**"الأخبار المجنونة": نافذة على غرائب الواقع أم مجرد ظاهرة إعلامية؟**
في خضم التدفق الهائل للمعلومات والأحداث التي
تغمر المشهد الإعلامي يومياً، تبرز بين الحين والآخر قصصٌ وأخبارٌ تخرج عن المألوف
بشكل لافت، حاملةً معها قدراً كبيراً من الغرابة أو الطرافة أو عدم التصديق، لدرجة
يُطلق عليها العامة أحياناً مصطلح "الأخبار المجنونة". هذا المصطلح، رغم
طابعه غير الرسمي، يصف بدقة تلك النوعية من الأخبار التي تتحدى توقعاتنا المنطقية
وتدفعنا للتساؤل عن حدود الممكن والمعقول في عالمنا.
![]() |
**"الأخبار المجنونة": نافذة على غرائب الواقع أم مجرد ظاهرة إعلامية؟** |
**تفكيك المصطلح لماذا "مجنونة"؟**
.jpeg)
إنها تُستخدم بمعنى مجازي للإشارة إلى **الغرابة الشديدة، أو الشذوذ عن المألوف، أو العبثية الظاهرة، أو حتى عدم المنطقية** التي تتسم بها بعض الوقائع. هذه الأخبار "تكسر" رتابة السرد الإخباري التقليدي وتُحدث صدمة معرفية بسيطة لدى المتلقي، دافعة إياه للدهشة،
- أو الضحك، أو حتى الارتباك.
- إنها الأخبار التي تجعل المرء يتوقف ليعيد قراءتها،
- متسائلاً: "هل هذا حدث بالفعل؟".
**سمات وأنواع الأخبار "المجنونة"**

1. **غرائب
عالم الحيوان:** لطالما كان عالم الحيوان مصدراً للحكايات العجيبة. تندرج تحت هذه الفئة
قصص الحيوانات التي تظهر سلوكيات تُعتبر "أنسنة" (Anthropomorphism) بشكل مفرط،
مثل حيوانات ترث ثروات، أو تقوم بأعمال بطولية غير متوقعة، أو تدخل في علاقات شاذة
مع أنواع أخرى. كذلك، اكتشافات الكائنات النادرة ذات الأشكال أو القدرات الغريبة
تقع ضمن هذا التصنيف.
2. **السلوك
البشري غير المتوقع:** ربما تكون هذه الفئة هي الأكثر ثراءً. تشمل قصص الجرائم ذات
الدوافع أو طرق التنفيذ شديدة الغرابة والابتكار (أو الغباء)، القرارات الفردية أو
الجماعية التي تتحدى المنطق السائد (مثل قوانين محلية عبثية)، الهوايات والمسابقات
الشاذة، والتصرفات الفردية التي تبلغ حداً من التطرف أو اللامعقولية يجعلها مادة
إخبارية بحد ذاتها.
3. **مصادفات
وأحداث استثنائية:** الحياة مليئة بالمصادفات، لكن بعضها يرتقي لمستوى "الجنون
الإخباري". تشمل هذه الفئة حوادث النجاة الإعجازية من كوارث محققة، المصادفات
المتكررة التي يصعب تفسيرها إحصائياً، الظواهر الطبيعية النادرة والفريدة التي
تحدث في أماكن غير متوقعة، أو سقوط أجسام غريبة من السماء لا يمكن تفسيرها بسهولة.
4. **الطرافة
والكوميديا غير المقصودة:** أحياناً، تتحول مواقف يومية عادية أو أخطاء بسيطة إلى
قصص إخبارية طريفة ومضحكة بسبب سلسلة من الظروف غير المتوقعة أو سوء الفهم. هذه
الأخبار، رغم خفتها، تندرج تحت المظلة الأوسع للغرابة والخروج عن المألوف.
5. **طمس
الحدود بين الحقيقة والخيال:** من السمات المثيرة للاهتمام في هذا النوع من
الأخبار هو قدرتها على جعل الحقيقة تبدو أغرب من الخيال. في بعض الأحيان، تكون
القصة حقيقية تماماً لكنها من الغرابة بحيث يشكك المتلقي في صحتها. وعلى الجانب
الآخر، قد تنتشر أخبار ساخرة (Satire)
مصممة للضحك على أنها حقائق، وذلك بسبب طبيعتها "المجنونة"
التي تجعلها قابلة للتصديق في عالم لم يعد يستغرب شيئاً.
**جاذبية الغرابة وتأثيرها**
.jpeg)
أولاً، **الفضول الإنساني** الطبيعي تجاه كل ما هو غريب وغير مألوف. ثانياً، هي تمثل نوعاً من **الهروب المؤقت** من روتين الأخبار الجادة والمقلقة أحياناً (سياسة، اقتصاد، كوارث). ثالثاً، تثير **الدهشة والشعور بالذهول**، وهي مشاعر قوية بحد ذاتها.
- رابعاً، غالباً ما تكون هذه الأخبار مادة خصبة **للمشاركة الاجتماعية** والنقاش،
- سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في المحادثات اليومية، مما يعزز الشعور بالانتماء
- والتفاعل.
**مكانتها في المشهد الإعلامي**
.jpeg)
هي غالباً ما تحقق **انتشاراً
فيروسياً** سريعاً بسبب طبيعتها الجاذبة وسهولة مشاركتها. تستخدمها بعض المنصات
الإخبارية كـ"محتوى خفيف" لكسر حدة الأخبار الجادة وجذب القراء. ومع
ذلك، يجب التعامل معها بحذر، فهي قد تكون أحياناً مدخلاً لانتشار **المعلومات
المضللة أو الأخبار الكاذبة** إذا لم يتم التحقق منها بدقة من مصادر موثوقة. كما
أن الإفراط في التركيز عليها قد يُلهي الجمهور عن قضايا أكثر أهمية وجوهرية.
**خاتمة**
في نهاية المطاف، تمثل "الأخبار المجنونة"
مرآة تعكس جوانب الحياة الأقل توقعاً والأكثر غرابة. هي تذكير دائم بأن الواقع قد
يكون أحياناً أكثر إدهاشاً وعبثية من أي خيال. سواء نظرنا إليها كظاهرة إعلامية
تهدف للترفيه وجذب الانتباه، أو كنافذة حقيقية على أغوار السلوك البشري وتقلبات
القدر وعجائب الطبيعة، فإنها تبقى جزءاً لا يتجزأ من تجربتنا المعاصرة مع تدفق
المعلومات، مضيفةً لمسة من عدم اليقين والطرافة إلى فهمنا للعالم.
.jpeg)