## قفزة نوعية في حصيلة النقد الأجنبي لمصر: مكاسب تجاوزت 30% في 2024 وسط تحسينات هيكلية وجهود إصلاحية
شهد الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2023/2024
تحولًا ملحوظًا على صعيد تدفقات النقد الأجنبي، حيث قفزت الحصيلة الإجمالية بنسبة
تجاوزت 30%، لتصل إلى نحو 159.6 مليار دولار، مقارنة بـ 121.9 مليار دولار في
العام المالي السابق.
![]() |
## قفزة نوعية في حصيلة النقد الأجنبي لمصر: مكاسب تجاوزت 30% في 2024 وسط تحسينات هيكلية وجهود إصلاحية |
يمثل هذا الارتفاع تحسنًا
كبيرًا يعكس فعالية الإجراءات المتخذة لتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز جاذبية مصر
للاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما يشير إلى استعادة الثقة تدريجيًا في الاقتصاد
الوطني.
**خلفية الأزمة وتداعياتها**
تعود جذور هذا التحسن إلى تجاوز أزمة حادة واجهت مصر في أوائل عام 2022، عندما شهدت البلاد خروجًا مفاجئًا لاستثمارات أجنبية بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار.
- أدى هذا التدفق الخارج إلى نقص حاد في النقد الأجنبي
- مما أثر سلبًا على القدرة على استيراد السلع الأساسية وخدمة الديون الخارجية
- وتسبب في
ضغوط كبيرة على قيمة الجنيه المصري.
**تدابير استثنائية لمواجهة التحديات**
في مواجهة هذه التحديات، اتخذت الحكومة المصرية
بالتعاون مع البنك المركزي سلسلة من الإجراءات الحاسمة، كان أبرزها تحرير سعر
الصرف في مارس 2023، وترك سعر صرف الجنيه المصري يتحدد وفقًا لآليات العرض والطلب.
تهدف هذه الخطوة إلى القضاء على السوق الموازية للعملة، واستعادة الثقة في النظام
المصرفي الرسمي، وتشجيع تحويلات المصريين العاملين في الخارج عبر القنوات الشرعية.
- بالتوازي مع ذلك، بذلت الحكومة جهودًا مكثفة لتوفير السيولة الدولارية
- من خلال إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي جديد
- وتسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية لبيع حصص في شركات مملوكة للدولة
- واللجوء إلى أسواق الدين الدولية عبر إصدار سندات متنوعة.
- هدفت هذه الإجراءات إلى تعزيز احتياطي النقد الأجنبي
- وتلبية احتياجات المستوردين، وتخفيف
الضغوط على سعر الصرف.
**ثمار الإصلاحات وتأثيرها على السوق**
بدأت هذه الإجراءات تؤتي ثمارها تدريجيًا، حيث
تمكنت البلاد من السيطرة على السوق الموازية للعملة، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي
الذي سجل أرقامًا قياسية تجاوزت 47 مليار دولار بنهاية يناير 2025. انعكس هذا
التحسن على استقرار سعر الصرف في السوق الرسمي، حيث استقر سعر الدولار الأميركي
عند 50.55 جنيه للشراء و50.65 جنيه للبيع في التعاملات الأخيرة، بينما استقر سعر
اليورو عند 52.83 جنيه للشراء و53.11 جنيه للبيع، وسعر الجنيه الإسترليني عند 63.66
جنيه للشراء و63.94 جنيه للبيع.
**الأداء القطاعي وتوزيع التدفقات النقدية**
على صعيد الأداء القطاعي، أظهرت بيانات الجهاز
المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن مجموعة دول جامعة الدول العربية كانت في مقدمة
المجموعات الدولية التي ساهمت في تدفقات النقد الأجنبي خلال عام 2023/2024، بقيمة
إجمالية بلغت 66.9 مليار دولار، تمثل 41.9% من إجمالي المتحصلات. تصدرت دولة
الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية بمبلغ 36.4 مليار دولار، تمثل 22.8%
من إجمالي متحصلات الدول العربية، تلتها المملكة العربية السعودية بقيمة 17.1
مليار دولار.
- في المقابل، تصدرت مجموعة دول القارة الأوروبية
- قائمة المجموعات الدولية التي ساهمت في مدفوعات النقد الأجنبي
- المغادرة خلال عام 2023/ 2024، بقيمة نحو 53.2 مليار دولار
- تمثل 35.8% من إجمالي المدفوعات.
- تصدرت المملكة المتحدة قائمة الدول الأوروبية بمبلغ 14.4 مليار دولار
- تلتها ألمانيا بقيمة 9.5
مليار دولار.
**تحليل تفصيلي للمتحصلات والمدفوعات**
أظهرت البيانات الرسمية أيضًا زيادة إجمالي
مدفوعات النقد الأجنبي لتصل إلى 148.5 مليار دولار خلال العام المالي 2023/ 2024،
مقارنة بـ 135.0 مليار دولار في العام السابق، بنسبة زيادة قدرها 10%. يرجع هذا
الارتفاع إلى زيادة المدفوعات على واردات السلع لتصل إلى 67.8 مليار دولار، مقارنة
بـ 61.6 مليار دولار في العام السابق.
- فيما يتعلق بالتعاملات النقدية مع التكتلات الاقتصادية
- انخفضت قيمة التعاملات النقدية مع دول الكوميسا
- (التي تعد مصر عضوًا فيها) بنسبة 25.3% لتصل إلى 2.8 مليار دولار
- مقارنة بـ 3.8 مليار دولار في العام السابق. في المقابل
- ارتفعت قيمة التعاملات النقدية مع دول الاتحاد الأوروبي
- لتصل إلى 51.8 مليار دولار، مقارنة بـ 47.5 مليار دولار
- في العام السابق، بنسبة زيادة
قدرها 8.9%.
**برنامج صندوق النقد الدولي ومستقبل الإصلاح الاقتصادي**
تتطلع مصر حاليًا إلى نتائج المراجعة الرابعة
لبرنامج التمويل مع صندوق النقد الدولي، والتي كشف مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا
الوسطى في الصندوق، الدكتور جهاد أزعور، أنها ستتضمن برنامجًا جديدًا يتعلق
بالبيئة والتحول الأخضر. ويهدف هذا البرنامج إلى دعم جهود مصر في تحقيق التنمية
المستدامة، وتعزيز قدرتها على مواجهة تحديات تغير المناخ.
- من المتوقع أن يتم إدراج مصر في جدول
- أعمال المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي قريبًا
- تمهيدًا لصرف الشريحة الرابعة بقيمة 1.2 مليار دولار
- من القرض البالغ 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى شريحة أخرى
- بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق الصلابة والمرونة.
**نظرة مستقبلية وتحديات مستمرة**
على الرغم من التحسن الكبير في حصيلة النقد
الأجنبي، لا تزال مصر تواجه بعض التحديات الاقتصادية، مثل ارتفاع معدلات التضخم،
وزيادة حجم الدين العام، وارتفاع فاتورة الواردات. يتطلب التغلب على هذه التحديات
استمرار الجهود الإصلاحية، وتعزيز التنويع الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال، وتشجيع
الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
- بالإضافة إلى ذلك، من الضروري الاستمرار في ترشيد الإنفاق الحكومي
- وزيادة الإيرادات الضريبية، وتحسين كفاءة إدارة الدين العام
- من أجل تحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.
في الختام
يمثل الارتفاع الكبير في حصيلة النقد
الأجنبي لمصر خلال العام المالي 2023/2024 إنجازًا هامًا يعكس نجاح الجهود
الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة المصرية، ويعزز الثقة في مستقبل الاقتصاد الوطني. ومع
ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لتحقيق التنمية المستدامة
والشاملة، وتحسين مستوى معيشة جميع المصريين. يتطلب ذلك استمرار العمل الجاد
والمثابرة، وتضافر جهود جميع أطراف المجتمع، من أجل بناء اقتصاد قوي ومزدهر، قادر
على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب المصري.