دراسة علمية حديثة: المكسرات هي الحل السحري لتقليل
الرغبة الشديدة في الحلويات والوجبات السريعة
أفكار حرة: تامر نبيل
تُعد الرغبة الشديدة في
تناول السكريات (Sugar
Cravings) والوجبات السريعة واحدة من أكبر التحديات التي
تواجه الأفراد الساعين لتحسين صحتهم أو إنقاص أوزانهم. وفي ظل انتشار الأطعمة
المصنعة، أصبحت السيطرة على الشهية معركة يومية. لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nutrients" المرموقة،
ونقلها موقع "Healthline"، قدمت بصيص أمل بسيطاً وفعالاً: تناول حفنة من المكسرات.
- في هذا المقال، سنستعرض
تفاصيل هذه الدراسة، ونحلل الأسباب العلمية التي تجعل المكسرات سلاحاً فتاكاً ضد "جوع
السكر"، وكيف يمكنك دمجها في نظامك الغذائي لتحقيق أقصى استفادة لصحتك
التمثيلية.
 |
| دراسة علمية حديثة: المكسرات هي الحل السحري لتقليل الرغبة الشديدة في الحلويات والوجبات السريعة |
دراسة علمية حديثة: المكسرات هي الحل السحري لتقليل الرغبة الشديدة في الحلويات والوجبات السريعة
تفاصيل الدراسة كيف غيّرت المكسرات سلوك المشاركين
الغذائي؟
أجرى فريق بحثي من المركزالطبي بجامعة فاندربيلت الأمريكية تجربة سريرية دقيقة استهدفت فئة الشباب (بين 22 و36 عاماً). ما
يميز هؤلاء المشاركين هو وجود عامل خطر واحد على الأقل للإصابة بـ متلازمة التمثيل الغذائي
(Metabolic Syndrome)، مثل زيادة محيط الخصر، ارتفاع ضغط الدم، أو اضطراب مستويات
الكوليسترول.
المنهجية المتبعة
تم تقسيم 84 مشاركاً
عشوائياً إلى مجموعتين لمدة 16 أسبوعاً:
- مجموعة المكسرات:
تناولت 33.5 غراماً من المكسرات المشكلة (لوز، جوز،
فستق، كاجو، بندق) مرتين يومياً كوجبات خفيفة.
- مجموعة الكربوهيدرات:
تناولت وجبات خفيفة معتادة مثل البسكويت المملح أو
ألواح الجرانولا، مع تساوٍ في السعرات الحرارية بين المجموعتين.
النتائج
المذهلة
بعد انتهاء الفترة، أظهرت
النتائج أن مجموعة المكسرات لم تحسن صحتها العضوية فحسب، بل تغيرت "كيمياء
الرغبة" لديها:
- انخفاض الرغبة في الحلويات: تراجعت الرغبة
الشديدة في تناول الدونات، الكعك، والآيس كريم بشكل ملحوظ.
- تراجع تفضيل المذاق الحلو:
انخفضت نسبة الأشخاص الذين يفضلون النكهات السكرية
بنسبة 12%.
- النفور من الوجبات السريعة: سجل المشاركون رغبة
أقل في تناول الأطعمة المالحة والدسمة مثل البيتزا ورقائق البطاطس.
- تحسن جودة الغذاء الشاملة:
اتجه المشاركون تلقائياً لتناول المزيد من
البروتينات والمأكولات البحرية والمصادر النباتية في وجباتهم الرئيسية.
التحليل
العلمي لماذا تنجح المكسرات فيما تفشل فيه الإرادة؟
قد يتساءل البعض: كيف
لحفنة صغيرة من اللوز أو الجوز أن توقف الرغبة في تناول قطعة كعك دسمة؟ السر يكمن
في ثلاثة محاور أساسية: الهرمونات، استقرار السكر، والمجهود العضلي.
1. تحفيز هرمون الشبع (GLP-1)
كشفت عينات الدم للمشاركين
في الدراسة عن ارتفاع مستويات هرمون GLP-1
(Glucagon-like peptide-1) لدى من تناولوا المكسرات. هذا
الهرمون هو المسؤول الأول عن إرسال إشارات الشبع إلى الدماغ وإبطاء عملية تفريغ
المعدة. ومن المثير للاهتمام أن الأدوية الحديثة المشهورة لإنقاص الوزن تعمل على
محاكاة هذا الهرمون تحديداً، بينما تقوم المكسرات بتحفيزه بشكل طبيعي.
2. استقرار مستويات سكر
الدم
عند تناول وجبة خفيفة غنية
بالكربوهيدرات (مثل البسكويت)، يرتفع سكر الدم بسرعة ثم ينخفض بحدة، مما يسبب "انهيار
الطاقة" الذي يدفع الدماغ لطلب السكر مجدداً. المكسرات، بفضل احتوائها على الدهون الصحية، الألياف، والبروتين، تبطئ امتصاص
الغلوكوز، مما يحافظ على استقرار مستويات السكر ويمنع نوبات الجوع المفاجئة.
3. التأثير النفسي للمضغ
أشارت خبيرة التغذية "كيزيا
جوي" إلى أن المكسرات تتطلب جهداً في المضغ وقتاً أطول للتناول مقارنة
بالحلويات اللينة. هذا الوقت الإضافي يعطي الدماغ فرصة لإدراك إشارات الشبع، كما
أن عملية "المضغ النشط" تساهم في تعزيز الشعور بالرضا النفسي بعد الأكل.
فوائد
المكسرات لمتلازمة التمثيل الغذائي
لا تقتصر أهمية المكسرات
على كبح الشهية، بل هي "صيدلية طبيعية" لمواجهة أمراض العصر. فالمشاركون
في الدراسة كانوا عرضة لمخاطر صحية كبيرة، وتناول المكسرات ساعدهم في:
- صحة القلب:
بفضل أحماض أوميغا 3 والدهون غير المشبعة التي تقلل
الالتهابات.
- تقليل دهون البطن:
رغم سعراتها الحرارية، إلا أن المكسرات لا تسبب
زيادة الوزن عند تناولها باعتدال، بل تساعد في حرق دهون الأحشاء.
- تحسين حساسية الأنسولين:
مما يقلل من فرص تطور حالة "ما قبل السكري"
إلى سكري من النوع الثاني.
أنواع
المكسرات وأدوارها الفريدة في سد الشهية
لتحقيق أفضل نتائج في
تقليل الرغبة في الحلويات، يفضل التنويع بين الأنواع التالية:
- اللوز:
غني بالألياف وفيتامين E، وهو الأفضل للشعور بالشبع لفترة طويلة.
- الجوز (عين الجمل):
يحتوي على أعلى نسبة من الأوميغا 3، مما يحسن
الحالة المزاجية ويقلل "الأكل العاطفي".
- الفستق الحلبي:
يسمح بتناول كمية أكبر (عدد حبات أكثر) مقابل سعرات
أقل، وعملية تقشيره تزيد من الوعي بتناول الطعام.
- الكاجو:
مصدر ممتاز للمغنيسيوم الذي يساعد في تنظيم إنتاج
الطاقة وتقليل التوتر المسبب للشراهة.
كيف
تدمج المكسرات في نظامك الغذائي بطريقة احترافية؟
للحصول على النتائج التي
ذكرتها الدراسة، لا يكفي مجرد تناول المكسرات عشوائياً، بل يجب اتباع القواعد
التالية:
- الكمية المثالية:
التزم بحوالي 30 إلى 35 غراماً (ما يعادل قبضة اليد)
مرتين يومياً.
- النوعية:
اختر المكسرات النيئة وغير المملحة. المكسرات المحمصة
بالزيوت أو المملحة بكثرة قد تزيد من احتباس السوائل وتفتح الشهية بدلاً من
كبحها.
- التوقيت الاستراتيجي:
تناول المكسرات في "وقت الذروة" للرغبة في السكر، عادة ما بين الغداء والعشاء (الساعة 4 عصراً)، لمنع الانهيار الذي
يؤدي لتناول حلويات المساء.
- بديل وليس إضافة:
لا تضف المكسرات فوق نظامك الغذائي الحالي المليء
بالسعرات، بل اجعلها بديلاً للوجبات الخفيفة غير الصحية مثل الشيبس أو البسكويت.
الخلاصة خطوة بسيطة لنتائج عميقة
تؤكد هذه الدراسة أن
التغذية الذكية لا تتعلق بالحرمان، بل بـ الاستبدال الذكي.
إن استبدال الوجبات الخفيفة المصنعة بالمكسرات المشكلة
لا يساعدك فقط في الحصول على جسم رشيق، بل يعيد ضبط بوصلة شهيتك بعيداً عن
السكريات والسموم الغذائية.
إذا كنت تعاني من إدمان
الحلويات، ابدأ اليوم بتوفير كمية من المكسرات النيئة في مكتبك أو حقيبتك. قد تكون
هذه "الحفنة" هي كل ما تحتاجه للسيطرة على صحتك التمثيلية وتجنب أمراض
القلب والسكري في المستقبل.