التسامح.. عبادة الأقوياء وسر التوازن النفسي
والاجتماعي
أفكار حرة تامر نبيل
يُعد التسامح أحد أسمى القيم الإنسانية التي تعكس قوة الشخصية والقدرة على ضبط النفس،
وليس دليلاً على الضعف كما يعتقد البعض. إنه "عبادة الأقوياء" والركيزة
الأساسية التي تبني عليها المجتمعات توازنها وسلامها الداخلي.
في هذا المقال، نستعرض
مفهوم التسامح من منظور ديني، اجتماعي، ونفسي، وكيف يساهم هذا الخلق النبيل في
بناء الإنسان والأوطان.
 |
| التسامح.. عبادة الأقوياء وسر التوازن النفسي والاجتماعي |
التسامح.. عبادة الأقوياء وسر التوازن النفسي والاجتماعي
التسامح في الإسلام منهج حياة وسمة الأقوياء
يؤكد علماء الشريعة، وفي
مقدمتهم الدكتور عطا السنباطي (عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة)، والدكتور
أحمد كريمة (أستاذ الفقه بجامعة الأزهر)، أن التسامح ليس مجرد شعار، بل هو مبدأ
إسلامي أصيل يتصف به القادرون على العفو.
مظاهر التسامح في السيرة
النبوية
تجلى التسامح في الإسلام بأبهى صوره في سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وذلك من خلال مواقف
خالدة:
- فتح مكة:
حينما عفا عن أهلها قائلاً: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
- موقف الطائف:
رفض الدعاء على من آذوه، بل دعا لهم بالمغفرة
والهداية.
- أخلاقيات الحرب:
النهي عن قتل النساء والأطفال والحفاظ على البيئة،
والوصية بالإحسان للأسرى.
إن
التسامح هو امتلاك النفس عند الغضب، وتطبيق عملي للآية الكريمة: "ادْفَعْ بِالَّتِى
هِيَ أَحْسَنُ".
أثر التسامح على استقرار
المجتمع وتماسكه
من منظور علم الاجتماع،
ترى الدكتورة سامية قدري أن التسامح يمثل "القيمة المدنية
العليا". فهو
صمام الأمان الذي يحمي المجتمعات من التفكك وانتشار خطاب الكراهية.
أهمية نشر ثقافة التسامح اجتماعياً:
- تعزيز التماسك:
يقضي على العنف والصراعات بين الأفراد والجماعات.
- دعم التنمية:
البيئة المتسامحة تشجع على التعاون والتضامن، مما
يدفع عجلة الإنتاج.
- دور المؤسسات:
تقع مسؤولية غرس هذه القيمة على الأسرة، المدرسة،
والإعلام، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي في مواجهة التعصب.
الفوائد
النفسية للتسامح بوابة الصحة العقلية
تؤكد الدراسات النفسية،
كما تشير الدكتورة سحر عبداللطيف (استشاري الحالات النفسية)، وجود علاقة وثيقة بين التسامح والصحة النفسية.
فالتخلي عن الرغبة في الانتقام يعود على الفرد بفوائد
عظيمة:
- التخلص من المشاعر السلبية: يحرر الإنسان من
الحقد والضغينة التي تستنزف طاقته.
- خفض التوتر والقلق:
يقلل التسامح من إفراز هرمونات التوتر، مما يعزز
المناعة النفسية والجسدية.
- العيش في الحاضر:
يساعد الفرد على تجاوز آلام الماضي والتركيز على
البناء والنمو المستقبلي.
الخاتمة
إن غياب التسامح هو بوابة للكراهية والأمراض النفسية وتفكك المجتمعات. لذا، فإن تبني هذا
الخلق ليس ترفاً، بل ضرورة لاستعادة السلام النفسي والمجتمعي. التسامح هو خيار
الشجعان، وعبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، ووسيلة حياة تضمن الهدوء والاستقرار.