recent
أخبار ساخنة

# أهمية العلم بأحكام الله والتفقه في الدين: طريق البصيرة والفلاح

 

# أهمية العلم بأحكام الله والتفقه في الدين: طريق البصيرة والفلاح

 

**العلم بأحكام الله والتفقه في الدين** ليس مجرد فضيلة أو اختيار ثانوي في حياة المسلم، بل هو **ضرورة شرعية قصوى** تضمن سلامة العقيدة وصحة العبادة. إن الشريعة الإسلامية، بكونها نظاماً إلهياً كاملاً، تتطلب فهماً عميقاً لمن أراد أن يسير على هدى وبصيرة. يهدف هذا المقال إلى استعراض الأهمية الجوهرية **للتفقه في الدين** وكيف يمثل هذا العلم أساساً للنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.

# أهمية العلم بأحكام الله والتفقه في الدين: طريق البصيرة والفلاح


# أهمية العلم بأحكام الله والتفقه في الدين: طريق البصيرة والفلاح


## I. التفقه في الدين ضرورة شرعية وفلاح دنيوي وأخروي

 

يُعرّف الفقه في اللغة بأنه الفهم الدقيق والعميق، أما في الاصطلاح الشرعي، فهو **العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية**.

 

لقد أوضح العلماء أن العلم نوعان: علم ضروري (فرض عين) وهو ما لا يسع المسلم جهله من أساسيات العقيدة والعبادات التي يمارسها يومياً (كالطهارة والصلاة)، وعلم كفائي (فرض كفاية) وهو التعمق في أدلة الشريعة وتخريج الأحكام، وهو ما يقوم به الفقهاء والأئمة.

 

  • إن المسلم الذي يجهل أحكام دينه يغامر ببطلان عباداته أو وقوعه في محظورات شرعية دون علم.
  •  لذا، فإن طلب **أحكام الله** الأساسية يعد بمثابة بوصلة لحياة المسلم، تضمن أن تكون أعماله كلها
  •  مبنية على هدى من الله ورسوله، بعيداً عن الأهواء والبدع.

 

### العلم أساس البصيرة في العبادة

 

العبادة المقبولة هي التي تحقق شرطين أساسيين: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يمكن تحقيق المتابعة الصحيحة إلا من خلال العلم.

 

  1. على سبيل المثال، تتطلب الصلاة معرفة تفاصيل الطهارة، أوقات الصلاة، أركانها، وشروطها
  2.  ومبطلاتها. وكذلك الزكاة والصيام والحج. إذاً، **العلم الشرعي** ليس ترفاً فكرياً، بل هو الأداة
  3.  التي تحول مجرد الحركات العضوية إلى طاعة قلبية سليمة.

 

 

## II. مكانة التفقه في ضوء النصوص الشرعية

 

لقد خصت النصوص الشرعية أهل الفقه والعلماء بمنزلة عالية، دليلاً على عظم قدر هذا العلم.

 

### 1. الحكمة مرادف للفقه والخير الكثير

 

أشار القرآن الكريم إلى مكانة الحكمة، التي فسرها جمهور السلف بأنها الفقه في الدين:

 

قال تعالى: **﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾** (البقرة: 269).

 

وقد أورد الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية أقوالاً للسلف، لعل أجملها وأجمعها ما نقله عن الإمام مالك رحمه الله: "إنه ليقع في قلبي أن **الحكمة: هي الفقه في دين الله**، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله".

 

فربط الآية بين نيل الحكمة والخير الكثير دليل قاطع على أن الفقه في الدين هو أصل الخيرية والنجاح.

 

### 2. علامة إرادة الخيرية من الله

 

يُعد حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل الفقه من أشهر الأحاديث وأقواها في الحث على طلب هذا العلم:

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: **«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»** (متفق عليه).

 

يشير هذا الحديث الجليل إلى أن **التفقه في الدين** هو مؤشر على اصطفاء إلهي وتوفيق، فمن فُقِّه فقد نال دلالة واضحة على أن الله قد أراد به الخير في معاشه ومعاده. على النقيض، فإن الحرمان من هذا الفقه يعد نقصاً عظيماً، وقد يكون علامة على التخلي الإلهي (والعياذ بالله).

 

### 3. وراثة النبوة وتحقيق الإحسان

 

كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم العلماء بأنهم ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم. ومن جملة هذا العلم، يبرز **العلم بأحكام الله** كونه المنهج التطبيقي الذي يحول الوحي إلى واقع عملي.

 

وفي سياق بيان فضل العلم وتأثيره، ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بليغاً في حديث الغيث الذي أصاب الأرض، مقسماً الناس إلى ثلاثة أصناف في تعاملهم مع هدى النبوة:

 

*   **الصنف الأول (الأرض الطيبة):** هم الذين فقهوا في دين الله، فانتفعوا وعملوا وعلموا غيرهم.

*   **الصنف الثاني (الأجادب):** هم الذين حفظوا العلم ونقلوه، فنفع الله بهم الناس.

*   **الصنف الثالث (القيعان):** هم الذين لم ينتفعوا بالهدى ولم ينقلوه.

 

وهذا يؤكد أن الغاية الأسمى من طلب **الفقه الإسلامي** هي الجمع بين العلم والتطبيق (علم وعَلَّم).

 

 

## III. الشمولية والتطبيق كيف ينظم الفقه حياة المسلم؟

 

الشريعة الإسلامية شريعة شاملة. إنها ليست قاصرة على شعائر العبادة فحسب، بل تمتد لتنظم جميع مناحي الحياة. ولهذا، فإن **أهمية العلم بأحكام الله** تبرز في تنظيم الحياة الفردية والأسرية والمجتمعية.

 

يتناول **الفقه الإسلامي** مجالات واسعة تضمن إقامة العدل والإحسان:

 

### 1. فقه العبادات (أحكام العلاقة بين العبد وربه)

يشمل ذلك معرفة دقائق الطهارة والصلاة، وكيفية إخراج الزكاة الصحيحة، وأحكام الصيام، ومناسك الحج والعمرة. هذه الأحكام ضرورية لضمان صحة الركن الأعظم للإسلام.

 

### 2. فقه المعاملات (أحكام العلاقات المالية)

ينظم هذا الفقه التعاملات الاقتصادية والمالية: البيوع، الإجارات، الرهن، والشركات. التزام المسلم بـ **أحكام المعاملات** يضمن خلو كسبه من الربا والغرر والظلم، محققاً البركة والسعادة في ماله.

 

### 3. فقه الأحوال الشخصية (العلاقات الأسرية)

يشمل ذلك أحكام النكاح، الطلاق، الرضاع، وقسمة المواريث والفرائض. هذه الجوانب تمثل أساس بناء الأسرة الصالحة والمجتمع المتماسك. إن إقامة هذه الأحكام بالعدل هي صمام الأمان الاجتماعي.

 

 

## IV. التحذير من الجهل والتقليد الأعمى

 

لقد حذر الإسلام من التخلف عن طلب العلم الشرعي، واعتبر الجهل **بالأحكام الشرعية** مصيبة وفجيعة. الجاهل بدينه يقع بسهولة فريسة للأخطاء العقائدية والعملية، وقد يسلك طريق الضالين أو المغضوب عليهم.

 

كانت سلف الأمة، وعلى رأسهم الصحابة كابن عباس رضي الله عنهما ببركة دعاء النبي له: **«اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»**، يبذلون الغالي والنفيس في تحصيل العلم بالدليل من الكتاب والسنة والإجماع.

 

إن التخاذل عن البحث والاجتهاد والاعتماد الكلي على **التقليد الأعمى** دون فهم الدليل، قد أوقع الكثيرين في أغلاط منهجية وفقهية، وحرمهم من نور البصيرة التي يمنحها الفقه.

 

### الفقه أولاً تقديم العلم الأصيل

 

يجب على المسلمين إعادة ترتيب أولوياتهم المعرفية. بينما لا يوجد مانع من التزود بالعلوم الدنيوية والحياتية (التي تخدم الشريعة)، إلا أن **العلم بأحكام الله** يجب أن يظل هو الأصل والركيزة المقدمة على كل معرفة أخرى.

 

من المؤسف أن نجد من يحيط بشتى علوم الحياة الحديثة، ولكنه يجهل أبسط أحكام الصلاة أو الطهارة أو أحكام المال. هذا هو **الجهل الفاضح** الذي يعيق الفرد عن تحقيق مقاصد وجوده.

 

إن **العلم الشرعي** يبدأ بمعرفة الله بأسمائه وصفاته، ثم معرفة منهجه المتمثل في أحكامه. ومتى تحقق هذا التقديم، سارت حياة المسلم على خطى ثابتة نحو الفلاح.

 

 

## الخاتمة دعوة للتمسك بالفقه

 

إن **أهمية العلم بأحكام الله والتفقه في الدين** هي المدخل لتحقيق العزة والتمكين لهذه الأمة. إن سعادتها في الدنيا ونجاتها في الآخرة مرهونة بصدق تمسكها بهذا العلم وتطبيقها له على جميع مستويات الحياة.

 

يجب على الأمة أن تعود إلى منابعها الصافية، وتولي عناية قصوى لتدريس ونشر **الفقه الإسلامي** المعتمد على الأدلة الصحيحة، وأن تشجع أبناءها على أن يكونوا من أولئك الذين أراد الله بهم خيراً.

 

نسأل الله سبحانه أن يرزقنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا من أهل الحكمة والخير الكثير.

# أهمية العلم بأحكام الله والتفقه في الدين: طريق البصيرة والفلاح


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent