم العالي في المملكة المتحدة، الذي يُعتبر من بين أفضل الأنظمة في العالم بعد الولايات المتحدة.
**من المسؤول عن هذه الأزمة؟**
إنّ التساؤل عن المسؤولية، وإن كان مهماً، ليس هو
الموضوع الأساسي. إنّ الأهم هو البحث عن
الحلول المُمكنة لإنقاذ قطاع التعليم العالي في بريطانيا.
في الآونة الأخيرة، خرج العديد من المسؤولين عن الجامعات
والهيئات الممثلة لعدة رابطات جامعات لمناقشة هذه الأزمة، لكنّ عدداً كبيراً منهم
يُلقي باللوم على الطلاب وعائلاتهم.
**حلولٌ قاسيةٌ تُرهق كاهل الطلاب:**
تُناقش بعض الجهات رفع رسوم الدراسة للطلاب البريطانيين. وتُشير بعض الأصوات إلى أنّ معظم العائلات
ستفهم ضرورة رفع الرسوم، لكنّ الواقع يختلف تماماً.
تُعاني جميع العائلات تقريباً، باستثناء ذوي الدخل
الأعلى، في سبيل تعليم أبنائهم في الجامعات.
فمنح الدعم المالي من قبل الآباء محدود، ويُصبح أعباء الديون الطلابية
ثقلاً إضافياً على أكتاف الطلاب.
- تتراوح معدلات الفائدة على ديون الطلاب بين 4.3% و7.3%،
- مما يُعرّضهم لأعباء مالية كبيرة.
- فقد أشار بروفيسور تشارلي جيفري، نائب رئيس جامعة يورك،
- إلى أنّ الطلاب البريطانيين يُصبحون مثقلين بالديون الطلابية الأعلى في العالم.
- وقد أدخلت الحكومة البريطانية تعديلات على النظام، لكنّ هذه التعديلات
- زادت من مدة سداد الديون، مما يُؤثر على ذوي الدخل المتوسط والمنخفض بشكل سلبي.
**نظامٌ تعليميٌ يُساهم في تعميق التفاوت:**
إنّ النظام التعليمي الحالي في بريطانيا يُساهم في تعميق
التفاوت، حيث يُصبح أصحاب الدخل المنخفض أكثر تضرراً من أصحاب الدخل المرتفع. فمنح الإعالة تُقدم للأسر التي لا يتعدى
مدخولها السنوي 25 ألف جنيه فقط، مما يُشكل تحدياً كبيراً للعديد من الطلاب.
في حين أن بعض الجامعات تُوظّف أشخاصاً من أشد المناطق
حرماناً، مثل جامعة تيسايد، تُعاني هذه
الجامعات من نقص في التمويل، مما يُؤثر على قدرتها على تقديم الدعم اللازم للطلاب.
**تُوجّه أصابع الاتهام نحو الحكومة:**
إنّ الأزمة الحالية في قطاع التعليم العالي في بريطانيا
هي نتيجة قرارات اتخذتها حكومات سابقة، بدءاً من حكومة توني بلير، واستمرّت مع
حكومة جون مايجور.
وقد تم توسيع نظام التعليم العالي بشكل كبير، دون مراعاة
العواقب المالية التي قد تُلحق بالطلاب وعائلاتهم.
**حلولٌ بديلةٌ: **
يُمكن التخفيف من عبء الديون الطلابية من خلال خيارات
عدّة:
- * **إزالة رسوم الفوائد**: يُمكن للحكومة أن تُزيل رسوم الفوائد عن ديون الطلاب أو تُقلّلها، بما يتناسب مع المعدل الذي تُقرض به الحكومة.
- * **ضريبة الخريجين**: يُمكن فرض ضريبة تصاعدية على أجور الخريجين، لضمان مشاركة الخريجين في تغطية تكلفة تعليمهم.
- * **زيادة المنح**: يُمكن زيادة كمية المنح المتوفرة للطلاب، مع تقديم منح غير قابلة للاسترداد.
- * **تقديم المنح للوظائف المهمة**: يُمكن تقديم منح دراسية للعاملين في الوظائف المهمة، مثل التمريض والتعليم، لحثّ الطلاب على الالتحاق بهذه التخصصات.
- * **توسيع نظام التلمذة المهنية**: يُمكن للجامعات توسيع نظام التلمذة المهنية، وإشراك أصحاب العمل في دفع تكاليف الدراسة.
**مُستقبلٌ غامضٌ:**
مع دخول العام الدراسي الجديد، يظل مُستقبل قطاع التعليم
العالي في بريطانيا غامضاً.
تُنتظر خطوات الحكومة البريطانية في 30 أكتوبر (تاريخ
إعلان الميزانية) مع وجود توقعات بإعلان
أخبارٍ سيئة.
يُتوقع أن تُؤدّي الأزمة الحالية إلى زيادة مؤقتة في
الرسوم الدراسية البريطانية، لكنّ هذا الحل لن يكون كافياً لحل المشكلة.
إنّ الاحتياج
ملحّ لإجراء مراجعة شاملة لطريقة تمويل التعليم العالي في المملكة المتحدة، ووضع حلولٍ عادلةٍ تُساهم في ضمان استدامة هذا القطاع، وتُخفّف عن كاهل الطلاب وأُسرهم.
ختام
إنّ التعليم العالي في بريطانيا هو أداة أساسية لبناء
مستقبل مُشرق، ولكنّه لا يُمكنه البقاء
على قيد الحياة دون إيجاد حلولٍ حقيقيةٍ تُساهم في ضمان استدامة هذا القطاع vital.