recent
أخبار ساخنة

## هل تستحق الشهرة على وسائل التواصل الموت في سبيلها؟

 

 

## هل تستحق الشهرة على وسائل التواصل الموت في سبيلها؟

 

تُشكل وسائل التواصل الاجتماعي اليوم ساحةً صاخبةً، مليئةً بالصخب والضجيج، حيث يبحث الأفراد عن شريحةٍ من الانتباه والشهرة، مهما كان الثمن. لكن هل حقاً تستحق تلك الشهرة المخاطر التي تُرافقها؟ هل من المقبول التضحية بالسلامة الشخصية، بل وبالحياة نفسها، في سبيل الوصول إلى تلك القمة الوهمية؟


## هل تستحق الشهرة على وسائل التواصل الموت في سبيلها؟

## هل تستحق الشهرة على وسائل التواصل الموت في سبيلها؟


في عالمٍ يُعظم فيه عدد المتابعين ونسبة التفاعلات، يصبح من السهل ضياع الأفراد في دوامةٍ مُذهلة من الرغبة في الوصول إلى قاعدةٍ ضخمةٍ من المعجبين. يُصبح الرقم، وليس الفكرة، هو المعيار


 

ينقسم مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي اليوم إلى فئتين:

 

* **الأولى:** تلك التي تدور حولها المحتويات الحياتية اليومية،  من وصفات طعام لآراء سياسية، من نصائح جمالية لروتين يومي.

* **الثانية:** تلك التي تسعى إلى إثبات جرأتها عبر التحديات الخطرة،  مُعرّضةً حياتها للخطر في سبيل الحصول على مشاهداتٍ أكبر وتحقيق انتشارٍ أوسع.

 

**التحديات الخطرة:**

 

ففي غمرةِ  إعصار "ميلتون" الذي ضرب ولاية فلوريدا الأمريكية، غامرت المؤثرة كارولين كالواي البالغة من العمر 32 عامًا بمشاركة متابعيها رسالة تحدٍّ حول الأسباب التي دفعتها إلى تجاهل الإخلاء الإلزامي في منطقتها، قبل أن تستغل الفرصة للترويج لكتابها.

 

أما مايك سمولز جونيور، فشارك متابعيه على منصة "كيك" بثًا مباشرًا وهو يقفز في المياه مع مرتبة قابلة للنفخ، بينما تتساقط حوله الرياح العاتية، مُصرّحًا: "بدأت الرياح تشتد ولست أجيد السباحة، لذا كان عليّ التمسك بهذه الشجرة".

 

ويبدو أن هذه الرغبة في تحقيق المحتوى الغريب والأكثر إثارةً، هي الدافع الرئيسي وراء مثل هذه المخاطرة.  فما هو أسهل من تقديم عرضٍ مثيرٍ وغير تقليديٍّ على وسائل التواصل الاجتماعي؟

 

**ولكن ثمن هذه المغامرات قد يكون باهظًا جدًا**.

 

فقد لقي مؤثر بريطانيٌّ  حَدَثٌ مأساويٌّ أثناء أدائه عرضًا  مُثيرًا على منصة التواصل الاجتماعي. فقد سقط أثناء تسلقه أحد أكثر الجسور ارتفاعًا في إسبانيا، تحديدًا جسر كاستيا لامانشا الواقع غرب مدريد مباشرة.

 

يُزعم أن الشاب،  البالغ من العمر 26 عامًا، وصديقه البالغ من العمر 24 عامًا، تسلقا البناء الذي يرتفع حتى 630 قدمًا من دون أي معدات أمان.

 

وليس هذا الحدث مُنفردًا،  فقد سقطت مؤثرة هندية في مضيقٍ يبلغ ارتفاعه 300 قدم بعد التقاط صور "سلفي"  على مقربةٍ من شلال كومبهي في ولاية ماهاراشترا في غرب الهند.

 

وفي عام 2021، لقيَت المؤثرة في هونغ كونغ صوفيا تشيونغ حتفها بطريقةٍ مأساويةٍ أثناء محاولتها التقاط "سلفي"  مع أصدقائها بمحاذاة أحد الشلالات على تيار تسينغ داي.

 

**لماذا؟**

 

ما الذي يدفع الأشخاص إلى المخاطرة بحياتهم من أجل "الإعجابات"  و "المشاهدات"  على وسائل التواصل الاجتماعي؟

 

الإجابة الأكثر وضوحًا هي: المال.  فإنشاء محتوى جذابٍ،  وخصوصًا البث المباشر،  يُدرّ على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أرباحًا هائلة

 

لكن ما الفائدة من كسب المال إذا كنت لن تعيش لتستمتع به؟

 

يبدو أن دافع "الجيل زد"  لا يقتصر على المال، بل يشمل الرغبة في الحصول على التقدير والابتعاد عن الواقع، إضافة إلى الانغماس في تجاربٍ مبالغٍ فيها تؤثر في إدراكهم الشخصي للواقع.

 

وعلى الرغم من صعوبةِ  فهمِ  هذا التوق، إلا أنه لا يُمكن إنكار تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على  "الجيل زد"  و "جيل الألفية"  ،  كجيلٍ  شهدَ  نشوءَ  منصاتٍ  اجتماعيةٍ  مُختلفةٍ  ،  من  "بيبو"  و  "ماي سبايس"  و  "فيسبوك"  و  "إنستغرام"  ،  كلها ساهمت  في  تشكيل  علاقته  مع  العالم  الافتراضي.

 

**وكمثالٍ  على  ذلك،**   كانت  منشوراتنا  في  السنوات  الأولى  من  وسائل  التواصل  اجتماعية  تتسم  بالبساطة  والتلقائية  ،  من  صور  "سلفي"   مُلتقطة  في  ليلة  مُعينة  إلى  مشاهدات  يومية  من  الطبيعة  أو  الغذاء  أو  الكتب.

 

ولكن مع مرور الوقت،  أصبح  الهدف  هو  الحصول  على  عددٍ  أكبر  من  "الإعجابات"   و  "المشاهدات"   و "المُتابعين"  ،  وذلك  من  خلال  اختيار  محتوى  مُحددٍ  و  استخدام  "هاشتاغات"  مُعينةٍ  ،  وحتى  التلاعب  بالخوارزميات  لزيادة  نسبة  الوصول  إلى  الجمهور  .

 

**ويُمكننا القول إن  "جيل الألفية"  ،  الذي شهد  ظهور  وسائل  التواصل  اجتماعية  بشكلٍ  كبير  ،  قد  أصبح  أكثر  وعيًا  ب  "لعبة  الإعجابات"   ،  ومُدركًا  ل  "اللعب"  مع  الخوارزميات  للحصول  على  انتباه  أوسع.**

 

لكن  "الجيل زد"   ،  الذي  نشأ  في  حضانة  وسائل  التواصل  اجتماعية  ،  يُرى  أنه  أكثر  استعدادًا  لتحدي  حدود  هذه  اللعبة  ،  وربما  يُجرؤ  على  مُخاطرة  أكبر  في  سبيل  الوصول  إلى  "الشهرة"   و  "التفاعلات"   على  هذه  المنصات  ،  مستغلاً  فكرة  أن  الجميع  يرغب  في  "المُشاركة"   في  الحكاية  ،  حتى  إن  كانت  خطيرة.

 

**في  الختام،**    تُطرح  الأسئلة  الحقيقية:  

 

هل  الشهرة  على  وسائل  التواصل  اجتماعية  تستحق  الموت  في  سبيلها؟   هل  هو  مُجرد  "سراب"   تُخدع  به  أرواح  الشباب  الذين  يسعون  إلى  الانتباه  و  "القبول"   ،   بما  هو  أكثر  من  الشخصيات  و  المُحتويات  التي  يُقدمونها  ؟   هل  نحن  مُستعدون  ل  "التضحية"   ب  "الواقع"   في  سبيل  "الافتراض"   ؟

 

**يُمكننا القول إن  "الشهرة"    ،    في  عالمٍ  أصبح  فيه  "الرقم"   هو  المُحدد  ،    تُصبح  سرابًا  خطيرًا  يُمكن  أن  يُودي  ب  "الروح"   قبل  ال  "جسد"   ،   ويُحرم  الفرد  من  إدراك  ال  "قيمة"    الحقيقية  في  الحياة.


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent