**سامح حسين وفيلم "استنساخ": حين تتحدى السينما المصرية مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الواقع والخيال**
في عصر تتسارع فيه وتيرة التقدم التكنولوجي بشكل
غير مسبوق، وتتداخل فيه خيوط الواقع مع عوالم الافتراض التي ينسجها الذكاء
الاصطناعي، تبرز أهمية الفن السابع كمرآة تعكس هواجس المجتمع وتساؤلاته، وأداة
لاستشراف المستقبل وتحليل الحاضر. ومن قلب هذه الديناميكية المتغيرة، يأتي الفنان
المصري سامح حسين، المعروف بأدواره الكوميدية التي رسمت البسمة على وجوه الملايين،
ليقدم تجربة سينمائية جديدة ومختلفة عبر فيلمه المنتظر "استنساخ"، والذي
يغوص في أعماق قضية الذكاء الاصطناعي الشائكة والمعقدة.
![]() |
**سامح حسين وفيلم "استنساخ": حين تتحدى السينما المصرية مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الواقع والخيال** |
**"استنساخ" ليس مجرد فيلم، بل مقاربة فنية لقضية العصر**

وفقًا للتصريحات التي أدلى بها الفنان سامح حسين
لجريدة "اليوم السابع"، فإن فيلم "استنساخ"، الذي انتهى
تصويره العام الماضي، لا يهدف فقط إلى تقديم عمل ترفيهي، بل يسعى لطرح رؤية فنية
عميقة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على حياتنا. أوضح حسين أن الفيلم يقيم مقارنة دقيقة
ومثيرة للتفكير بين العالم الواقعي الملموس الذي نعيشه، والعالم الافتراضي الذي
يتمدد ويتشعب بفضل التقنيات الحديثة. لا يقتصر الفيلم، بحسب حسين، على استعراض
الإمكانيات الهائلة والجوانب الإيجابية التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدمها
للبشرية، مثل تسهيل الحياة اليومية، وتطوير العلوم، وفتح آفاق جديدة في مجالات
متعددة، بل يتعمق أيضاً في طرح تساؤلات جوهرية حول الجانب المظلم لهذا التطور.
يُسلط "استنساخ" الضوء، كما أشار بطله، على العيوب المحتملة والمخاطر الكامنة في الاعتماد المفرط على العوالم الافتراضية والذكاء الاصطناعي.
- ما هي العواقب النفسية والاجتماعية للانغماس في واقع بديل؟ هل يمكن أن يؤدي هذا الانغماس إلى
- فقدان الاتصال الإنساني الحقيقي، وتآكل العلاقات الاجتماعية، وتشويه تصوراتنا عن الواقع والهوية؟
- وكيف يمكن للتكنولوجيا، التي صُممت لخدمتنا، أن تتحول إلى أداة للسيطرة أو العزلة أو حتى
- التضليل؟ هذه الأسئلة وغيرها يبدو أنها تشكل المحور الدرامي للفيلم، الذي يتبنى طابع الإثارة
- والتشويق، مما يوحي بأن رحلة استكشاف هذه العوالم لن تكون مجرد تأمل فلسفي، بل ستتضمن على
- الأرجح صراعات وتحديات ومواقف متأزمة تعكس خطورة القضية.
**التوازن المطلوب الاستفادة من التكنولوجيا دون فقدان الهوية**
.jpeg)
فبينما يقر الفيلم بضرورة مواكبة
العصر والاستفادة من الإمكانيات التي تتيحها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحسين
جودة الحياة وتحقيق التقدم، فإنه يحذر في الوقت ذاته من الانجراف الأعمى وراء كل
ما هو جديد دون تمحيص أو وعي. تشدد الرؤية التي يطرحها حسين على ضرورة أن "نأخذ
من هذه التكنولوجيا ما هو مفيد، دون أن نتخلى عن عاداتنا وهويتنا الأصيلة".
- هذه الدعوة للتوازن تحمل في طياتها عمقاً ثقافياً واجتماعياً مهماً، خاصة في مجتمعات تسعى للحاق
- بركب التطور العالمي مع الحفاظ على خصوصيتها الثقافية وقيمها المتوارثة. يطرح الفيلم، من خلال
- هذه الرؤية، سؤالاً عن كيفية دمج التقنيات الحديثة في نسيج المجتمع بطريقة تعزز من قدراته وتحافظ
- على تماسكه، بدلاً من أن تؤدي إلى اغتراب أفراده عن واقعهم وتراثهم. إنها دعوة للتفكير النقدي في
- علاقتنا مع التكنولوجيا، والنظر إليها كأداة يمكن تطويعها لخدمة أهدافنا الإنسانية والمجتمعية، وليس
- كقوة غامضة تستعبدنا أو تعيد تشكيلنا
قسراً.
**الأبعاد الفنية والإنتاجية إثارة وتشويق ورؤية إخراجية**
يأتي فيلم "استنساخ" من تأليف وإخراج
عبد الرحمن محمد، ويشارك في بطولته إلى جانب سامح حسين، الفنانة هبة مجدي. هذا
الثنائي يثير الفضول حول الديناميكية التي سيقدمانها على الشاشة، خاصة وأن كلاهما
يمتلك تجارب متنوعة في الدراما والكوميديا. يشير تصنيف الفيلم ضمن إطار "الإثارة
والتشويق" إلى أن المعالجة لن تكون سطحية، بل ستعتمد على بناء حبكة متصاعدة
وحبْس الأنفاس لاستكشاف التأثيرات الدراماتيكية للذكاء الاصطناعي.
كما يركز الفيلم بشكل خاص، حسب ما ورد، على دور "نظارات الواقع الافتراضي (VR)" في إعادة تشكيل المفاهيم التقليدية.
- هذا العنصر يفتح الباب أمام احتمالات بصرية وسردية مثيرة، حيث يمكن استخدام تقنيات الواقع
- الافتراضي كبوابة للانتقال بين العالمين الواقعي والافتراضي داخل الفيلم نفسه، مما قد يخلق تجربة
- مشاهدة غامرة ومربكة في آن واحد، تعكس حالة الضبابية التي يمكن أن تخلقها هذه التقنيات في حياة
- مستخدميها. هل ستكون هذه النظارات أداة للخلاص أم للضياع؟ هل ستوفر تجارب إيجابية أم ستفتح
- أبواباً نحو كوابيس رقمية؟ يبدو أن الفيلم سيستكشف هذه الازدواجية.
**سامح حسين تنوع فني يتجاوز الكوميديا**
فبعد النجاح الكبير الذي حققه في الكوميديا، سواء في السينما أو التلفزيون أو المسرح، ومؤخراً في برنامجه الرمضاني "قطايف" الذي جمع بين الخفة والمعلومة، أو فيلمه السابق "ساندوتش عيال" الذي استهدف الأسرة، فإن توجهه نحو فيلم يناقش قضية تكنولوجية معقدة بإطار من الإثارة والتشويق يعكس رغبة في التنوع واستكشاف مناطق فنية جديدة.
- هذا الاختيار يضع حسين أمام تحدٍ لإثبات قدرته على التجسيد الدرامي المركب بعيداً عن القوالب
- الكوميدية المعتادة،
ويشير إلى نضج فني ورغبة في التفاعل مع القضايا المعاصرة الأكثر إلحاحاً.
**السينما المصرية والذكاء الاصطناعي خطوة نحو المستقبل**
إن تناول السينما المصرية لموضوع الذكاء الاصطناعي بهذا الوضوح والعمق المتوقع في فيلم "استنساخ" يُعد خطوة مهمة ومواكبة للتوجهات العالمية في صناعة الأفلام.
فبينما تناولت السينما العالمية هذا
الموضوع بكثافة منذ عقود، من خلال كلاسيكيات مثل "2001: A Space Odyssey" و"Blade
Runner" وصولاً إلى أفلام أحدث مثل "Her" و"Ex Machina"، لا تزال المعالجات العربية والمصرية
لهذا الموضوع قليلة نسبياً.
- يأتي "استنساخ" ليساهم في سد هذه الفجوة، ويقدم رؤية قد تكون متجذرة في السياق الثقافي
- والاجتماعي المصري والعربي، مما يضفي عليها أبعاداً إضافية. إن قدرة السينما المصرية على
- التفاعل مع القضايا التكنولوجية المعاصرة والمستقبلية لا يعكس فقط تطور الصناعة نفسها، بل يؤكد
- أيضاً على دورها الحيوي في تشكيل الوعي العام وإثارة النقاش المجتمعي حول تحولات العصر
- وتحدياته.
**خاتمة ترقب وانتظار**
فيلم "استنساخ"، بما يحمله من وعود فنية وفكرية، وبما يطرحه من تساؤلات حول علاقتنا المتنامية بالذكاء الاصطناعي والعوالم الافتراضية، يضع نفسه كأحد الأعمال المنتظرة بقوة على الساحة السينمائية المصرية. إنه ليس مجرد فيلم إثارة وتشويق، بل يبدو أنه محاولة جادة لاستخدام لغة السينما في استكشاف أحد أهم مواضيع القرن الحادي والعشرين.
تبقى الأنظار معلقة على
صدور الفيلم ورؤية كيف سيترجم الفنان سامح حسين والمخرج عبد الرحمن محمد هذه
الأفكار المعقدة إلى تجربة بصرية وسردية مؤثرة ومحفزة للتفكير، تقدم للجمهور متعة
المشاهدة وعمق الرسالة في آن واحد، وتؤكد على أهمية الموازنة بين احتضان المستقبل
والحفاظ على جوهر إنسانيتنا.
.jpeg)