recent
أخبار ساخنة

### **طبول الحرب الكبرى في الشرق الأوسط

 

### **طبول الحرب الكبرى في الشرق الأوسط: من الصراع الخفي إلى المواجهة المفتوحة بين إيران وإسرائيل**

 

**مقدمة نهاية عصر حرب الظل**

 

على مدى عقود، أدارت القوتان الإقليميتان الأبرز في الشرق الأوسط، إيران وإسرائيل، صراعًا مريرًا ومميتًا، لكنه ظل في معظمه ضمن قواعد غير معلنة أُطلق عليها "حرب الظل". كانت ساحات هذه الحرب تمتد من هضبة الجولان السورية إلى مياه الخليج العربي، مرورًا ببيروت وصنعاء، وباستخدام وكلاء وهجمات سيبرانية واغتيالات دقيقة

على مدى عقود، أدارت القوتان الإقليميتان الأبرز في الشرق الأوسط، إيران وإسرائيل، صراعًا مريرًا ومميتًا، لكنه ظل في معظمه ضمن قواعد غير معلنة أُطلق عليها "حرب الظل". كانت ساحات هذه الحرب تمتد من هضبة الجولان السورية إلى مياه الخليج العربي، مرورًا ببيروت وصنعاء، وباستخدام وكلاء وهجمات سيبرانية واغتيالات دقيقة
### **طبول الحرب الكبرى في الشرق الأوسط


### **طبول الحرب الكبرى في الشرق الأوسط: من الصراع الخفي إلى المواجهة المفتوحة بين إيران وإسرائيل**

  • . لكن في ليلة وضحاها، تبدد هذا الضباب الاستراتيجي، وتحطمت قواعد الاشتباك القديمة. الهجوم
  •  الإيراني المباشر وغير المسبوق على إسرائيل، ردًا على قصف قنصليتها في دمشق، لم يكن مجرد
  •  تصعيد عسكري، بل كان إعلانًا صريحًا عن دخول المنطقة في فصل جديد وخطير من فصول
  •  الصراع، فصل المواجهة المفتوحة التي تهدد بإشعال "حرب كبرى" طالما كانت كابوسًا يراود
  •  الساسة والمحللين.

لم تكن هذه المواجهة وليدة لحظتها، بل هي الذروة الحتمية لمسار طويل من التوترات المتراكمة. فلا يمكن فهم الهجوم على إسرائيل بمعزل عن سياقه الأوسع: حرب غزة التي فجرت برميل البارود الإقليمي، والمناوشات اليومية على الحدود اللبنانية مع حزب الله، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، والضربات الإسرائيلية المستمرة ضد الوجود الإيراني في سوريا. كل هذه الأحداث لم تكن سوى مقدمات للمعركة الكبرى التي بدأت فصولها تتكشف الآن أمام أعين العالم.

**الجذور العميقة للمعركة تراكم الضربات وكسر الردع**

 

بدأت إسرائيل، مدعومة بتفوقها الاستخباراتي والتكنولوجي، بتوجيه ضربات موجعة وممنهجة لإيران على مدى السنوات الماضية. لم تقتصر هذه الضربات على شحنات الأسلحة أو القواعد العسكرية في سوريا، بل وصلت إلى قلب البرنامج النووي والعسكري الإيراني. عمليات الاغتيال التي طالت كبار العلماء، مثل محسن فخري زادة، وقادة الحرس الثوري، تمت بطرق درامية أظهرت قدرة إسرائيل على اختراق أعمق الدوائر الأمنية الإيرانية.

 

  • لكن الضربة التي غيرت كل شيء كانت استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل
  •  2024، والتي أدت إلى مقتل قيادات بارزة في فيلق القدس، على رأسهم الجنرال محمد رضا زاهدي.
  •  من وجهة نظر طهران، لم تكن هذه مجرد عملية اغتيال أخرى؛ بل كانت هجومًا على أرض سيادية
  •  رمزية

 وتحديًا مباشرًا لهيبة النظام. كان الصمت يعني انهيار "محور المقاومة" بأكمله وفقدان مصداقيته. لذا، كان الرد حتميًا، ليس فقط للانتقام، بل لإعادة ترسيم "معادلة الردع" التي سحقتها إسرائيل.

 

  1. جاء الرد الإيراني، الذي أُطلق عليه عملية "الوعد الصادق"، ليشكل بحد ذاته حدثًا تاريخيًا. فلأول مرة
  2.  منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، تطلق إيران هجومًا عسكريًا مباشرًا من أراضيها ضد
  3.  إسرائيل. مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز انطلقت في مشهد حبس
  4.  أنفاس العالم.

 ورغم أن التحالف الدفاعي الذي قادته الولايات المتحدة بمشاركة بريطانيا وفرنسا والأردن نجح في اعتراض الغالبية العظمى من المقذوفات، إلا أن الرسالة السياسية والاستراتيجية كانت قد وصلت: لقد كُسر المحظور، وأصبحت تل أبيب وأهداف استراتيجية أخرى في مرمى النيران الإيرانية المباشرة.

 

**من المنتصر ومن المهزوم؟ معادلة معقدة**

 

في أعقاب هذه المواجهة، سارع كل طرف لإعلان نصره. إسرائيل احتفلت بنجاح منظوماتها الدفاعية (القبة الحديدية، مقلاع داوود، السهم) والدعم الدولي الذي أظهر عزلتها الإقليمية أقل مما كان يُعتقد. لقد أثبتت تفوقها التكنولوجي وقدرتها على حشد تحالف دولي لحمايتها.

 

  • في المقابل، أعلنت إيران تحقيقها لأهدافها الاستراتيجية. لقد أثبتت أنها تمتلك الجرأة والقدرة على
  •  ضرب إسرائيل مباشرة، محطمةً بذلك هالة "الدولة التي لا تُقهر". كما أنها كشفت عن حجم الترسانة
  •  التي بنتها، وأجبرت إسرائيل وحلفاءها على استهلاك موارد دفاعية باهظة الثمن في ليلة واحدة. الأهم
  •  من ذلك، أنها استعادت جزءًا من هيبتها المفقودة أمام وكلائها وأنصارها في المنطقة.

 

الحقيقة أن تحديد المنتصر والمهزوم في هذه الجولة أمر معقد ومضلل. فكلا الطرفين حقق مكاسب وخسر أوراقًا، والنتيجة الأوضح هي أن المنطقة أصبحت أكثر خطورة وقابلية للاشتعال من أي وقت مضى.

 الباب أصبح مفتوحًا على مصراعيه لسيناريوهات كانت في الماضي مجرد تكهنات، بما في ذلك إمكانية تدخل قوى دولية كبرى مثل روسيا والصين بشكل أكثر فاعلية لدعم إيران، ليس بالضرورة عسكريًا، بل عبر تزويدها بتقنيات متقدمة ودعم اقتصادي ودبلوماسي يكسر طوق العزلة الغربية.

 

**الدور الأمريكي وصفقة القرن الجديدة**

 

من السذاجة النظر إلى هذا الصراع باعتباره مجرد مواجهة ثنائية. فالولايات المتحدة كانت ولا تزال اللاعب المركزي خلف الكواليس وفي العلن. لقد شاركت أمريكا بفعالية في صد الهجوم الإيراني، لكن دورها كان أعمق من ذلك بكثير. هناك من يرى أن واشنطن، عبر إدارات متعاقبة، ساهمت في تهيئة الظروف لهذه المواجهة.

 

  • الرئيس السابق دونالد ترامب، بقراره الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018 وفرض سياسة
  •  "الضغوط القصوى"، أغلق الباب أمام الدبلوماسية ودفع إيران نحو تسريع برنامجها النووي وتوسيع
  •  نفوذها الإقليمي كوسيلة للرد. إن ما يجري اليوم يمكن اعتباره أحد الفصول المتأخرة لتداعيات تلك
  •  السياسة، وامتدادًا لمشروعه المعروف بـ"صفقة القرن" الذي هدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط
  •  عبر تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية كبرى لخلق جبهة موحدة ضد إيران.

 

مسلسل المعركة الكبرى هذا يتجاوز قدرات إسرائيل وحدها. الدعم الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، ليس مجرد دعم لوجستي أو دفاعي، بل هو دعم استراتيجي متكامل يشمل التخطيط والمعلومات الاستخباراتية والغطاء الدبلوماسي والأموال.

 إن القائد الفعلي لما يجري ليس فقط في تل أبيب، بل في واشنطن، حيث تتشابك المصالح الاستراتيجية الأمريكية مع أمن إسرائيل في رؤية مشتركة لشرق أوسط جديد، حتى وإن اختلفت الإدارات على تكتيكات تحقيق هذه الرؤية.

 

**العالم العربي بين المطرقة والسندان**

 

في قلب هذه الزوبعة الجيوسياسية، يقف العالم العربي في موقف بالغ الحساسية. فالدول العربية، وخاصة الخليجية، تجد نفسها بين مطرقة الطموحات الإيرانية وسندان الاستراتيجية الإسرائيلية-الأمريكية. لقد أظهرت مشاركة الأردن في اعتراض الصواريخ الإيرانية حجم الضغوط والخيارات الصعبة التي تواجهها دول المنطقة.

 

  1. إن غياب إيران عن الساحة أو إضعافها بشكل كبير، وهو الهدف النهائي للاستراتيجية الإسرائيلية، لن
  2.  يكون بالضرورة نهاية المطاف أو ضمانًا للاستقرار. فالصراع قد يتحول إلى أشكال أخرى، والفراغ
  3.  الذي قد تتركه إيران قد تسعى لملئه قوى أخرى، سواء كانت دولًا إقليمية منافسة أو تنظيمات متطرفة.
  4.  على العالم العربي أن يراقب بحذر شديد توابع ما يجري، وأن يدرك أن الخرائط السياسية والأمنية
  5.  للمنطقة يُعاد رسمها الآن، وأن غياب رؤية عربية موحدة وفاعلة قد يجعل دوله مجرد بيادق في لعبة
  6.  شطرنج أكبر منها.

 

**البقية تأتي**

 

رغم تسارع الأحداث، نحن نشهد لحظة تحول تاريخي. لأول مرة تهتز أركان تل أبيب بصواريخ أُطلقت من دولة معادية تبعد أكثر من ألف كيلومتر. لقد تغيرت طبيعة الحرب، وانتقل الصراع من الظل إلى النور، ومن الوكالة إلى الأصالة.

 

  • المعركة لم تنتهِ، بل ربما بدأت للتو. كل طرف يدرس الآن خطوته التالية في هذه الرقصة المميتة. هل
  •  سترد إسرائيل بضربة موجعة داخل إيران، مخاطرة بإشعال حرب شاملة؟ أم ستكتفي بالنصر الدفاعي
  •  وتسعى لجني ثماره دبلوماسيًا؟ وهل ستعود إيران إلى سياسة "الصبر الاستراتيجي"، أم أنها ستجعل
  •  المواجهة المباشرة قاعدة جديدة للاشتباك؟

 الختام

الأكيد أننا دخلنا نفقًا لا يُعرف طوله ولا نهايته. فصول المعركة القادمة قد تكون أكثر دموية وتعقيدًا، وعلينا أن ننتظر لنرى ما تخبئه الأيام القادمة. فكما يقول المثل، "البقية تأتي"، وفي سياق الشرق الأوسط الحالي، قد تكون هذه البقية أخطر بكثير مما سبقها.

### **طبول الحرب الكبرى في الشرق الأوسط


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent