**"مرآة سوداء" تعود من جديد: الموسم السابع المرتقب ينطلق على نتفليكس حاملاً معه أسئلة المستقبل المقلقة**
يترقب عشاق الدراماالتلفزيونية والخيال العلمي بلهفة وشغف عودة واحدة من أكثر السلاسل التلفزيونية
إثارة للجدل والتفكير في العقد الأخير. ففي تطور طال انتظاره، أعلنت منصة البث
العالمية نتفليكس عن موعد انطلاق عرض الموسم السابع من مسلسل الأنثولوجيا الشهير "Black Mirror" (مرآة سوداء)، وذلك يوم الخميس الموافق العاشر من أبريل الجاري.
هذا الإعلان لم يكن مجرد خبر عابر، بل بمثابة شرارة أشعلت حماس الملايين حول العالم،
وأعادت إلى الأذهان النقاشات العميقة حول علاقة البشرية المتشابكة والمقلقة
أحيانًا مع التكنولوجيا المتسارعة.
![]() |
**"مرآة سوداء" تعود من جديد: الموسم السابع المرتقب ينطلق على نتفليكس حاملاً معه أسئلة المستقبل المقلقة** |
المسلسل، الذي أبدعه
العقل الساخر والمبتكر للكاتب البريطاني تشارلي بروكر، لم يكن يومًا مجرد سلسلة
حلقات ترفيهية عادية. منذ انطلاقته الأولى على القناة الرابعة البريطانية في عام 2011،
رسّخ "Black Mirror" لنفسه
مكانة فريدة كظاهرة ثقافية، متجاوزًا حدود الشاشة ليصبح مصطلحًا دارجًا يُستخدم
لوصف أي موقف أو تقنية تبدو وكأنها خرجت من إحدى حلقاته الكابوسية. انتقاله لاحقًا
إلى نتفليكس بدءًا من الموسم الثالث في عام 2016، منح السلسلة بعدًا عالميًا
وميزانية أكبر، مما سمح بتوسيع نطاق القصص وزيادة قيمتها الإنتاجية، وجذب نجوم من
العيار الثقيل.
**إرث من التأمل والتحذير**
.jpeg)
ليس من باب التنبؤ الدقيق، بل من خلال
طرح سيناريوهات "ماذا لو؟" التي تستكشف التداعيات المحتملة، الأخلاقية
والاجتماعية والنفسية، للتكنولوجيات الناشئة أو المستقبلية على السلوك البشري والعلاقات
الإنسانية. كل حلقة، بفضل صيغة الأنثولوجيا، تقف كوحدة مستقلة بقصتها وشخصياتها
وعالمها الخاص، لكنها جميعًا تشترك في خيط رفيع يربطها: نظرة نقدية، غالبًا ما
تكون متشائمة ولكنها دائمًا ما تكون مثيرة للتفكير، إلى الجانب المظلم المحتمل
للابتكار التكنولوجي.
- لقد غاصت السلسلة في أعماق مواضيع شائكة ومعقدة، مثل: هوس وسائل التواصل الاجتماعي
- وتأثيرها على تقدير الذات والهوية ("Nosedive")، إمكانيات الواقع الافتراضي ومفهوم الحياة بعد
- الموت الرقمي ("San Junipero")، تقنيات المراقبة الشاملة وتآكل الخصوصية ("The Entire
- History of You", "Arkangel")، الوعي الاصطناعي وحقوق الروبوتات ("Be Right
- Back", "Metalhead")، التلاعب بالذاكرة، العدالة الجنائية في العصر الرقمي، وحتى التأثيرات
- السياسية للتكنولوجيا ("The Waldo Moment"). لم تقدم السلسلة إجابات سهلة، بل تركت
- المشاهد في حالة من القلق والتساؤل، مجبرة إياه على التفكير في مسار التطور التكنولوجي وتأثيره
- على جوهر إنسانيتنا.
**نظرة على الماضي القريب الموسم السادس وتجديد الرؤية**
.jpeg)
عاد المسلسل في موسمه
السادس بعد فترة توقف دامت أربع سنوات، مقدماً خمس حلقات جديدة أثارت ردود فعل
متباينة ولكنها أكدت على قدرة بروكر على تجديد رؤيته. شهد الموسم السادس بعض
التجارب النوعية، فخرجت بعض الحلقات عن القالب التكنولوجي المباشر لتغوص أكثر في
عوالم الرعب الخارق للطبيعة ("Demon 79") أو الكوميديا السوداء الميتاسينمائية ("Joan is Awful").
ومن أبرز حلقات الموسم السادس التي لاقت اهتمامًا خاصًا، والتي تمثل نموذجًا لتركيبة "Black Mirror" الكلاسيكية، كانت حلقة "Beyond The Sea".
- هذه الحلقة، التي أخرجها جون كرولي وقام ببطولتها نجوم كبار مثل آرون بول، جوش هارتنت،
- وكيت مارا، قدمت قصة مؤثرة ومأساوية تدور أحداثها في نسخة بديلة من عام 1969. تتبع الحلقة
- رائدي فضاء في مهمة طويلة الأمد في الفضاء السحيق، يتمكنان من الحفاظ على ارتباطهما بحياتهما
- على الأرض من خلال نقل وعيهما إلى نسخ طبق الأصل آلية (أندرويد) تعيش مع عائلتيهما.
تستكشف الحلقة ببراعة مواضيع
العزلة، الفقدان، الهوية، الغيرة، والجانب المظلم للارتباط العاطفي عبر وسيط
تكنولوجي. تم تصوير المشاهد الأرضية لهذه الحلقة ببراعة في مواقع خلابة مثل
ويتستابل وراي في إنجلترا، بينما تم بناء ديكورات المركبة الفضائية المعقدة في
استوديوهات تويكنهام الشهيرة، وتم تصوير بعض المشاهد العائلية في فالنسيا
بإسبانيا، مما يعكس القيمة الإنتاجية العالية التي أصبحت السلسلة تتمتع بها.
**ماذا ننتظر من الموسم السابع؟**

مع تأكيد عودة المسلسل
بموسم سابع، تتجه الأنظار والتكهنات نحو المواضيع التي قد يتناولها تشارلي بروكر
وفريقه هذه المرة. يعيش العالم حاليًا ثورة متسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي
التوليدي (مثل ChatGPT ونماذج توليد الصور والفيديو)، وتطور تقنيات التزييف العميق (Deepfakes)، ونقاشات متزايدة حول الميتافيرس
والواقع الممتد، والهندسة الوراثية، والأتمتة وتأثيرها على سوق العمل. كل هذه
التطورات تمثل أرضًا خصبة لأفكار
"Black Mirror" الجديدة.
- هل سنرى حلقة تستكشف المخاطر الوجودية للذكاء الاصطناعي الفائق؟ أو ربما قصة عن عالم تنتشر
- فيه الأخبار المزيفة المصنوعة بتقنيات التزييف العميق لدرجة يصبح معها تمييز الحقيقة مستحيلًا؟
- هل سيتناول المسلسل أخلاقيات تعديل الجينات البشرية، أو العوالم الافتراضية التي قد تصبح أكثر
- إغراءً من الواقع نفسه؟ هل ستعود السلسلة إلى جذورها الساخرة من هوس الشهرة والتريندات
- الرقمية في عصر "تيك توك"؟
مهما كانت القصص التي
سيقدمها الموسم السابع، يمكن للمشاهدين أن يتوقعوا نفس الجودة العالية في الكتابة
والإخراج والتمثيل، ونفس القدرة على إثارة القلق وطرح الأسئلة الصعبة. إن "Black Mirror" ليس مجرد
مسلسل، بل هو مختبر أفكار يستكشف من خلاله بروكر أسوأ مخاوفنا وأعمق رغباتنا في
سياق تكنولوجي متطور، ويعكس كمرآة (سوداء أحيانًا) حالة المجتمع المعاصر وتحدياته
المستقبلية.
**الخلاصة عودة ضرورية في زمن التحولات الكبرى**
.jpeg)
في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة بفعل التكنولوجيا، تبدو عودة "Black Mirror" أكثر أهمية من أي وقت مضى.
إنها دعوةمتجددة للتوقف والتفكير النقدي في الأدوات التي نصنعها، وكيف تشكلنا بدورها. مع
انطلاق الموسم السابع على نتفليكس في العاشر من أبريل، يستعد العالم مرة أخرى
لمواجهة تلك المرآة المظلمة، لاستكشاف الاحتمالات المقلقة والمثيرة للتفكير التي
يحملها المستقبل، وللتساؤل مجددًا عن الثمن الذي قد ندفعه في سبيل التقدم. إنها
ليست مجرد مشاهدة، بل تجربة تدفعنا لمراجعة علاقتنا بالعالم الرقمي الذي أصبح
جزءًا لا يتجزأ من وجودنا.
اسئلة عن المسلسل
