## الليرة التركية: تاريخها وتطورها
وتأثيرها على الاقتصاد التركي
تُعدّ الليرة التركية العملة الرسمية لجمهورية
تركيا، ويُرمز لها بالرمز (TRY)، وتُقسم الليرة الواحدة إلى 100 قرش. تشهد الليرة التركية تاريخًا
غنيًا وثريًا، حيث مرت بمرحلة تحولات وتطورات متعددة، انعكست على مسار الاقتصاد التركي
بشكل مباشر.
## الليرة التركية: تاريخها وتطورها وتأثيرها على الاقتصاد التركي
**نشأة العملة وتاريخها:**
يعود تاريخ الليرة التركية إلى العهد العثماني،
حيث كانت العملة السائدة هي "العثمانية" المصنوعة من الفضة. في أواخر
القرن الخامس عشر الميلادي، تمّ سكّ عملات فضية جديدة، واعتمد إنتاجها على حجم
المعادن الثمينة المتاحة للدولة.
في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، بدأت عملية
سكّ العملات المعدنية باستخدام النحاس والذهب باستخدام وسائل تقليدية. وفي عام 1967م،
أُسس مبنى جديد لإصدار العملات المعدنية التركية، الأمر الذي شجّع على تطوير صناعة
العملات المعدنية واستخدام الآلات الحديثة.
**تاريخ الأوراق النقدية:**
يعود تاريخ الأوراق النقدية في تركيا إلى عصر
التنظيمات في الإمبراطوريّة العثمانيّة. ظهرت أول نقود ورقيّة عثمانية عام 1840م،
وكانت عبارة عن سندات خزينة ذات فوائد مالية.
كانت هذه الأوراق النقدية مُعرّضةً للتزوير بسبب
الاعتماد على الطباعة اليدوية، مما أدّى إلى وقف تداولها في عام 1842م.
وفي عام 1862م، صدرت أنواع جديدة من الأوراق
النقدية في الإمبراطوريّة العثمانيّة.
أسّست الإمبراطوريّة العثمانيّة المصرف
العثمانيّ عام 1856م، وامتلك حق إصدار النقود الورقيّة لمدة 30 عامًا تقريبًا. تمّ
الاتفاق خلال تلك الفترة على عدم إصدار الحكومة لأي نقود ورقيّة أو منح هذه المهمة
لمؤسسات أخرى.
في عام 1863م، تمكّن المصرف العثماني من إصدار
وتوفير نقود ورقيّة قابلة للاستبدال بالذهب.
بعد عام 1915م، أصدرت الحكومة التركية سبع
مجموعات مُتسلسلة من الأوراق النقديّة، والتي استُخدمت لاحقاً في عهد الجمهوريّة
التركية، وُعرفت باسم "إفراك ناكدي".
ظلت هذه النقود قيد التداول حتى أواخر عام 1927م.
لاحقاً، قرّرت الجمعية الوطنيّة في الجمهوريّة
التركيّة استبدال الأوراق النقدية التي كانت تُستخدم في الإمبراطوريّة العثمانيّة
بإصدار نقود ورقيّة تركية خاصة بالجمهورية.
**التحول الاقتصادي وتأثيره على الليرة:**
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحول النظام
الاقتصاديّ في تركيا من الاعتماد على القطاع الزراعيّ إلى الاعتماد على القطاع
الصناعيّ.
أدّى تراجع الاهتمام بالزراعة إلى هجرة الكثير
من السكان من المناطق الريفية إلى المدن، مما حفّز على تعزيز التنمية الصناعيّة
والحضاريّة ودعم زيادة الاستثمارات.
في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، شهدت
تركيا نموًا اقتصاديًا ملحوظًا مدعومًا بالقروض الأجنبية، وارتفاع نسبة الصادرات،
والحوالات من العاملين الأتراك في أوروبا.
ومع ذلك، واجهت تركيا تراجعًا في نموّها
الاقتصاديّ خلال الفترة الزمنيّة بين عامي 1974م و1980م.
**الإصلاحات الاقتصادية:**
شهدت الليرة التركية فترة من التقلبات والتغيرات
مع الإصلاحات الاقتصادية التي تمّ تنفيذها خلال الفترة من 1980 إلى 1994، حيث شهد
الناتج المحليّ الإجماليّ في تركيا نموّاً ملحوظاً.
لكنّ الاقتصاد التركيّ تأثّر لاحقاً بمجموعةٍ من
الاضطرابات التي أدّت إلى تراجع في نموّه، مما أثّر على الناتج المحليّ الإجماليّ.
في عام 2005م، تمكّنت تُركيا من الخروج من
تأثيرات الأزمة الاقتصاديّة التي حدثت في عام 2001م، حيث شهد الاقتصاد التركيّ
انتعاشاً ملحوظاً، الأمر الذي شجّع تركيا على السعي إلى الانضمام لدول الاتحاد
الأوروبي.
**الليرة التركية في العصر الحديث:**
تواجه الليرة التركية اليوم تحديات جديدة، بما
في ذلك التضخم، وتقلبات أسعار الصرف، وزيادة الفائدة.
تُعاني الليرة من ضعفها مقابل الدولار الأمريكي
والعملات الأخرى، مما يزيد من تكلفة الواردات ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
**تأثير الليرة على الاقتصاد التركي:**
تُؤثّر الليرة التركية بشكل كبير على الاقتصاد
التركي، حيث تؤثر على أسعار السلع والخدمات، ونسبة التضخم، ونمو الناتج المحليّ
الإجماليّ.
فضعف الليرة يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات،
مما يؤثر على أسعار السلع والخدمات في السوق المحلية.
كما يؤثر ضعف الليرة على قدرة الشركات التركية
على التنافس في الأسواق العالمية، ويؤدي إلى ارتفاع تكلفة الخدمات العامة.
**جهود الحكومة التركية لتحقيق استقرار الليرة:**
تسعى الحكومة التركية إلى اتخاذ مجموعة من
الإجراءات لتحقيق استقرار الليرة التركية، مثل:
* **سياسات نقدية صارمة:** بما في ذلك رفع أسعار الفائدة لمحاولة ضبط
التضخم.
* **تحفيز الصادرات:** لتقوية الاقتصاد التركي وخفض العجز التجاري.
* **تطوير الاستثمارات الأجنبية:** لجذب المزيد
من الاستثمارات الأجنبية،
* **تخفيض العجز المالي:** للحد من الضغط على الليرة.
**مستقبل الليرة التركية:**
يُتوقع أن تواجه الليرة التركية مزيدًا من
التحديات في المستقبل، ولكن يمكن أن تتخذ بعض الخطوات لتعزيز استقرارها، مثل:
* **التحكم في التضخم:** من خلال سياسة نقدية أكثر صرامة.
* **تطوير القطاع الصناعيّ:** لتقليل الاعتماد على الواردات.
* **تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية:** لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
**خاتمة:**
تُعدّ الليرة التركية عملة مهمة لها دور رئيسي في الاقتصاد التركي.
تاريخها
والتحديات التي واجهتها تعكس مسار
الاقتصاد التركي، وتؤثر على حياة
المواطنين بشكل مباشر.
ستواجه الليرة التركية المزيد من التحديات، ولكن
من خلال سياسة اقتصادية حكيمة يمكن أن تتخطى
هذه التحديات وتصبح عملة قوية ومستقرة.