## أسماء محظورة في "تشات جي بي تي": لغز يتجاوز حدود الذكاء الاصطناعي
في عالمٍ يتسارع فيهالتطور التكنولوجي، ويغدو فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية،
تطل علينا بين الحين والآخر مفارقاتٌ تثير الدهشة والتساؤلات. ولعلّ إحدى هذه
المفارقات، التي شغلت بال العديد من المستخدمين، هي تلك المتعلقة بـ "تشات جي
بي تي" (ChatGPT)، روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء
الاصطناعي، والذي أظهر في بعض الأحيان ميلاً غريباً نحو حظر ذكر أسماء بعينها.
## أسماء محظورة في "تشات جي بي تي": لغز يتجاوز حدود الذكاء الاصطناعي |
هذه الظاهرة، التي بدت
في البداية وكأنها مجرد خلل تقني، سرعان ما تحولت إلى قضية تستدعي التفكير في
طبيعة هذه التقنيات وتأثيرها المحتمل على حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات.
**البداية ديفيد ماير والقائمة الغامضة**
البداية كانت مع اسم
ديفيد ماير، حيث لاحظ المستخدمون أن "تشات جي بي تي" يرفض بشكل قاطع ذكر
هذا الاسم، وبدلاً من تقديم إجابة، كان يرد برسالة مقتضبة: "لا أستطيع تقديم
رد". هذا التصرف أثار استغراب الكثيرين، ودفعهم إلى التساؤل عن الأسباب
الكامنة وراء هذا الحظر المفاجئ. لم تقدم شركة "أوبن أي آي" (OpenAI)، المطورة للروبوت، أي تفسير واضح أو رسمي في البداية.
- وبعد فترة من التساؤلات والتحليلات
- بدت الشركة وكأنها قد أصلحت هذا الخلل
- وأصبح "تشات جي بي تي" قادراً على ذكر اسم ديفيد ماير.
- لكن هذا الإصلاح لم يكن نهاية القصة
- فسرعان ما تبين أن هناك قائمة أخرى من الأسماء
- التي لا يزال الروبوت يرفض التعامل معها
- ومن بينها ديفيد فيبر، وبريان هود، وغويدو سكورزا
- وجوناثان تورلي، وجوناثان زيترين.
**تفسيرات محتملة بين الخصوصية والتحيزات والرقابة**
هذا الحظر المريب أثار
العديد من التكهنات والتفسيرات المحتملة. فما الذي يدفع نظاماً ذكياً إلى رفض ذكر
أسماء معينة؟
1. **مخاوف الخصوصية وقانون حماية البيانات العامة (GDPR):** أحد
التفسيرات الأكثر تداولاً هو أن هذا الحظر قد يكون نتيجة لطلبات مُقدمة بموجب "قانون
حماية البيانات العامة" (GDPR)، وهو قانون يمنح
الأفراد الحق في طلب حذف بياناتهم من خوادم الشركات التكنولوجية. وفقاً لهذا
التفسير، فإن الأشخاص الذين ترفض "تشات جي بي تي" ذكر أسمائهم قد يكونون
قد طلبوا حذف بياناتهم من الشركة.
2. **تحيزات البيانات ومجموعات البيانات غير المكتملة:** تفسير آخر
قدمه "تشات جي بي تي" نفسه، عندما سُئل عن سبب عدم قدرته على ذكر اسم
ديفيد ماير في السابق، حيث أشار إلى "مخاوف تتعلق بالخصوصية، وتحيزات
البيانات، ومجموعات غير مكتملة من البيانات"، بالإضافة إلى مشكلة محتملة في
آليات فلترة المحتوى. هذا التفسير يشير إلى أن البيانات التي تدرب عليها الروبوت
قد تكون غير متوازنة، وقد تتضمن تحيزات تؤدي إلى حظر بعض الأسماء بشكل غير مقصود.
3. **مشاكل تقنية في آليات الفلترة:** قد يكون الخلل ناتجاً عن
مشاكل تقنية في آليات فلترة المحتوى الخاصة بالروبوت، حيث قد يتم حظر بعض الأسماء
عن طريق الخطأ، أو نتيجة لتصنيفها بشكل غير دقيق.
4. **الرقابة وحماية المصالح:** بعض المستخدمين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، معربين عن قلقهم من أن يكون هذا
الحظر بمثابة رقابة على منصات التكنولوجيا الكبرى، لحماية مصالح شخصيات معينة
لديها القدرة على التأثير على هذه المنصات. هذا التفسير يثير تساؤلات جوهرية حول
مدى استقلالية هذه الأنظمة الذكية، وإمكانية استخدامها كأدوات للرقابة والتلاعب
بالمعلومات.
5. **تأثير سترايسند:** أشارت بعض التكهنات أيضاً إلى تأثير "سترايسند"،
وهو ظاهرة تحدث عندما تؤدي محاولة إخفاء أو تقييد معلومة معينة إلى انتشارها بصورة
أوسع وأكبر عن غير قصد. وفي هذا السياق، قد تكون محاولات بعض الأفراد لحذف أسمائهم
من المنصات التكنولوجية قد أدت بشكل غير مباشر إلى لفت الانتباه إليها، وبالتالي
إلى تسليط الضوء على هذه القضية.
**أوجه الخلل في التفسيرات**
على الرغم من هذه
التفسيرات المحتملة، إلا أن هناك بعض أوجه الخلل فيها. فإذا كان الحظر ناتجاً عن
طلبات بموجب "قانون حماية البيانات العامة"، فلماذا لم يتم الإعلان عن
ذلك بشكل رسمي؟ ولماذا لا يزال الروبوت يرفض ذكر أسماء أخرى لم يتقدم أصحابها
بطلبات مشابهة؟ وإذا كان السبب هو تحيزات البيانات، فلماذا تستمر هذه التحيزات بعد
التحديثات التي تجريها الشركة؟
**جوناثان تورلي وحالة التشهير المزعومة**
هناك حالة أخرى تستدعي الانتباه، وهي حالة البروفيسور جوناثان تورلي، الذي كتب ذات مرة منشوراً ادعى فيه أن "تشات جي بي تي" قد شوه سمعته. وتواصلت معه مؤسسة إعلامية، حيث نفى البروفيسور تورلي قيامه بأي دعاوى قضائية ضد "أوبن أي آي".
- ولكنه اتهمها باختلاق فضيحة تحرش جنسي عنه في عام 2023.
- هذه الحالة تثير تساؤلات حول مدى دقة وموثوقية المعلومات
- التي يقدمها الروبوت، وإمكانية استخدامه كأداة للتشهير ونشر
المعلومات المضللة.
**تداعيات أعمق بين حرية التعبير والذكاء الاصطناعي**
هذه القضية تتجاوز مجرد
خلل تقني في نظام ذكاء اصطناعي، فهي تثير تساؤلات جوهرية حول علاقة الذكاء
الاصطناعي بحرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات. فهل يمكن أن تتحول هذه
التقنيات إلى أدوات للرقابة والتحكم في المعلومات؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى خلق واقع
بديل يتم فيه حظر بعض الأسماء والأفكار؟
- لا شك أن هذه القضية تتطلب مزيداً من الشفافية والمساءلة
- من قبل الشركات المطورة لهذه التقنيات.
- يجب أن يكون هناك فهم واضح لكيفية عمل هذه الأنظمة
- وللآليات التي تستخدمها لفلترة المعلومات.
- ويجب أن يكون هناك أيضاً حوار مفتوح
- حول الآثار الأخلاقية والاجتماعية
المترتبة على استخدام هذه التقنيات.
**نحو مستقبل أكثر وعياً**
في نهاية المطاف، فإن
قضية الأسماء المحظورة في "تشات جي بي تي" هي بمثابة تذكير لنا بأن
التكنولوجيا ليست محايدة، وأن لها تأثيرات عميقة على مجتمعنا. يجب أن نكون أكثر
وعياً بهذه التأثيرات، وأن نعمل على تطوير هذه التقنيات بطريقة مسؤولة وأخلاقية،
تضمن حرية التعبير والوصول إلى المعلومات للجميع، بدلاً من أن تتحول إلى أدوات
للرقابة والتلاعب. إن مستقبلنا يعتمد على قدرتنا على التفكير النقدي والتعامل
بذكاء مع هذه التحديات الجديدة التي يفرضها علينا الذكاء الاصطناعي.