الاقتصاد العالمي في 2025: بين ضبابية السياسات الأمريكية وتوقعات مترددة
يشكل الاقتصاد العالمي
في عام 2025 لغزًا محيرًا، يلفه ضباب من عدم اليقين، خاصةً مع اقتراب تولي إدارة أمريكية جديدة زمام السلطة. فبينما تصدر مؤسسات التصنيف الائتماني توقعاتها للاقتصاد العالمي
للربع الأول من العام، فإنها تتردد في تقديم صورة واضحة لما ينتظرنا، وذلك بسبب
التأثيرات غير المتوقعة للسياسات الاقتصادية والمالية والتجارية للإدارة الجديدة.
الاقتصاد العالمي في 2025: بين ضبابية السياسات الأمريكية وتوقعات مترددة |
فمن الصعب تقييم مدى تأثيرها
على أكبر اقتصاد في العالم، والذي بدوره يمتد تأثيره إلى معظم دول العالم، مُشكلاً
مُعظم الاقتصاد العالمي.
مؤسسات
لم تُجرِ مؤسسات مثل ستاندرد أند بورز تغييرات جوهرية في توقعاتها حتى نهاية الربع الأول من عام 2025، مُعلنةً عن تقاريرها بعناوين تحذيرية مثل "استعدوا"، مُشيرين بذلك إلى زيادة الأخطار السلبية على الاقتصاد العالمي بدرجات غير محددة بعد. فالتأثيرات الأولية للسياسات المعلنة حتى الآن تبدو محدودة على فرص النمو.
- مع ارتفاع الضغوط التضخمية
- واحتمالات توقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة أسرع من المتوقع.
- هذا يُشير إلى عودة تشديد السياسات النقدية والمالية
- مما يؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي
- ويزيد من تعقيد المؤشرات الكلية للاقتصادات العالمية.
استمرار التقديرات الحالية مع تحذيرات مُبطنة
بغض النظر عن مدى تطبيق الإدارة الأمريكية الجديدة لتعهداتها بشأن السياسات الاقتصادية، المالية، التجارية، والهجرة – سواءً بشكل كامل أو جزئي – فإن احتمالية انتهاء حقبة الإنفاق الاستهلاكي القوي والطلب الجيد في سوق العمل تبدو كبيرة. تُبقي التقديرات الحالية للاقتصادات الكبرى على وضعها بشكل عام.
- بقيادة الاقتصاد الأمريكي الذي حقق نموًا ربع سنويًا
- قدره 2.8% في الربع الثالث من العام الجاري.
- وإن كان هذا المعدل أقل قليلاً من معدل النمو في الربع الثاني
- إلا أن الإنفاق في قطاع الخدمات والطلب على
العمالة لا يزال قويًا.
ثانى اقتصاد فى العالم
أما ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الصين، فلا تزال معدلات نموها أقل من النسبة المستهدفة رسميًا عند 5%. يعكس هذا الوضع التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني نتيجةً لأزمة القطاع العقاري، على الرغم من أن الأثر الكامل لحزم التحفيز الأخيرة التي قدمتها الحكومة الصينية لم يظهر بعد. أما بالنسبة لاقتصاد دول الاتحاد الأوروبي.
- فمن المتوقع استمرار النمو البطيء
- متفاديًا الركود، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي نموًا
- ربع
سنويًا قدره 1.6% في الربع الثالث من العام الجاري.
ملاحظة
ومع ذلك، يُلاحظ تباطؤ انخفاض معدل التضخم في الاقتصادات الكبرى، أو عودته إلى الارتفاع الطفيف مؤخراً، رغم اقترابه من النسبة المستهدفة. وستُواصل البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة، لكن بمعدلات أبطأ من المتوقع سابقا.
- مما يُبقي تكلفة الاقتراض عالية.
- كان البنك المركزي الكندي في طليعة البنوك المركزية
- في خفض سعر الفائدة (1.25% خلال 2024)
- بينما خفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة بـ 0.75% وبنك إنجلترا بـ 0.5%
- بينما لم يخفض البنك
المركزي الأسترالي الفائدة هذا العام.
إعادة النظر في توقعات خفض سعر الفائدة
بدأت الأسواق بالفعل بإعادة النظر في تقديراتها لخفض سعر الفائدة، حيث تتوقع الآن عدم خفض الفيدرالي لسعر الفائدة عن 3.9%، مقابل توقعات سابق كانت تشير إلى خفض أكبر (2.9%). وبالتزامن مع ذلك، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية المتوسطة الأجل (10 أعوام) في الأشهر الأخيرة.
- ليصل إلى 4.5% في نهاية نوفمبر الماضي
- مقارنة بـ 3.8% في سبتمبر 2024.
- ونتيجة لتعديل توقعات خفض سعر الفائدة
- واصل الدولار الأمريكي زيادة قيمته مقابل العملات الأخرى
- حيث ارتفع بنسبة 7% منذ نهاية سبتمبر.
توقعات نمو مُتباينة
نظراً لعدم اليقين وبانتظار سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة ونتائجها، أبقت "ستاندرد أند بورز" على تقديراتها السابقة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الكبرى والاقتصاد العالمي، على الأقل حتى نهاية الربع الأول من عام 2025. وحسب السيناريو الأساسي، تتباين أوضاع الاقتصادات الكبرى والصاعدة. فبالنسبة للولايات المتحدة.
- سينمو الاقتصاد بنسبة 2% أو أقل قليلاً العام المقبل
- قبل أن يعاود الارتفاع، وسيشهد اقتصاد منطقة اليورو نموًا مُتسارعًا
- وإن كان بمعدلات بطيئة.
- أما الصين، فمن المتوقع أن تشهد نموًا بنسبة 4%
- نتيجة لتأثير الرسوم والتعريفات الجمركية
الأمريكية.
ويتوقع أن يحقق
الاقتصاد الياباني نموًا بنسبة 1%، والناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا نموًا
بنسبة 1.5%. ستبقى الهند في مقدمة الاقتصادات الأسرع نموًا، وإن تباطأ معدل نمو
الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل قليلاً من 7% في الأعوام المقبلة. وسيصل نمو
الاقتصاد في البرازيل والمكسيك إلى 2% وفي جنوب أفريقيا إلى 1.5%.
مخاوف الحمائية وتأثيرها على الدول النامية
تلك السيناريوهات الأساسية لنمو الناتج المحلي الإجمالي قابلة للتغيير في الأشهر المقبلة، نتيجةً لسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة. من المُتوقع أن تكون الأضرار على الدول الصاعدة والنامية مُتباينة الحجم والنطاق.
- مع مخاوف من ردود أفعال اقتصادية عقابية مُضادة
- مما يُزيد من الأضرار التي ستُلحق بالاقتصادات الصاعدة والنامية بشكل خاص.
- مع ذلك، تشير معظم التوقعات
- إلى أن يكون تطبيق الإدارة الأمريكية لتهديداتها متواضعًا
- باستثناء الرسوم والعُنوان الجمركي على الصادرات الصينية.
الختام
يبقى القلق قائمًا حول
موجة سياسات حمائية مُتصاعدة، لا تضر بالتجارة العالمية فقط، بل بفرص النمو في
كثير من الدول، خصوصاً تلك التي تعتمد في دخلها على عائدات الصادرات والتي تحتاج
إلى استثمارات خارجية مباشرة كبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي. يبقى التنبؤ بالمستقبل
صعبًا، ولا يزال الاقتصاد العالمي في انتظار قرارات السلطات الأمريكية لتحديد
ملامح المرحلة القادمة.