## أزمة العقار في الولايات المتحدة: قضية شائكة في الانتخابات الرئاسية
تواجه الولايات المتحدة الأمريكية تحديات
اقتصادية صعبة تتجلى بشكل واضح في أزمة العقار التي تشهدها البلاد، والتي أصبحت
قضية محورية في الانتخابات الرئاسية القادمة. فبينما يقف الاقتصاد الأمريكي على
حافة الركود، وتواصل أسعار الفائدة ارتفاعها في محاولة للسيطرة على التضخم
المتصاعد، تُعاني الأسر الأمريكية من أعباء السكن المتزايدة، سواء من حيث شراء
العقار أو إيجاره.
## أزمة العقار في الولايات المتحدة: قضية شائكة في الانتخابات الرئاسية
**ركود السوق: تحدٍّ مُقلق**
يعكس ركود السوق العقاري في الولايات المتحدة
حالياً حالة من جمود ملحوظ في عمليات البيع والشراء، وذلك نتيجة تدهور قدرة الأسر
على تحمل كلف السكن المتزايدة. وتؤكد البيانات الرسمية الصادرة عن شركات العقار
ووكالات التقييم العقاري على هذا الواقع المُقلق.
فقد سجّلت المبيعات العقارية انخفاضاً ملحوظاً
خلال السنوات الأخيرة، خاصةً بعد أن شرع "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك
المركزي الأمريكي) في رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم. ويشير خبراء الاقتصاد إلى
أن ارتفاع أسعار الفائدة يُقلل من قدرة الأسر على تحمل قروض الرهن العقاري، مما
يُؤثر سلباً على إقبالهم على شراء المساكن.
ومع ذلك، لا يزال ارتفاع أسعار البيوت وإيجارات
المساكن يمثل هاجساً رئيسياً للأسر الأمريكية. فبينما تتناقص القدرة الشرائية
للأسرة نتيجة الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة، تُصبح تكاليف السكن بمثابة عبء
ثقيل يهدد الاستقرار المالي للأسر ويُقلّص من قدرتها على تلبية احتياجاتها
الأساسية الأخرى.
**الانتخابات الرئاسية: ساحة صراع حول أزمة العقار**
أصبح ملف أزمة العقار في الولايات المتحدة
محوراً رئيسياً في حملات الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث يركز المرشحون على هذه
القضية في خطاباتهم ووعودهم الانتخابية.
فقد وعد الرئيس السابق دونالد ترامب بمعالجة
أزمة السكن من خلال السياسات التي تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل
جديدة، بينما وعدت نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، كامالا هاريس، بزيادة تمويل
برامج السكن الميسرة للأسر من ذوي الدخل المنخفض وتوفير المزيد من المساكن
المعقولة السعر.
وتُعتبر الولايات المتأرجحة (swing
states) ، التي لا تنحاز بشكل تقليدي لأي من الحزبين
الجمهوري أو الديمقراطي، ساحة صراع حقيقية بين المرشحين. وتُركّز الحملات
الانتخابية على كسب أصوات الناخبين في تلك الولايات من خلال طرح الحلول لأزمة
السكن، واعدين بتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير مساكن ميسورة التكلفة.
**تكاليف السكن: مشكلة وطنية**
تُشير البيانات إلى أن تكاليف السكن تُشكل مشكلة
وطنية حقيقية في الولايات المتحدة، حيث تُمثل 90% من معدل التضخم في البلاد. ويُعد
ارتفاع أسعار الإيجارات في المدن الكبرى و ضواحيها عاملًا أساسيًا في ذلك، مما يُفاقم من أزمة
السكن وتُسهم في زيادة تكلفة المعيشة.
ووفقًا لمسح حديث أجرته مؤسسة "الديمقراطية
الشعبية" (Center for Popular Democracy)، يُصنّف 84% من الناخبين في الولايات
المتأرجحة تكلفة المعيشة كمشكلتهم الأساسية، بينما تحتل تكاليف السكن المرتبة
الأولى بين تلك المشاكل.
**تحول حلم السكن إلى كابوس:**
يُعرف "الحلم الأمريكي" بتطلعاته نحو
تحقيق الاستقرار المالي والتملك العقاري. ولكن
بات حلم امتلاك بيت للعيش فيه يُصبح كابوسًا
للكثير من الأسر الأمريكية
في وقتنا الحالي.
ويكشف هذا التناقض
عن خطورة الوضع
الاقتصادي الذي تُعاني
منه الولايات المتحدة،
حيث يُصبح من
الصعب تحقيق أهداف
النجاح والتقدم الذي
تُحلم به الأسرة
الأمريكية المُعتادة.
**استراتيجية ديمقراطية: التركيز على السكن الميسور**
تُدرك
الحملة الانتخابية للنّائب
الرئيس كامالا هاريس
والرئيس جو بايدن
أهمية قضية أزمة
السكن في كسب
أصوات الناخبين في
الولايات المتأرجحة. وتهدف
استراتيجيتهم إلى تقديم
حلول ملموسة تُساهم
في تحسين الوصول
إلى السكن الميسور
تكلفة للجميع.
وتُركّز
الاستراتيجية الديمقراطية على
الخطوات التالية:
* **زيادة تمويل برامج السكن الميسرة:** تسعى
الحملة الديمقراطية إلى
زيادة تمويل البرامج
التي تُساعد الأسر
من ذوي الدخل
المنخفض على حصول
على السكن الميسور.
* **إنشاء المزيد من المساكن المعقولة السعر:** تهدف
الاستراتيجية إلى توفير
مزيد من المساكن
ذات السعر المُناسب
للأسر الأمريكية، خاصةً
في المدن الكبرى
التي تشهد نقصاً
حرفياً في الأسرة
المتوفرة.
* **تحفيز
بناء المزيد من
المساكن:** تُشجع الاستراتيجية
الديمقراطية على تحفيز
بناء المزيد من
المساكن، خاصةً في
الضواحي والمناطق الريفية
لتقليل الضغط على
المدن الكبرى والتخفيف
من ارتفاع أسعار
الإيجارات.
**خاتمة:**
تُشكل أزمة العقار في الولايات المتحدة تحدياً
صعباً يهدد الاستقرار الاقتصادي للبلاد ويؤثر على
القدرة الشرائية للأسر
الأمريكية. وتُؤكد الانتخابات
الرئاسية القادمة على
أهمية معالجة هذه
المشكلة من قبل
المرشحين ومناقشتها بكافة
تفاصيلها خلال الحملات
الانتخابية.
وإلى
جانب الجهود التي
تبذلها الحكومة الأمريكية
لتحسين الوضع الاقتصادي
وتحفيز النمو، تُلعب
دورًا حيويًا من قبل
القطاع العقاري في
توفير حلول مُستدامة
تُساهم في تحسين
الوصول إلى السكن
الميسور للجميع.
ويبقى
التحدي الأهم هو
الحفاظ على التوازن
بين الضغط على
الأسعار والتوفير في
تكلفة السكن من
جهة، وبين ضمان
استقرار الاقتصاد الأمريكي
وتوفير الفرص للمواطنين
لتحقيق أهدافهم وحلمهم
الأمريكي من جهة
أخرى.