recent
أخبار ساخنة

# كيف استفاد أثرياء أميركا من إدارة ترمب؟ تحليل معمق للسياسات الضريبية وتفاقم التفاوت الاقتصادي

 

# كيف استفاد أثرياء أميركا من إدارة ترمب؟ تحليل معمق للسياسات الضريبية وتفاقم التفاوت الاقتصادي

 

## مقدمة: الازدهار على القمة والركود في القاع

 

شكلت فترة رئاسة دونالدترمب (2017-2021) نقطة تحول في المشهد الاقتصادي والمالي الأميركي، حيث شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في ثروات كبار المستثمرين والمليارديرات، بينما ظلت المكاسب الاقتصادية للطبقات الوسطى والدنيا تراوح مكانها، بل وتراجعت في بعض الجوانب. هذا التباين الصارخ يطرح تساؤلات جدية حول فعالية وعدالة السياسات الاقتصادية المتبعة، لاسيما قانون التخفيضات الضريبية الذي أقره ترمب في عام 2017.

شكلت فترة رئاسة دونالد ترمب (2017-2021) نقطة تحول في المشهد الاقتصادي والمالي الأميركي، حيث شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في ثروات كبار المستثمرين والمليارديرات، بينما ظلت المكاسب الاقتصادية للطبقات الوسطى والدنيا تراوح مكانها، بل وتراجعت في بعض الجوانب. هذا التباين الصارخ يطرح تساؤلات جدية حول فعالية وعدالة السياسات الاقتصادية المتبعة، لاسيما قانون التخفيضات الضريبية الذي أقره ترمب في عام 2017.
# كيف استفاد أثرياء أميركا من إدارة ترمب؟ تحليل معمق للسياسات الضريبية وتفاقم التفاوت الاقتصادي


# كيف استفاد أثرياء أميركا من إدارة ترمب؟ تحليل معمق للسياسات الضريبية وتفاقم التفاوت الاقتصادي

يستكشف هذا التحليل كيف وفرت سياسات إدارة ترمب تحفيزات ضريبية ومالية استثنائية للشركات الكبرى وأصحاب رؤوس الأموال، مما سمح للأثرياء بتحقيق قفزات هائلة في ثرواتهم، وكيف أدت هذه السياسات في المقابل إلى تعميق الهوة بين الطبقات الاجتماعية، مثيرة جدلاً واسعاً حول مستقبل التفاوت الاقتصادي في الولايات المتحدة.

## الفصل الأول ركائز الازدهار قانون التخفيضات الضريبية والوظائف (TCJA)

 

كان الحجر الزاوية في استراتيجية ترمب الاقتصادية هو **قانون التخفيضات الضريبية والوظائف (Tax Cuts and Jobs Act - TCJA)** الذي أقر في أواخر عام 2017. هذا القانون، الذي وُصف بأنه الأكبر من نوعه منذ عقود، لم يكن مجرد خفض للضرائب، بل كان إعادة هيكلة جذرية للنظام الضريبي تهدف بشكل أساسي إلى تحفيز الشركات.

 

### 1. خفض ضريبة الشركات الدائم

 

التحول الأبرز الذي حمله قانون TCJA هو خفض معدل ضريبة الشركات الفيدرالية من 35% إلى 21% بشكل دائم. وقد بررت الإدارة هذه الخطوة بأنها ستشجع الشركات على إعادة استثمار الأرباح، وزيادة الأجور، وتوفير وظائف جديدة. 

  1. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال لم يُوجه لزيادة أجور العمال، بل استُخدم
  2.  في عمليات إعادة شراء الأسهم، مما أدى إلى رفع أسعار الأسهم وزيادة قيمة الحصص التي يمتلكها
  3.  الأثرياء والمساهمون الرئيسيون.

 

### 2. مزايا خاصة لأصحاب رؤوس الأموال

 

بالنسبة للأفراد الأكثر ثراءً، جاءت المزايا مباشرة وفعالة للغاية:

 

*   **تخفيض ضريبة أرباح رأس المال (Capital Gains Tax):** على الرغم من أن معدلات الأرباح الرأسمالية لم تتغير رسمياً، فإن انخفاض ضريبة الشركات عزز بشكل كبير من أسعار الأسهم، وهي المصدر الرئيسي لثروة المليارديرات.

*   **تقليل الضرائب على التركات الكبيرة (Estate Tax):** ضاعف القانون قيمة الإعفاء من ضريبة التركات، مما سمح للعائلات الثرية بنقل مبالغ ضخمة من الثروة بين الأجيال دون فرض ضرائب عليها.

*   **الإعفاء على دخل الكيانات العابرة (Pass-Through Income):** قدم القانون خصماً يصل إلى 20% على الدخل المحقق من الشركات الصغيرة والكيانات العابرة (مثل الشركات ذات المسؤولية المحدودة)، وهي ميزة استفاد منها الأفراد الأثرياء الذين يمتلكون عقارات واستثمارات خاصة ضخمة.

 

لقد سمحت هذه التحفيزات للأثرياء بالاستفادة المباشرة من استثماراتهم وعقاراتهم وشركاتهم الخاصة، محققة لهم وفورات ضريبية بعشرات الآلاف من الدولارات سنوياً.

 

## الفصل الثاني كيف تضخمت ثروات عمالقة التكنولوجيا؟

 

أدت البيئة الاقتصادية المشجعة للاستثمار، والمصحوبة بطفرة في أسواق البورصات الأميركية، إلى مضاعفة ثروات قادة قطاع التكنولوجيا الذين تُربط ثرواتهم ارتباطاً وثيقاً بأسعار أسهم شركاتهم.

 

وكما أشار السيناتور بارني ساندرز، شهدت ثروات أبرز الأسماء في وادي السيليكون زيادات مذهلة منذ عام 2017:

 

1.  **إيلون ماسك:** مؤسس ورئيس "تسلا" و"سبيس أكس"، ارتفعت ثروته بمقدار 186 مليار دولار في فترة وجيزة (بالتزامن مع صعود أسهم شركاته).

2.  **مارك زوكربيرغ:** الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا بلاتفورمز"، ازداد ثراءً بـ47 مليار دولار.

3.  **جيف بيزوس:** مؤسس "أمازون"، ارتفعت ثروته بمقدار 10 مليارات دولار.

 

هذه الزيادات ليست مجرد نمو عادي، بل هي نتيجة مباشرة لبيئة تفضل تضخم الأصول المالية. فمع خفض الضرائب على الشركات وتخفيف القيود التنظيمية على قطاعات التكنولوجيا، أصبحت الشركات أكثر جاذبية للمستثمرين، مما دفع بتقييماتها إلى مستويات قياسية، وبالتالي زاد من ثروات كبار المساهمين بشكل فوري.

 

### دور الذكاء الاصطناعي و"الفقاعة الورقية"

 

في الآونة الأخيرة، ومع استمرار طفرة الذكاء الاصطناعي، تضاعفت موجة خلق الثروات هذه. لقد أسهمت شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الناشئة، التي حققت جولات تمويلية ضخمة (مثل "أوبن أي آي" و"أنثروبيك")، في إنشاء ثروات ورقية هائلة.

 

  • ووفقاً لبيانات "سي بي إنسايتس"، يوجد حالياً 498 شركة "يونيكورن" (شركات خاصة بقيمة مليار
  •  دولار أو أكثر) في مجال الذكاء الاصطناعي، بقيمة إجمالية تلامس 2.7 تريليون دولار. هذه
  •  التقييمات القياسية، المدفوعة ببيئة مالية تتسم بانخفاض تكلفة الاقتراض وتشجيع رؤوس الأموال
  •  جعلت مؤسسي هذه الشركات أكثر ثراءً سريعاً، مواصلةً بذلك المسار الذي عززته سياسات ترمب
  •  الداعمة لرأس المال.

 

## الفصل الثالث الوجه الآخر للعملة: تفاقم التفاوت الاقتصادي والاجتماعي

 

في الوقت الذي كان فيه الأثرياء يجّمعون المليارات، كانت الطبقات العاملة والأسر ذات الدخل المتوسط تواجه ضغوطاً متزايدة. وقد تجسدت هذه المعضلة في مشروع قانون شامل أطلق عليه ترمب اسم "القانون الكبير الرائع"، بينما وصفه الديمقراطيون بـ"القانون الكبير والقبيح" نظراً لتأثيره الاجتماعي السلبي.

 

### 1. ضرب شبكات الأمان الاجتماعي

 

أكدت تحليلات مكتب الموازنة في الكونغرس (CBO) واللجنة المشتركة للضرائب (JCT) أن هذا القانون لم يصب فقط في مصلحة الأثرياء، بل جاء على حساب الفئات الأكثر ضعفاً:

 

*   **التأمين الصحي:** أدى القانون إلى حرمان أكثر من 15 مليون أميركي من التغطية الصحية.

*   **المساعدات الغذائية:** فُرضت خفوض حادة على برامج المساعدات الغذائية الحيوية.

*   **التعليم العالي:** أصبح التعليم العالي أقل قدرة على التحمل للطلاب بسبب التغييرات في الإعفاءات التعليمية.

 

في جوهره، زاد القانون من حدة التفاوت الاقتصادي ومنح خفوضاً ضريبية ضخمة للأثرياء، بينما جعل الأسر العادية أكثر عرضة للضغوط المالية.

 

### 2. العبء المالي على المدى الطويل

 

على الرغم من الوعود بأن التخفيضات الضريبية ستدفع عجلة النمو لتعويض الإيرادات المفقودة، فقد أشار مكتب الموازنة في الكونغرس إلى أن القانون أضاف أكثر من 4 تريليونات دولار إلى الدين الوطني على المدى الطويل. هذا العبء المالي الهائل يمثل كلفة مستقبلية يتحملها دافعو الضرائب، بمن فيهم الطبقات الوسطى والفقيرة.

 

## الفصل الرابع الأرقام تتحدث انخفاض دخل الطبقات الدنيا

 

تُظهر البيانات الاقتصادية تفاوتاً صارخاً في توزيع المكاسب:

 

| الفئة الدخلية (النسبة المئوية) | توقعات التغير في الدخل (بحلول 2027) | توقعات التغير في الدخل (بحلول 2033) |

| :------------------------------ | :---------------------------------- | :---------------------------------- |

| أدنى 10%                        | انخفاض بنسبة 2%                     | انخفاض بنسبة 4%                     |

| أعلى 10%                        | زيادة بنسبة 4%                      | زيادة بنسبة 2%                      |

 

كما أكد تحليل لمختبر الموازنة بجامعة "ييل" أن الطبقات الدنيا لم تستفد من أي خفض ضريبي فعلي، بل عانت من انخفاض في دخلها الحقيقي:

 

*   **أدنى 20% من الأسر:** من المتوقع أن تشهد انخفاضاً في الدخل السنوي بنحو 800 دولار بحلول عام 2027.

*   **أعلى 20% من الأسر:** ستستفيد بزيادة معدلها 9,700 دولار.

*   **أعلى 1% من الأسر:** ستشهد زيادة بمتوسط 63,000 دولار سنوياً.

 

هذه الأرقام توضح بوضوح كيف أن السياسات الاقتصادية والضريبية التي تبنتها إدارة ترمب، وإن كانت ناجحة في تحفيز سوق الأوراق المالية، إلا أنها أدت إلى تضخم ثروات الأثرياء وعمقت في الوقت ذاته التحديات الاقتصادية للطبقات العاملة.

 

##  التحدي المستمر للفجوة الاقتصادية

 

توضح فترة رئاسة ترمب استمرار التوجه الاقتصادي الذي يعطي الأولوية لخفض الضرائب على الشركات ورأس المال، تحت فرضية أن المكاسب "ستتسرب" إلى الأسفل (Trickle-Down Economics). ولكن الأدلة تشير إلى أن معظم المكاسب تجمعت في القمة، بينما ظلت الطبقات الوسطى والدنيا تعاني من الضغوط.

 فى الختام

ومع استمرار طفرة شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تتزايد التقييمات السوقية، وتتسع الفجوة الاقتصادية داخل الولايات المتحدة.

 يضع هذا الواقع صُناع القرار أمام تحدٍ مجتمعي وسياسي حقيقي لإعادة تقييم النظام الضريبي والمالي، والبحث عن آليات تضمن توزيعاً أكثر عدالة للثروة وحماية الفئات الأكثر ضعفاً من أجل تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.

# كيف استفاد أثرياء أميركا من إدارة ترمب؟ تحليل معمق للسياسات الضريبية وتفاقم التفاوت الاقتصادي


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent