recent
أخبار ساخنة

# الأزمة الديموغرافية وضرائب الميراث: كيف أشعلت طفرة صناديق الملكية الخاصة في اليابان؟

 

# الأزمة الديموغرافية وضرائب الميراث: كيف أشعلت طفرة صناديق الملكية الخاصة في اليابان؟

 

الأزمة الديموغرافية وضرائب الميراث: كيف أشعلت طفرة صناديق الملكية الخاصة في اليابان؟

 

تواجه اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، تحدياً وجودياً فريداً من نوعه: قنبلة ديموغرافية موقوتة تهدد نسيجها الاقتصادي التقليدي. هذا التحدي، المتمثل في شيخوخة السكان ونقص حاد في تعاقب الأجيال لإدارة الأعمال، لم يعد مجرد قضية اجتماعية، بل تحول إلى محفز هيكلي غير مسبوق في أسواق رأس المال.

تواجه اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، تحدياً وجودياً فريداً من نوعه: قنبلة ديموغرافية موقوتة تهدد نسيجها الاقتصادي التقليدي. هذا التحدي، المتمثل في شيخوخة السكان ونقص حاد في تعاقب الأجيال لإدارة الأعمال، لم يعد مجرد قضية اجتماعية، بل تحول إلى محفز هيكلي غير مسبوق في أسواق رأس المال.
# الأزمة الديموغرافية وضرائب الميراث: كيف أشعلت طفرة صناديق الملكية الخاصة في اليابان؟


# الأزمة الديموغرافية وضرائب الميراث: كيف أشعلت طفرة صناديق الملكية الخاصة في اليابان؟

شهدت السوق اليابانية تحولاً جذرياً في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت قيمة صفقات الملكية الخاصة حاجز الثلاثة تريليونات ين (نحو 20 مليار دولار) سنوياً لأربع سنوات متتالية، مسجلة ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط الصفقات يتجاوز 30% على أساس سنوي. إن هذه الموجة الهائلة من عمليات الاستحواذ والاندماج ليست مدفوعة بالنمو الاقتصادي التقليدي، بل بضرورة بقاء آلاف الشركات العائلية على قيد الحياة.

 القنبلة الديموغرافية شبح أزمة تعاقب الأجيال

 

تعدالأزمة الديموغرافية في اليابان المحرك الأساسي لهذا التحول. فمع ارتفاع متوسط العمر وتزايد أعداد المتقاعدين، يتقدم مؤسسو الشركات الصغيرة والمتوسطة في السن، بينما يواجهون معضلة مزدوجة: أولاً، العثور على خلف مؤهل، وثانياً، إقناع أبنائهم بتولي المسؤولية في بيئة أعمال شديدة التنافسية.

 

  • لطالما اعتمدت الثقافة اليابانية على تقليد توريث القيادة إلى الجيل التالي، خاصة في
  • <mark>الشركات العائلية اليابانية</mark> التي تشكل أكثر من 90% من إجمالي قطاع الأعمال
  •  في البلاد. لكن هذا التقليد بدأ ينهار. يفضل الشباب الياباني غالباً العمل في الشركات الكبرى أو السعي
  •  لمسارات مهنية خارج إطار الإدارة العائلية، تاركين وراءهم أصولاً عالية القيمة دون خطة واضحة
  •  للخلافة.

 

ويشير خبراء الصناعة إلى أن كثيرين من أصحاب الأعمال المسنين، الذين "عملوا بجد طوال حياتهم"، يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن مخرج، بعد أن يخبرهم أبناؤهم بأنهم "لا يريدون تولي إدارة العمل".

 

### 1.1. اتساع فجوة القيادة الأرقام تتحدث

 

تظهر الإحصائيات حجم أزمة تعاقب الأجيال بوضوح مقلق. فوفقاً لبيانات حكومية وتقديرات السوق، بحلول عام 2025، من المتوقع أن يبلغ نحو 1.27 مليون من أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة سن السبعين أو أكثر دون أن يكون لديهم خلف واضح يتولى أعمالهم. هذا العدد يمثل ثلث الشركات اليابانية تقريباً، ويهدد بإغلاق أو تصفية مئات الآلاف من الشركات التي قد تكون مربحة، لكنها تفتقر إلى القيادة المستقبلية.

 

  1. لقد أدت هذه الفجوة إلى أن تُعزى أكثر من 65% من صفقات الاستحواذ الحالية إلى حالات التعاقب
  2.  على الأجيال، مما يؤكد أن الاستثمار الخاص لم يعد يبحث عن فرص لـ "النمو"، بقدر ما يبحث عن
  3.  فرص لـ "الإنقاذ والإصلاح الإداري".

  

 مطرقة ضرائب الميراث العامل النقدي الحاسم

 

إذا كانت الأزمة الديموغرافية هي السبب الجذري، فإن نظام الضرائب هو المطرقة التي تدفع الصفقة نحو الإنجاز السريع. تفرض اليابان بالفعل أعلى ضرائب الميراث في العالم، حيث تصل الشريحة العليا إلى 55% على التركات والأصول الكبيرة.

 

  • تكمن المشكلة ليس فقط في ارتفاع النسبة، بل في ضيق الإطار الزمني لسدادها. يتعين على الورثة
  •  سداد هذه الضريبة الضخمة خلال فترة لا تتجاوز 10 أشهر من تاريخ وفاة المورث. عندما تكون
  •  غالبية الثروة محتجزة في أصول غير سائلة، مثل أسهم شركة خاصة غير مطروحة للاكتتاب، يجد
  •  الورثة أنفسهم في مأزق مالي حقيقي.

 

في كثير من الحالات، لا يوجد أمام الوريث خيار سوى بيع أصول الشركة أو جزء كبير منها بسرعة فائقة لتأمين السيولة النقدية اللازمة لدفع الضريبة المستحقة. وهنا يأتي دور صناديق الملكية الخاصة كشريك مثالي. تقدم هذه الصناديق عرضاً سريعاً وشاملاً، موفرة السيولة المطلوبة لتحرير الورثة من الالتزامات الضريبية، مقابل الحصول على ملكية الشركة وتوفير إدارة جديدة محترفة.

  

 صناديق الملكية الخاصة البديل الذي كان محرماً

 

كانت فكرة بيع شركة عائلية يابانية عريقة لمستثمر أجنبي، أو حتى محلي غير مرتبط بالعائلة، أمراً غير مقبول ثقافياً قبل عقد من الزمن. كان ينظر إلى البيع كفشل في الحفاظ على الإرث. ومع ذلك، أجبرت الضرورة الاقتصادية والضريبية على تغيير هذا المفهوم.

 

أصبح البيع لصناديق الملكية الخاصة الآن بديلاً مشروعاً ومرغوباً، لعدة أسباب:

 

1. **توفير السيولة والحل الضريبي:** كما ذكرنا، الحل السريع لمشكلة الضرائب هو الجاذب الأكبر.

2. **الاحترافية الإدارية:** تعاني كثير من الشركات العائلية من غياب الكفاءات الإدارية المتوسطة، وهي ظاهرة تفاقمت بسبب فجوة "عصر الجليد الوظيفي" التي شهدها سوق العمل الياباني بين أوائل التسعينيات والألفية. تستطيع صناديق الملكية الخاصة سد هذا النقص عن طريق جلب إدارات محترفة وهيكلة عمليات الشركة.

3. **نجاح النماذج السابقة:** ساهمت شركات استثمار عالمية كبرى مثل "كي كي آر" (KKR)، و"كارلايل" (Carlyle)، و"باين" (Bain) في إرساء الشرعية لهذا النوع من الاستثمار. فقد أثبتت هذه الصناديق قدرتها على إعادة هيكلة الشركات اليابانية وزيادة كفاءتها دون الإضرار بكيانها أو سمعتها، مما منح المستثمرين العالميين ثقة أكبر وقبولاً في السوق المحلية.

  

العوامل الاقتصادية المساعدة الين وأسعار الفائدة

 

إلى جانب الدوافع الهيكلية والديموغرافية، عززت العوامل الاقتصادية الكلية جاذبية الاستثمار في اليابان بالنسبة لرأس المال الأجنبي:

 

### 4.1. ضعف الين الياباني

 

يشكل ضعف الين الياباني، الذي تراجع بشكل كبير أمام الدولار والعملات الرئيسية الأخرى، ميزة هائلة للمستثمرين الأجانب. عند شراء الأصول بالدولار أو اليورو، تصبح الشركات اليابانية أرخص بشكل جوهري، مما يخفض تكلفة الاستحواذ ويجعلها مغرية جداً.

 

### 4.2. أسعار الفائدة المنخفضة

 

على عكس الأسواق العالمية التي رفعت فيها البنوك المركزية أسعار الفائدة، حافظ بنك اليابان على سياسة نقدية تيسيرية للغاية. تترجم أسعار الفائدة المنخفضة هذه إلى انخفاض تكلفة الاقتراض، مما يسهل على صناديق الملكية الخاصة تمويل صفقات الشراء بالاستدانة (Leveraged Buyouts)، مما يعزز هوامش ربحها المحتملة.

 

### 4.3. الإصلاحات التنظيمية

 

أسهمت إصلاحات الحوكمة التي أطلقتها الحكومة اليابانية منذ عامي 2015 و2016 في خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية. هذه الإصلاحات، التي ألزمت الشركات بمديرين خارجيين وشجعت على رفع العائد على حقوق المساهمين (ROE)، جعلت الشركات اليابانية أكثر عرضة للتغيير والتحسين الذي تهدف إليه صناديق الاستثمار الخاصة.

  

 التحذيرات ومستقبل السوق

 

على الرغم من الطفرة الحالية، يحذر خبراء السوق من احتمال فرط السخونة والمبالغة في التقييمات. يشير جيم فيربيتن، الشريك في "باين أند كو"، إلى أن السوق عندما يصبح جذاباً جداً، يسعى الجميع للمشاركة، مستشهداً بصفقات أعوام 2006-2007 التي لم تكن ناجحة بسبب التقييمات المبالغ فيها.

 

  1. ومع ذلك، تبقى اليابان سوقاً غير ناضجة نسبياً في هذا القطاع. فبالرغم من حجم الصفقات، لا تزال
  2.  استثمارات الملكية الخاصة تمثل نحو 0.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 1.3% في
  3.  الولايات المتحدة و1.9% في أوروبا. وهذا يعني أن السوق الياباني، على الرغم من حماسه المتزايد
  4.  لا يزال يُصنف كـ "سوق نمو خصب"، وبعيداً عن مرحلة النضج الكامل.

 

### خلاصة

 

لقد غيرت الأزمة الديموغرافية وعبء ضرائب الميراث في اليابان قواعد اللعبة بالكامل. فبينما يصارع الآباء لتأمين مستقبل شركاتهم في ظل غياب الخلفاء، وجدت صناديق الملكية الخاصة الباحثة عن صفقات بأسعار مغرية فرصة ذهبية لإعادة هيكلة الاقتصاد الياباني من الداخل. ومن المرجح أن تستمر هذه العلاقة التكافلية في النمو، لتتحول الشركات العائلية اليابانية العريقة إلى محرك جديد للاستثمار العالمي.

# الأزمة الديموغرافية وضرائب الميراث: كيف أشعلت طفرة صناديق الملكية الخاصة في اليابان؟


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent