recent
أخبار ساخنة

الأطعمة فائقة المعالجة وسرطان الأمعاء: دراسة حديثة تكشف العلاقة الخطيرة

 

الأطعمة فائقة المعالجة وسرطان الأمعاء: دراسة حديثة تكشف العلاقة الخطيرة

أفكار حرة تامر نبيل

في ظل التسارع الرهيب في نمط الحياة الحديث، باتت الأطعمة فائقة المعالجة (Ultra-Processed Foods - UPFs) جزءاً لا يتجزأ من المائدة اليومية لملايين البشر. ومع ذلك، بدأت الأبحاث العلمية الحديثة تدق ناقوس الخطر، محذرة من أن هذه الأطعمة ليست مجرد خيارات غذائية "سريعة"، بل هي محفزات صامتة لأمراض خطيرة، على رأسها سرطان الأمعاء.

تشير دراسة طبية حديثة، نشرتها مجلة "جاما للأمراض السرطانية" (Jama Oncology)، إلى أن الاستهلاك المفرط لهذه الأطعمة يرتبط بزيادة كبيرة في خطر الإصابة بأورام الأمعاء الغدية، وهي السلائف المباشرة التي قد تتحول لاحقاً إلى أورام سرطانية خبيثة.

أفكار حرة تامر نبيل في ظل التسارع الرهيب في نمط الحياة الحديث، باتت الأطعمة فائقة المعالجة (Ultra-Processed Foods - UPFs) جزءاً لا يتجزأ من المائدة اليومية لملايين البشر. ومع ذلك، بدأت الأبحاث العلمية الحديثة تدق ناقوس الخطر، محذرة من أن هذه الأطعمة ليست مجرد خيارات غذائية "سريعة"، بل هي محفزات صامتة لأمراض خطيرة، على رأسها سرطان الأمعاء.  تشير دراسة طبية حديثة، نشرتها مجلة "جاما للأمراض السرطانية" (Jama Oncology)، إلى أن الاستهلاك المفرط لهذه الأطعمة يرتبط بزيادة كبيرة في خطر الإصابة بأورام الأمعاء الغدية، وهي السلائف المباشرة التي قد تتحول لاحقاً إلى أورام سرطانية خبيثة.
الأطعمة فائقة المعالجة وسرطان الأمعاء: دراسة حديثة تكشف العلاقة الخطيرة


الأطعمة فائقة المعالجة وسرطان الأمعاء: دراسة حديثة تكشف العلاقة الخطيرة


ما هي الأطعمة فائقة المعالجة؟

قبل الغوص في تفاصيل الدراسة، يجب أن نفهم ما الذي نعنيه بـ "الأطعمة فائقة المعالجة". هي أطعمة خضعت لعمليات تصنيع كيميائية متعددة، وتتضمن مكونات لا توجد عادة في المطبخ المنزلي، مثل المواد الحافظة، المنكهات الاصطناعية، الملونات، والمستحلبات.

أمثلة شائعة تشمل:

  • الوجبات الجاهزة المجمدة (بيتزا، قطع الدجاج).
  • المشروبات الغازية والمشروبات المنكهة.
  • اللحوم المصنعة (النقانق، المرتديلا).
  • رقائق البطاطس المقرمشة (التشيبس).
  • حبوب الإفطار المحلاة والبسكويت والآيس كريم.

تفاصيل الدراسة: كيف ترفع "المعالجة" خطر السرطان بنسبة 45%؟

ركزت الدراسة، التي مولتها منظمة "تحديات السرطان الكبرى" ومعهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، على تحليل البيانات الصحية لـ 29,105 امرأة، بمتوسط عمر يناهز 45 عاماً. استمرت فترة المتابعة من عام 1991 وحتى عام 2015، حيث كان يتم جمع استبيانات دقيقة حول الأنماط الغذائية كل أربع سنوات.

النتائج الصادمة

كشفت النتائج أن النساء اللواتي يستهلكن كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة كنَّ أكثر عرضة بنسبة 45% للإصابة بـ الأورام الغدية (Adenomas) في الأمعاء، مقارنة بالنساء اللواتي يتناولن أقل كمية من هذه الأطعمة.

وأوضحت الدراسة أن الفئة الأعلى استهلاكاً كانت تتناول ما معدله 9.9 حصة يومياً من هذه الأغذية، بينما اكتفت الفئة الأقل استهلاكاً بنحو 3.3 حصة فقط. وقد سجل الباحثون 1189 حالة إصابة بأورام غدية مبكرة بين المشاركات، مما يؤكد التأثير المباشر لهذه الأطعمة على بيئة الأمعاء في وقت مبكر من العمر.


من الأورام الحميدة إلى السرطان: الرحلة الخطيرة

يؤكد الخبراء أن معظم حالات سرطان الأمعاء (القولون والمستقيم) لا تبدأ فجأة، بل تبدأ على شكل زوائد لحمية أو أورام غدية حميدة. وعلى الرغم من أنها غير سرطانية في بدايتها، إلا أنها تملك القدرة على التحور والنمو لتصبح أوراماً خبيثة على مدار سنوات.

تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تسلط الضوء على "المرحلة التمهيدية" للسرطان، مما يعني أن تعديل النظام الغذائي في وقت مبكر يمكن أن يمنع نشوء هذه الأورام من الأساس، ويقطع الطريق على مرض السرطان قبل أن يبدأ.


لماذا يصاب الشباب بسرطان الأمعاء؟

من أكثر الظواهر المقلقة في العقدين الأخيرين هي الارتفاع الحاد في معدلات الإصابة بسرطان الأمعاء بين فئة الشباب (تحت سن الخمسين). ووفقاً لبيانات مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، ارتفعت معدلات الإصابة لمن تتراوح أعمارهم بين 25 و49 عاماً بنسبة 62% منذ مطلع التسعينيات.

يقول الدكتور أندرو تشان، المؤلف الرئيسي للدراسة من كلية الطب بجامعة هارفارد: "نحن نشهد زيادة مقلقة في حالات سرطان الأمعاء لدى البالغين الأصغر سناً. دراستنا تشير إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة، إلى جانب قلة النشاط البدني واضطراب ميكروبيوم الأمعاء، تلعب دوراً محورياً في هذا الارتفاع".


تأثير الأطعمة المصنعة على "ميكروبيوم الأمعاء"

الأمعاء البشرية موطن لمليارات البكتيريا النافعة المعروفة باسم "الميكروبيوم". تلعب هذه البكتيريا دوراً حاسماً في تعزيز المناعة وهضم الطعام وحماية جدار الأمعاء.

تؤدي الأطعمة فائقة المعالجة، المليئة بالسكر والدهون المتحولة والمواد الكيميائية، إلى:

  1. خلل في توازن البكتيريا: قتل البكتيريا النافعة وتكاثر السلالات الضارة.
  2. الالتهابات المزمنة: تحفيز استجابة التهابية في جدار الأمعاء، مما يهيئ البيئة لنمو الأورام.
  3. إضعاف جدار الأمعاء: مما يسمح للمواد السامة بالتسرب والتأثير على الخلايا بشكل مباشر.

كيف تبدو "الوجبة القاتلة"؟ (النمط الغذائي الشائع)

لتقريب الصورة، وصفت مؤسسة أبحاث السرطان النظام الغذائي النموذجي الغني بالمواد المعالجة الذي قد يتبعه الشخص العادي دون إدراك لخطورته:

  • الإفطار: حبوب محلاة، خبز أبيض مع مارغرين، أو زبادي منكه.
  • الغداء: ساندويتش جاهز، رقائق بطاطس، ومشروب غازي.
  • العشاء: بيتزا مجمدة، قطع دجاج مقلية (ناجيتس)، مع كميات كبيرة من الكاتشب والمايونيز.
  • الحلوى: بسكويت أو آيس كريم مصنع.

هذا النمط، رغم توفره وسهولته، يفتقر تماماً إلى الألياف، المعادن، ومضادات الأكسدة الضرورية لحماية القولون.


استراتيجيات الوقاية كيف تحمي نفسك وأسرتك؟

إن مواجهة خطر سرطان الأمعاء تبدأ من "سلة التسوق". إليك خطوات عملية لتحسين جودة نظامك الغذائي:

  1. العودة إلى الأطعمة الكاملة: استبدل الوجبات الجاهزة بالأطعمة الطازجة (خضروات، فواكه، حبوب كاملة، وبقوليات).
  2. قراءة الملصقات الغذائية: إذا وجدت قائمة طويلة من المكونات التي لا تعرفها أو لا تستطيع نطقها، فمن المرجح أن هذا الطعام "فائق المعالجة".
  3. تقليل اللحوم المصنعة: تنصح منظمة الصحة العالمية بتقليل تناول النقانق واللحوم المملحة قدر الإمكان.
  4. زيادة الألياف: الألياف هي "المكنسة" التي تنظف الأمعاء وتمنع ترسب المواد المسرطنة.
  5. النشاط البدني: تساعد الرياضة في تحريك الأمعاء وتقليل الالتهابات الجسدية.

دور السياسات العامة في مكافحة السرطان

تؤكد فيونا أوسغون، رئيسة قسم المعلومات الصحية في مؤسسة أبحاث السرطان، أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الفرد، بل على الحكومات أيضاً. فالخيارات الصحية غالباً ما تكون أغلى ثمناً أو أقل توافراً.

هناك حاجة ماسة لـ:

  • فرض ضرائب على الأطعمة غير الصحية.
  • دعم أسعار الخضروات والفواكه الطازجة.
  • وضع قوانين صارمة على تسويق الأطعمة فائقة المعالجة للأطفال والشباب.

خاتمة

إن العلاقة بين ما نأكله وصحة أمعائنا هي علاقة طردية لا يمكن تجاهلها. توفر لنا الدراسة الحديثة حول الأطعمة فائقة المعالجة دليلاً جديداً على أن "الرفاهية التصنيعية" في الغذاء قد يكون ثمنها باهظاً من صحتنا. إن تحسين جودة النظام الغذائي ليس مجرد رفاهية، بل هو استراتيجية دفاعية أساسية للحد من العبء المتزايد لسرطان القولون والمستقيم في مجتمعاتنا.

تذكر دائماً: النظام الغذائي ككل هو ما يحدد مستوى الخطر، فاجعل الأطعمة الطازجة هي القاعدة، والأطعمة المعالجة هي الاستثناء النادر.



author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent