## الدول الغنية أمام اختبار حقيقي: توفير 5 تريليونات دولار سنوياً لتمويل المناخ
تتجه الأنظار اليوم نحو
الدول الغنية، مطالبين إياها بتحمل مسؤولياتها تجاه مكافحة التغير المناخي
من خلال توفير التمويل اللازم لدعم الدول النامية في خفض انبعاثاتها وتكيفها مع تأثيرات
تغير المناخ.
## الدول الغنية أمام اختبار حقيقي: توفير 5 تريليونات دولار سنوياً لتمويل المناخ
فبينما تسعى الدول النامية
للحصول على ما
لا يقل عن 750 مليار جنيه استرليني (تريليون دولار) سنوياً من الأموال العامة
لمساعدتها في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع آثار الطقس القاسي، تقدم الدول الغنية تمويلاً أقل بكثير عبر تمويل
المناخ التقليدي مثل القروض ذات الفائدة المنخفضة من البنك الدولي ومؤسسات مماثلة.
لكن تبرز في
الآونة الأخيرة منظور جديد للتمويل، يدعو
إلى فرض ضرائب غير متوقعة على الوقود
الأحفوري، وإنهاء الدعم الضار، وفرض ضريبة على ثروات الأثرياء.
وتؤكد الأبحاث
التي أجرتها
مجموعة الضغط "أويل تشينغ إنترناشيونال" أن الدول الغنية يمكن أن تحقق 5
تريليونات دولار سنوياً من مجموعة من الضرائب على الثروة والشركات، إضافة إلى
تشديد القوانين المتعلقة بالوقود الأحفوري.
وتشير الدراسات إلى أن ضريبة على ثروات المليارديرات
يمكن أن تولد 483 مليار دولار عالمياً، في حين يمكن أن تدر ضريبة على المعاملات
المالية 327 مليار دولار. كما أن الضرائب على مبيعات التكنولوجيا الكبرى والأسلحة
والموضة الفاخرة من المتوقع أن تحقق 112 مليار دولار أخرى.
ويُمكن لإعادة توزيع 20 في المئة من الإنفاق العسكري
العام أن توفر 454 مليار دولار إذا طبق
عالمياً.
ولن تقتصر آلية تمويل المناخ
على فرض
الضرائب فقط، بل يشمل
وقف الدعم للوقود الأحفوري، وهو
ما سوف يحرر 270 مليار دولار من الأموال
العامة في الدول الغنية، ونحو 846 مليار دولار عالمياً. كما يُتوقع أن تبلغ ضرائب استخراج الوقود
الأحفوري 160 مليار دولار في الدول الغنية و618 مليار دولار.
"لا يوجد نقص في الأموال العامة المتاحة
للدول الغنية
لتدفع حصتها العادلة من أجل العمل المناخي، سواء في الداخل أو الخارج، ويمكنها فتح
تريليونات الدولارات من المنح والتمويل المناخي المعادل للمنح من طريق إنهاء الدعم
للوقود الأحفوري، وجعل الملوثين يتحملون المسؤولية، وتغيير القواعد المالية غير
العادلة"، يؤكد لوري فان دير
بورغ، المسؤول عن التمويل العام في "أويل
تشينغ إنترناشيونال".
وتشدد أليخاندرا
لوبيز كارباخال، المديرة في "ترانسفورما كلومات دبلوماسي" على أن "هناك محاولة من الدول المتقدمة لتأطير
المفاوضات الجديدة حول تمويل المناخ في سياق ندرة التمويل العام، بينما في الواقع
هناك موارد كافية لمعالجة أزمة المناخ".
وسيصبح التمويل محور نقاشات قمة المناخ المقبلة للأمم
المتحدة (كوب 29) في أذربيجان في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث يُتوقع تحديد "هدف جماعي جديد محدد
كمياً"، وفقاً لشروط اتفاق باريس.
وعلى هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة،
يُركز النقاش على أهداف خفض الكربون للدول الغنية
والفقيرة على حد سواء، حيث أكدت
وكالة الطاقة الدولية أن استبدال
الوقود الملوث، مثل الكتلة الحيوية والفحم والبارافين المستخدم في الطهي في أجزاء
كبيرة من العالم النامي، سيكون خطوة مهمة
نحو تحقيق أهداف العالم المتعلقة بالابتعاد عن الوقود الأحفوري.
ويُعد تحسين
الإدارة البيئية وتوفير تقنيات الطاقة النظيفة للمجتمعات النامية من الضروريات الملحة للحد من انبعاثات الكربون وتحسين الظروف
المعيشية.
كما يجب تحسين
معايير كفاءة المباني وتحديث معدات تكييف الهواء،
والتحول إلى الكهرباء للتدفئة والنقل بالسيارات في العالم المتقدم.
وتلعب الحكومات الفرعية،
مثل السلطات
الإقليمية والمدن، دوراً هاماً في الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الكربون، وذلك
من خلال تحديد أهداف للوصول إلى
صفر انبعاثات، وإنشاء خطط واضحة لتحقيقها.
ولكن
الواقع يُظهر أن
نحو 40 في المئة من
هذه الكيانات، حتى في الدول
الكبيرة، لا تملك
مثل هذه الأهداف.
على سبيل المثال، تدعي شركة "تيسلا" للسيارات
الكهربائية أنها تحقق "تقدماً ملموساً
في بناء خطة
لتحقيق صفر انبعاثات
في أقرب وقت
ممكن"، لكنها لم
تنشرها بعد.
ولا تملك باكو،
عاصمة أذربيجان، حيث
سُيعقد مؤتمر (كوب 29)، هدفاً
لتقليل الانبعاثات، في حين لم
تستجب حكومة المدينة
أبداً لاستطلاع "سي
دي بي" العالمي
السنوي، الذي يطلب
من السلطات المحلية
حول أهدافها المتعلقة
بالكربون منذ عام 2018. وتعد
أذربيجان واحدة من
نحو 50 دولة
تفتقر إلى هدف
وطني للوصول إلى
صفر انبعاثات، على
رغم أن الحكومة
تقول إنها تعمل
على خطة مناخية
جديدة قبل "كوب
29".
يُشكل تمويل المناخ
واحداً من
أهم الركائز للنجاح
في مكافحة تغير
المناخ، فهو يُمكن
أن يساعد الدول
النامية في تطوير
الاقتصاد الذي يُركز
على الطاقة النظيفة
والتكيف مع تأثيرات
تغير المناخ.
ولكن هذا التحدي
يتطلب تعاوناً دولياً
متكاملاً ، واستراتيجيات
تمويل ذكية، والتزاماً
قوياً من قبل
جميع الأطراف المشاركة
في المجتمع العالمي.
يُعد تحقيق هدف
الـ 5 تريليونات
دولار سنوياً لتمويل
المناخ مهمة شاقة،
لكن يُمكن تحقيقها
بالتعاون والالتزام وإرادة
جدية من قبل
الدول الغنية والدول
النامية على حد
سواء.
فلا يُمكن أن
نُشهد جيل مستقبلي
يدفع ثمن إهمال
أجيال ماضية ،
والتي لم تُقدم
الاستجابات الكافية للحد
من انبعاثات الغازات
الدفيئة وتوفير التمويل
اللازم لتكيف الدول
النامية مع تغير
المناخ.