recent
أخبار ساخنة

### **شبكة الخلاص النووي: ما وراء مشروع "ملاجئ يوم القيامة" الإسرائيلية؟**

 

### **شبكة الخلاص النووي: ما وراء مشروع "ملاجئ يوم القيامة" الإسرائيلية؟**

 

في أعماق الأرض، بعيدًا عن أعين العالم وصخب السياسة اليومية، تُحاك خيوط استراتيجية بقاء معقدة ومكلفة. لا نتحدث هنا عن ملاجئ عامة للمدنيين، بل عن شبكة هائلة من الحصون المنيعة والمدن السرية التي تشكل ما يمكن وصفه بـ "دولة تحت الدولة" في إسرائيل. هذا المشروع، الذي يُطلق عليه إعلاميًا "ملاجئ يوم القيامة"، ليس مجرد بنية تحتية دفاعية، بل هو تجسيد لعقيدة أمنية وجودية، وتقاطع مثير للجدل بين التخطيط العسكري، الطموح السياسي، والأبعاد الأيديولوجية العميقة.

في أعماق الأرض، بعيدًا عن أعين العالم وصخب السياسة اليومية، تُحاك خيوط استراتيجية بقاء معقدة ومكلفة. لا نتحدث هنا عن ملاجئ عامة للمدنيين، بل عن شبكة هائلة من الحصون المنيعة والمدن السرية التي تشكل ما يمكن وصفه بـ "دولة تحت الدولة" في إسرائيل. هذا المشروع، الذي يُطلق عليه إعلاميًا "ملاجئ يوم القيامة"، ليس مجرد بنية تحتية دفاعية، بل هو تجسيد لعقيدة أمنية وجودية، وتقاطع مثير للجدل بين التخطيط العسكري، الطموح السياسي، والأبعاد الأيديولوجية العميقة.
### **شبكة الخلاص النووي: ما وراء مشروع "ملاجئ يوم القيامة" الإسرائيلية؟**


### **شبكة الخلاص النووي: ما وراء مشروع "ملاجئ يوم القيامة" الإسرائيلية؟**

1.  ما هو الهدف الاستراتيجي من بناء "ملاجئ يوم القيامة"، وكيف يعكس تخصيصها للنخبة فقط فكرة وجود "دولة تحت الدولة" في إسرائيل؟

 

2.  ما العلاقة التي تربط بين مشروع الملاجئ المحصنة، صفقة الغواصات الألمانية، وعقيدة الردع النووي الإسرائيلية القائمة على "الضربة الثانية"؟

 

3.  إلى أي مدى تُعتبر هذه الملاجئ استعدادًا لحرب شاملة قد تبدأها إسرائيل، أم أنها دليل على خوف قيادتها من انهيار الدولة وزوالها؟

 

4.  بعيدًا عن الجانب العسكري، ما هي الدلالات الدينية والثقافية وراء المشروع، وكيف يرتبط بفكرة "نجاة البقية المختارة" في الفكر الصهيوني؟


#### **من "مشروع الجبل" إلى دولة محصنة تحت الأرض**

 

لم تولد فكرة الملاجئ المحصنة للقيادة من فراغ. بدأت جذورها تتشكل بعد حرب عام 1967، لكنها اكتسبت زخمًا حقيقيًا بعد حرب الخليج الأولى عام 1991، عندما سقطت صواريخ "سكود" العراقية على تل أبيب، كاشفةً عن هشاشة الجبهة الداخلية أمام التهديدات الصاروخية. منذ تلك اللحظة، تحول المفهوم من مجرد غرف آمنة إلى مشروع استراتيجي متكامل يهدف إلى ضمان استمرارية عمل الدولة في أحلك الظروف.

 

  • يُعد "مشروع الجبل"، وهو منشأة سرية ضخمة تقع في منطقة جبال القدس، أحد أبرز تجليات هذا
  •  التوجه. تشير التقارير إلى أنه ليس مجرد ملجأ، بل مركز قيادة وسيطرة وطني للطوارئ (National
  •  Emergency Management Center)، مصمم ليكون المقر البديل للحكومة والجيش في حال
  •  تعرضت مراكز القيادة السطحية للتدمير. على مدار العقود، وبشكل خاص في عهد رئيس الوزراء
  •  بنيامين نتنياهو، شهد هذا المشروع توسعًا وتحديثًا هائلًا، حيث رُصدت له ميزانيات بالمليارات، غالبًا
  •  تحت بنود سرية في ميزانية الدفاع.

 

يتم تنفيذ هذه المشاريع بتعاون وثيق بين هيئات متعددة، تشمل وحدة الهندسة في الجيش الإسرائيلي، وأجهزة الاستخبارات مثل الموساد والشاباك، بالإضافة إلى شركات خاصة متخصصة في التحصين والبنية التحتية المعقدة، مما يضمن أعلى مستويات السرية والكفاءة.

 

#### **هندسة البقاء تكنولوجيا المدن السرية**

 

إن وصف هذه المنشآت بـ "الملاجئ" قد يكون تبسيطًا مخلًا. هي أقرب إلى مدن مصغرة مكتفية ذاتيًا، مصممة للصمود أمام هجمات نووية وبيولوجية وكيميائية (NBC). بنيتها التحتية تتضمن:

 

*   **تحصينات فيزيائية فائقة:** تقع هذه الملاجئ على أعماق كبيرة تحت الأرض، تصل أحيانًا إلى عشرات الأمتار، ومحمية بطبقات من الصخور والخرسانة المسلحة الفولاذية القادرة على امتصاص الصدمات الناتجة عن أقوى الانفجارات. مداخلها مموهة ومغلقة بأبواب فولاذية هيدروليكية تزن أطنانًا.

*   **أنظمة دعم الحياة:** تحتوي على أنظمة متطورة لتنقية الهواء، قادرة على عزل الملوثات الإشعاعية والكيميائية، ومولدات طاقة مستقلة (ديزل أو حتى نووية مصغرة)، بالإضافة إلى خزانات ضخمة للمياه ومخزون استراتيجي من الغذاء والدواء يكفي لأسابيع أو أشهر.

*   **مراكز قيادة وسيطرة:** قلب هذه الملاجئ هو غرف العمليات المجهزة بأحدث أنظمة الاتصالات المشفرة، وشاشات عملاقة متصلة بالأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، مما يتيح للقيادة السياسية والعسكرية إدارة حرب شاملة واتخاذ قرارات حاسمة بمعزل كامل عن العالم الخارجي.

*   **اقتصار على النخبة:** هذه الملاجئ ليست متاحة للجميع. هي مخصصة حصرًا لرئيس الوزراء، ووزراء الحكومة الأمنية المصغرة، ورئيس هيئة الأركان، وقادة الأجهزة الاستخباراتية، وعدد محدود من العلماء والخبراء الأساسيين في البرنامج النووي والصناعات الدفاعية. هذا الانتقاء يعكس فلسفة المشروع: حماية "العقل المدبر" للدولة لضمان استمراريتها.

 

#### **عقيدة يوم القيامة البعد الأيديولوجي والاستراتيجي**

 

تسمية "يوم القيامة" ليست مجرد مصطلح إعلامي، بل تحمل دلالات ثقافية ودينية متجذرة في الفكر اليهودي. ترتبط هذه الفكرة بنبوءات نهاية الزمان وحرب "جوج وماجوج" المذكورة في النصوص الدينية، والتي تتحدث عن حرب كونية ينجو منها "بقية مختارة" من شعب إسرائيل لتبدأ بعدها مرحلة الخلاص. في هذا السياق، يُنظر إلى الملاجئ كـ "سفينة نوح" العصرية، أداة مادية لضمان نجاة النخبة التي ستقود الشعب في مرحلة ما بعد الكارثة.

 

  1. استراتيجيًا، تخدم هذه الملاجئ غرضًا حاسمًا في عقيدة الردع النووي الإسرائيلية. فبينما تلتزم إسرائيل
  2.  بسياسة "الغموض النووي"، يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك ترسانة نووية. لكي يكون هذا الردع
  3.  فعالًا، يجب على الخصم أن يكون على يقين من أن إسرائيل قادرة على توجيه "ضربة ثانية" مدمرة
  4.  حتى بعد تعرضها لهجوم نووي أولي. الملاجئ تضمن بقاء القيادة السياسية والعسكرية على قيد الحياة
  5.  لإصدار الأمر بتلك الضربة الثانية، مما يجعل أي هجوم استباقي ضد إسرائيل خيارًا انتحاريًا.

 

#### **ضلع المثلث الاستراتيجي صفقة الغواصات الألمانية**

 

لا يمكن فهم مشروع الملاجئ بمعزل عن الصفقات العسكرية الكبرى، وأبرزها صفقة شراء الغواصات المتطورة من طراز "دولفين" من ألمانيا، وهي صفقة أثارت جدلًا واسعًا حول شبهات فساد طالت مقربين من نتنياهو. يرى المحللون أن هذه الغواصات، القادرة على حمل صواريخ برؤوس نووية والبقاء في أعماق البحار لفترات طويلة، تمثل الضلع الهجومي في استراتيجية الضربة الثانية.

 

وهكذا، يكتمل المثلث الاستراتيجي:

1.  **الترسانة النووية (السيف):** القدرة على التدمير.

2.  **الغواصات (المنصة المتحركة):** القدرة على إيصال السيف من أي مكان وبشكل خفي.

3.  **الملاجئ المحصنة (الدرع والقيادة):** ضمان بقاء العقل الذي سيقرر استخدام السيف.

 

هذا التكامل بين المنصات الهجومية والبنية التحتية الدفاعية المحصنة يعكس تخطيطًا بعيد المدى لسيناريوهات الحرب الشاملة.

 

#### **استعداد للهجوم أم خوف من الانهيار؟**

 

يثير وجود هذه الشبكة السرية سؤالًا جوهريًا: هل هي مجرد إجراء دفاعي احترازي يعكس قلقًا عميقًا من التهديدات الوجودية، أم أنها جزء من استعدادات لسيناريوهات أكثر هجومية، تمنح القيادة الإسرائيلية الثقة لخوض مواجهات كبرى وهي مطمئنة إلى نجاتها؟

 

  • الجواب على الأرجح يكمن في قلب مفارقة الأمن الإسرائيلي: دولة تتمتع بقوة عسكرية ضاربة، لكنها
  •  في الوقت نفسه مهووسة بفكرة الفناء والانهيار. "ملاجئ يوم القيامة" هي التعبير المادي عن هذا
  •  التناقض، فهي رمز للقوة المطلقة والخوف المطلق في آن واحد.

الختام

 وفي النهاية، يبقى وجود "دولة تحت الدولة" شاهدًا على أن الصراع في الشرق الأوسط لا يُدار فقط على السطح، بل في أعماق الأرض أيضًا، حيث يتم الاستعداد للمستقبل بكل سيناريوهاته، حتى أكثرها كارثية.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent