recent
أخبار ساخنة

### **متلازمة ما بعد العطلة: فهم الكيمياء النفسية للعودة إلى الروتين**

 

### **متلازمة ما بعد العطلة: فهم الكيمياء النفسية للعودة إلى الروتين**

 

تلك اللحظة التي تسبق أول يوم عمل بعد إجازة ممتعة؛ شعور بالثقل يغمر الروح، وبريق الأيام الماضية يبدأ بالخفوت ليحل محله ظل الروتين القادم. هذا الإحساس المألوف ليس مجرد نزوة عابرة أو دلال زائد، بل هو ظاهرة نفسية حقيقية ومعقدة يُطلق عليها الخبراء "كآبة ما بعد العطلات" (Post-Holiday Blues) أو "متلازمة ما بعد الإجازة"، وهي بمثابة ضريبة عاطفية ندفعها مقابل لحظات الحرية المؤقتة التي عشناها. لفهم هذه الحالة، يجب أن نغوص في أعماق كيمياء الدماغ وعلم النفس البشري.

تلك اللحظة التي تسبق أول يوم عمل بعد إجازة ممتعة؛ شعور بالثقل يغمر الروح، وبريق الأيام الماضية يبدأ بالخفوت ليحل محله ظل الروتين القادم. هذا الإحساس المألوف ليس مجرد نزوة عابرة أو دلال زائد، بل هو ظاهرة نفسية حقيقية ومعقدة يُطلق عليها الخبراء "كآبة ما بعد العطلات" (Post-Holiday Blues) أو "متلازمة ما بعد الإجازة"، وهي بمثابة ضريبة عاطفية ندفعها مقابل لحظات الحرية المؤقتة التي عشناها. لفهم هذه الحالة، يجب أن نغوص في أعماق كيمياء الدماغ وعلم النفس البشري.
### **متلازمة ما بعد العطلة: فهم الكيمياء النفسية للعودة إلى الروتين**


### **متلازمة ما بعد العطلة: فهم الكيمياء النفسية للعودة إلى الروتين**


**بطل القصة الخفي كيمياء الدماغ**

 

في قلب هذه الدراما النفسية، يقف "الدوبامين" شامخاً، وهو الناقل العصبي الذي يُعرف بهرمون "المتعة والمكافأة". خلال العطلات، يغمرنا سيل من هذا الهرمون الساحر. فكل تجربة جديدة، وكل منظر طبيعي مدهش، وكل مغامرة غير متوقعة، تطلق جرعات سخية من الدوبامين، مصحوبة بهرمونات السعادة الأخرى مثل السيروتونين والأدرينالين. هذا المزيج الكيميائي هو ما يمنحنا الشعور بالنشوة والحيوية والإثارة.

 

  • لكن ما أن تنتهي العطلة، ونعود إلى بيئة العمل المألوفة والمهام المتكررة، حتى ينقطع هذا الإمداد
  •  الهرموني فجأة. يواجه الدماغ ما يشبه حالة "انسحاب"، حيث يهبط مستوى الدوبامين بشكل حاد. هذا
  •  الهبوط المفاجئ هو المسؤول المباشر عن الشعور بالفراغ العاطفي، والإرهاق، وفقدان الشغف، وهو
  •  ما تؤكده دراسات عدة، منها دراسة الطبيبة النفسية إيلين كينيدي-مور من جامعة برينستون، التي
  •  ربطت الحالة بتراجع حاد في هرمونات السعادة.

 

**الصراع النفسي وهم الحرية مقابل قسوة الواقع**

 

لا تقتصر المشكلة على الجانب البيولوجي فقط، بل تمتد لتشمل صراعاً نفسياً عميقاً. يميل الدماغ البشري إلى تضخيم التباين بين حالتين؛ فيجعل من حرية العطلة المطلقة حلماً وردياً، ويصور الروتين اليومي كسجن قاتم. قد لا يكون السبب هو كراهية العمل بحد ذاته، بقدر ما هو الخوف من فقدان تلك "الحرية المؤقتة" التي شعرنا فيها بالسيطرة الكاملة على وقتنا وخياراتنا.

 

  1. يطرح الباحث ريتشارد أكونور نظرية "الدروع الدفاعية"، حيث يرى أننا نبني خلال الإجازة دروعاً
  2.  نفسية مؤقتة للهروب من ضغوط الحياة. وعند العودة، تتحطم هذه الدروع بشكل مفاجئ، مما يصيبنا
  3.  بصدمة نفسية تجعلنا نشعر بالضعف والعجز.

 يضاف إلى ذلك، الضغط الاجتماعي، خاصة في عصر وسائل التواصل، الذي يجبرنا على "إظهار" السعادة والفرح طوال الوقت. هذا التظاهر، كما تشير الكاتبة جوديث أورلوف، يستنزف طاقتنا النفسية ويجعلنا أكثر عرضة للانهيار العاطفي بعد انتهاء "العرض".

 

**عندما تتحول الكآبة إلى مشكلة حقيقية**

 

تظهر أعراض متلازمة ما بعد الإجازة على شكل أرق، وصعوبة في التركيز، وسرعة غضب، وقلق، وقد تتطور إلى أعراض جسدية مزعجة كالصداع، وتقلصات المعدة، وحتى ما يشبه أعراض الإنفلونزا، وهو ما أطلق عليه الاختصاصي الهولندي آد فنغيرهوست اسم "مرض الترفيه".

 

  • في معظم الحالات، تزول هذه الأعراض خلال أيام أو أسابيع قليلة مع التكيف التدريجي مع الروتين.
  •  لكن الخطر يكمن في استمرارها. فإذا تحول الحزن المؤقت إلى حالة إرهاق نفسي مزمن، وبدا
  •  الروتين عبئاً لا يطاق، فقد يكون ذلك مؤشراً على وجود مشكلة أعمق، مثل اضطراب القلق العام، أو
  •  الاكتئاب، أو الاحتراق الوظيفي.

 وتشير إحصاءات "التحالف الوطني للأمراض النفسية" في الولايات المتحدة إلى أن حوالي 24% من الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية مشخصة يشهدون تدهوراً ملحوظاً في حالتهم خلال فترة العطلات وما بعدها.

 الختام

للتخفيف من حدة هذه الصدمة، ينصح الخبراء بتجنب العودة إلى العمل مباشرة بعد الوصول من السفر، وأخذ يوم أو يومين كفترة انتقالية في المنزل. كما أن التخطيط لأنشطة ممتعة وبسيطة خلال الأسبوع الأول من العودة يمكن أن يساعد في خلق جرعات صغيرة من الدوبامين تكسر حدة الروتين.

 في النهاية، إن فهم أن هذه الكآبة هي رد فعل طبيعي للدماغ والجسد هو الخطوة الأولى نحو التعامل معها بوعي، وتجاوزها بسلام، وتحويل العودة إلى الواقع بداية جديدة بدلاً من نهاية حزينة.

### **متلازمة ما بعد العطلة: فهم الكيمياء النفسية للعودة إلى الروتين**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent