## انهيار أسعار المنازل البريطانية: هل تنذر هذه العلامات بانهيار أكبر؟
شهدت أسعار المنازل في
بريطانيا تراجعاً ملحوظاً خلال الشهرين الماضيين، مما أثار قلقاً واسعاً في السوق
العقارية وأدى إلى تكهنات حول مستقبل هذا القطاع الحيوي. فقد سجل متوسط سعر المنازل الجديدة انخفاضاً
بنسبة 1.4% في نوفمبر، ليصل إلى 3.66 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل تقريباً 462
ألف دولار أمريكي)، متجاوزاً بذلك متوسط الانخفاض الشهري طويل الأجل البالغ 0.8%.
## انهيار أسعار المنازل البريطانية: هل تنذر هذه العلامات بانهيار أكبر؟ |
يُعدّ هذا التراجع الثاني
على التوالي، بعدما سجلت الأسعار ارتفاعاً ضئيلاً نسبته 0.3% فقط في أكتوبر،
مقارنةً بمتوسط الزيادة الشهري طويل الأجل البالغ 1.3%. تثير هذه التطورات تساؤلات مهمة حول الأسباب
الكامنة وراء هذا الانحدار، وما إذا كان هذا مؤشراً على بداية انهيار أكبر في سوق
العقارات البريطانية.
أحد أهم العوامل التي ساهمت في هذا التراجع
هو إعلان الحكومة البريطانية عن موازنتها الجديدة. فقد تضمنت هذه الموازنة زيادة في ضريبة الدمغة (Stamp Duty) على معظم مشتري المنازل، دون تقديم أي دعم جديد للمشترين للمرة الأولى. أدى هذا القرار إلى خلق حالة من عدم اليقين في السوق.
- مما قلّص الطلب على المنازل، خاصةً في الفئات السعرية الأعلى.
- فقد تأثرت أسعار المنازل الفاخرة بشكل أكبر
- حيث سجلت انخفاضاً بلغ 3.3%، خاصةً العقارات الكبيرة
- كالمنازل ذات الخمس غرف نوم أو المنازل المنفصلة ذات الأربع غرف.
- يُلاحظ أن هذا الانخفاض الحاد في أسعار المنازل الفاخرة
- يعكس بشكل واضح تأثير ضريبة الدمغة الجديدة على شريحة كبيرة
- من المشترين ذوي القدرة الشرائية العالية.
تأثير الموازنة الجديدة
بالإضافة إلى تأثير الموازنة الجديدة، لعبت العوامل الاقتصادية العالمية دوراً مهماً في هذا التراجع. فارتفاع معدلات التضخم وتشديد السياسات النقدية من قبل بنك إنجلترا، أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية.
- مما زاد من تكلفة امتلاك منزل بالنسبة للكثيرين.
- وقد زاد هذا من صعوبة الحصول على قروض عقارية
- مما قلّص بدوره الطلب على المنازل وخفض أسعارها.
- فارتفاع أسعار الفائدة يقلل من القدرة الشرائية للمواطنين
- ويجعل من الصعب عليهم تحمل تكاليف القروض العقارية المرتفعة
- وبالتالي يقلل من استعدادهم لشراء منازل جديدة.
ولكن، لا يُمكن إغفال دور العوامل الموسمية في تفسير
هذا الانخفاض. فمع اقتراب موسم أعياد
الميلاد، يلاحظ عادةً تباطؤ في نشاط السوق العقارية، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب
على المنازل. ومع ذلك، فإن الانخفاض
الحالي أشد حدة من المتوقع خلال هذا الموسم، مما يُشير إلى وجود عوامل أخرى تتجاوز
العوامل الموسمية التقليدية.
وقد أشارت بيانات موقع "رايت موف" (Rightmove)
وهو منصة رائدة في مجال البحث عن
العقارات في بريطانيا، إلى انخفاض في طلب المشترين قبل وبعد إعلان الموازنة
الجديدة. ولكن، يُلاحظ وجود مؤشرات مبكرة على انتعاش طفيف في
الطلب بعد قرار بنك إنجلترا بخفض سعر الفائدة مؤخراً. وقد فسّر رئيس قسم بيانات العقارات في موقع "رايت
موف"، تيم بانستر، هذا الانتعاش الطفيف بأنه نتيجة مباشرة لخفض سعر الفائدة،
مما يُقلل من تكلفة القروض العقارية ويزيد من قدرة المشترين على تحمل التكاليف.
- مع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه سوق العقارات البريطانية.
- فقد ارتفع عدد البائعين بنسبة 6% مقارنةً بالعام الماضي
- ليصل إلى أعلى مستوى له خلال عقد من الزمن.
- يشكل هذا العدد الكبير من البائعين ضغطاً إضافياً على الأسعار
- مما قد يُعيق أي انتعاش مُتوقع في السوق.
- ويُحذّر بانستر من أن السوق لا تزال حساسة تجاه التغيرات في الأسعار
- وأن من الضروري أن يقدم البائعون أسعاراً مغرية لجذب المشترين
- خاصةً مع ارتفاع عدد المنازل المعروضة للبيع.
أما بالنسبة للمستقبل، فإن توقعات "رايت موف" تشير إلى انتعاش محتمل في سوق العقارات البريطانية عام 2025، مع توقعات بارتفاع أسعار المنازل بنسبة 4%. يُعزى هذا التوقع إلى انخفاض متوقع في معدلات الرهن العقاري.
- مما يُحسن القدرة على تحمل تكلفة شراء المنازل.
- لكن يبقى هذا التوقع مُرهوناً بسرعة انخفاض معدلات الرهن العقاري
- وإلى مدى قدرة البائعين على تقديم أسعار مُناسبة
- لجذب المشترين في ظلّ العدد الكبير من المنازل
المعروضة للبيع.
في الختام
يشهد سوق العقارات البريطانية مرحلةً من عدم
اليقين والتقلب. فقد ساهم تراكم العديد من
العوامل، من بينها الموازنة الحكومية الجديدة، والظروف الاقتصادية العالمية،
والعوامل الموسمية، في انخفاض أسعار المنازل خلال الشهرين الماضيين. وعلى الرغم من وجود مؤشرات مبكرة على انتعاش
طفيف في الطلب، إلا أن السوق لا تزال حساسة، وتواجه تحديات كبيرة مثل ارتفاع عدد
البائعين. يبقى مستقبل سوق العقارات
البريطانية مُرهوناً بتطور العديد من العوامل،
ويتطلب الأمر مزيداً من المراقبة والتحليل لفهم اتجاهات السوق على المدى الطويل. فهل
تنذر هذه العلامات بانهيار أكبر، أم أن هذا التراجع مؤقت وسيتبعه انتعاش
قوي في المستقبل القريب؟ يبقى هذا السؤال
مفتوحاً للنقاش والتخمين.