recent
أخبار ساخنة

### **هبة سليم: قصة السقوط من برج الترف إلى حبل المشنقة**

 

### **هبة سليم: قصة السقوط من برج الترف إلى حبل المشنقة**

 

في سجلات الصراع الاستخباراتي العربي-الإسرائيلي، تبرز أسماء وقصص تحولت إلى أساطير، لكن قصة "هبة عبد الرحمن سليم" تظل حالة فريدة، لا لضخامة الخيانة فحسب، بل لتقاطع خيوطها مع دوائر السياسة العليا، ولأنها كشفت عن عمق الهشاشة النفسية التي يمكن أن تكون المدخل لأخطر أنواع السقوط. لم تكن هبة سليم مجرد جاسوسة، بل كانت رمزاً لكارثة استراتيجية أوشكت أن تغير مسار حرب أكتوبر، وسبباً في مواجهة دبلوماسية صامتة بين القاهرة وواشنطن على أعلى المستويات.

في سجلات الصراع الاستخباراتي العربي-الإسرائيلي، تبرز أسماء وقصص تحولت إلى أساطير، لكن قصة "هبة عبد الرحمن سليم" تظل حالة فريدة، لا لضخامة الخيانة فحسب، بل لتقاطع خيوطها مع دوائر السياسة العليا، ولأنها كشفت عن عمق الهشاشة النفسية التي يمكن أن تكون المدخل لأخطر أنواع السقوط. لم تكن هبة سليم مجرد جاسوسة، بل كانت رمزاً لكارثة استراتيجية أوشكت أن تغير مسار حرب أكتوبر، وسبباً في مواجهة دبلوماسية صامتة بين القاهرة وواشنطن على أعلى المستويات.
### **هبة سليم: قصة السقوط من برج الترف إلى حبل المشنقة**


### **هبة سليم: قصة السقوط من برج الترف إلى حبل المشنقة**


1.  كيف ساهمت نشأة هبة سليم المترفة وشعورها بالاغتراب عن مجتمعها في تسهيل عملية تجنيدها من قبل الموساد؟

2.  ما هي أخطر المعلومات العسكرية التي سربتها هبة سليم، وكيف أثرت بشكل مباشر على استعدادات الجيش المصري لحرب أكتوبر 1973؟

3.  ما هي الخطة الاستخباراتية التي نفذتها المخابرات المصرية للإيقاع بهبة سليم واستدراجها من باريس إلى القاهرة؟

4.  ماذا كان رد فعل الرئيس أنور السادات عندما تدخل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر شخصياً لطلب العفو عنها؟


#### **النشأة والشقاق النفسي مع الهوية**

 

وُلدت هبة سليم عام 1947 في صعيد مصر لأسرة شديدة الثراء والنفوذ. كان والدها، عبد الرحمن سليم، من كبار الأعيان ووريث ثروة ضخمة، قبل أن ينتقل بأسرته إلى القاهرة ليصبح وكيلاً لوزارة التربية والتعليم. نشأت هبة في بيئة من الترف المطلق، في قصور حي المهندسين ونوادي الصفوة كنادي الجزيرة، حيث كانت طلباتها أوامر، وحيث تشكل وعيها بعيداً عن واقع المجتمع المصري الكادح.

 

  • هذه النشأة الاستثنائية خلقت لديها شعوراً عميقاً بالاستعلاء والتميز، لكنها في الوقت ذاته زرعت
  •  بداخلها بذور اغتراب عن هويتها الوطنية. لم تشعر يوماً بالانتماء الحقيقي لبلد لم تعرف منه إلا وجهه
  •  الأرستقراطي. وعندما تخرجت بتفوق من قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب، وحصلت على منحة
  •  دراسية مرموقة في جامعة السوربون بباريس، كانت تلك هي اللحظة المفصلية التي دفعتها إلى عالم
  •  جديد سيصوغ مصيرها المأساوي.

 

#### **باريس شبكة التجنيد ومنهجية غسل الدماغ**

 

في باريس، وجدت هبة العالم الذي طالما حلمت به، لكنها سرعان ما شعرت بالضياع. ومن خلال علاقتها بطالبة بولندية يهودية تُدعى "نتاشا"، تم استدراجها إلى دائرة الموساد. لم يكن التجنيد عملية مباشرة، بل كان عملية "إعادة صياغة أيديولوجية" ممنهجة. كانت "نتاشا" تصطحبها إلى مركز ثقافي إسرائيلي يروج لفكرة السلام، ويعرض أفلاماً تُظهر إسرائيل كواحة للتقدم والحضارة في صحراء الشرق الأوسط، بينما يتم تصوير العرب كشعوب همجية غارقة في الكراهية.

 

  1. تلقفت هبة هذه الدعاية، التي وجدت صدى في شعورها المسبق بالتعالي على أصولها. وبدأت تقتنع بأن
  2.  الصراع العربي-الإسرائيلي هو نتاج تعنت عربي، وأن السلام لن يتحقق إلا بالتخلي عن فكرة
  3.  الحرب. في هذه الأجواء، تم تقديمها إلى ضابط موساد وسيم قدم نفسه باسم "أدمون"، الذي أكمل
  4.  عملية تجنيدها مستغلاً طموحها ورغبتها في لعب دور "صانعة سلام" من الطراز الرفيع. لقد أقنعها
  5.  بأن خدمتها للموساد ليست خيانة، بل هي خدمة للبشرية وللسلام العالمي.

 

#### **فصول الخيانة إسقاط الهدف وتدمير حائط الصواريخ**

 

كانت أولى مهامها وأخطرها هي تجنيد الضابط المصري المقدم مهندس "فاروق عبد الحميد الفقي"، الذي كان معجباً بها ويلحقها في نادي الجزيرة. كان الفقي يشغل منصباً حساساً في سلاح الصاعقة، ممايجعله كنزاً معلوماتياً. عند عودتها إلى مصر، استخدمت هبة كل أسلحتها الأنثوية والنفسية لإسقاطه. لعبت على وتر عقدة النقص لديه، محتقرةً إياه ومقارنةً إياه بالرجال الأوروبيين، وفي الوقت نفسه أغرته بالحب والوعود بحياة جديدة في باريس.

 

  1. استسلم الفقي تماماً، وتحول من ضابط وطني إلى عميل للموساد، يزودها بأخطر الأسرار العسكرية.
  2.  وصلت الخيانة إلى ذروتها قبيل حرب أكتوبر، عندما كانت مصر تبني "حائط الصواريخ" الشهير
  3.  على طول الجبهة، وهو خط دفاع جوي من صواريخ "سام 6" كان سيمثل كابوساً للطيران
  4.  الإسرائيلي. كلما انتهى الجيش المصري من بناء قاعدة صواريخ جديدة

 كان الفقي يرسل إحداثياتها عبر جهاز إرسال متطور إلى هبة، التي بدورها كانت تنقلها إلى الموساد، فيقوم الطيران الإسرائيلي بقصف القاعدة وتدميرها فوراً. تكررت هذه الكارثة عدة مرات، متسببة في خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وكادت أن تجهض خطة العبور بأكملها.

 

#### **سقوط القناع خيط رفيع يكشف أكبر خيانة**

 

أدركت القيادة المصرية والمخابرات الحربية أن هناك خرقاً استخباراتياً على أعلى مستوى. بدأت عملية معقدة لتحديد مصدر التسريب، وبعد شهور من المراقبة والتحليل، حامت الشكوك حول سلاح الصاعقة. الخيط الذي قاد إلى كشف الشبكة كان تفصيلاً بسيطاً في رسالة غرامية أرسلها الفقي إلى هبة، ذكر فيها أنه "ركب أخيراً أريال للراديو". أثارت هذه الجملة غير المنطقية في عصر التلفزيون شكوك ضابط الرقابة، وبمتابعة الأمر، تم القبض على الفقي الذي انهار واعترف بكل شيء.

 

#### **مناورة الثعلب استدراج من باريس إلى القاهرة**

 

بقي التحدي الأكبر: كيفية القبض على هبة سليم المحمية من الموساد في باريس. هنا، تولى المهمة أحد ألمع ضباط المخابرات المصرية، اللواء رفعت جبريل، الملقب بـ"الثعلب". وضع جبريل خطة استدراج عبقرية تعتمد على نقطة ضعف هبة الوحيدة: حبها الشديد لوالدها.

 

  • تم التنسيق مع المخابرات الليبية، حيث كان والدها يعمل، وتم إيهامه بأن ابنته متورطة في قضية
  •  بسيطة مع جماعة فلسطينية في باريس، وأن المخابرات المصرية تريد إنقاذها. طُلب من الأب أن
  •  يدّعي إصابته بأزمة قلبية حادة ويرقد في مستشفى بطرابلس، وأن يتصل بابنته ويستعطفها لرؤيته
  •  للمرة الأخيرة.

 ابتلع الموساد الطعم بعد أن أرسل عملاءه للتأكد ووجدوا بالفعل تقارير طبية مزورة ببراعة تؤكد خطورة حالة الأب. سمحوا لهبة بالسفر إلى طرابلس، وفي المطار، كانت المخابرات المصرية والليبية في انتظارها، حيث تم اقتيادها مباشرة إلى طائرة مصرية كانت تنتظر على أرض المطار لتعود بها إلى القاهرة، في واحدة من أنجح عمليات الاستدراج في تاريخ المخابرات.

 

#### **المشهد الأخير مواجهة السادات وكيسنجر**

 

أحدث خبر القبض على هبة صدمة مدوية في إسرائيل. حاولت رئيسة الوزراء جولدا مائير بكل الطرق إنقاذ "بطلتها"، فلجأت إلى وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر. في 16 سبتمبر 1974، وأثناء زيارته لمصر، فاتح كيسنجر الرئيس السادات في الأمر، طالباً العفو عن "الفتاة المسكينة". كان رد السادات حاسماً ومباغتاً: "لقد أُعدمت". وفيما كان كيسنجر يستوعب الصدمة، همس السادات في أذن أحد مساعديه أمراً فورياً بتنفيذ حكم الإعدام الذي كان قد صدر بالفعل. لقد استخدم السادات الخداع السياسي ليقطع الطريق على أي ضغوط مستقبلية، ويؤكد سيادة القرار المصري.

 الختام

تم اقتياد هبة من زنزانتها وهي تظن أن جهود الموساد قد نجحت في الإفراج عنها، لتفاجأ بحبل المشنقة في انتظارها.

 وبإعدامها شنقاً، وإعدام شريكها فاروق الفقي رمياً بالرصاص، أُسدل الستار على قصة كانت درساً قاسياً في الأمن القومي، وعلامة فارقة على أن الولاء للوطن ليس شعاراً، بل هو خط الدفاع الأخير.

### **هبة سليم: قصة السقوط من برج الترف إلى حبل المشنقة**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent