recent
أخبار ساخنة

أحمر الشفاه: رحلة عبر الزمن من رمز للرجولة إلى أيقونة الأنوثة

  

أحمر الشفاه: رحلة عبر الزمن من رمز للرجولة إلى أيقونة الأنوثة

يمثل أحمر الشفاه اليوم رمزاً بارزاً للأنوثة والجمال، يُزين شفاه النساء في جميع أنحاء العالم، ويُعتبر من أساسيات حقائب المكياج. لكنّ تاريخ هذا المستحضر الصغير، الذي يُحمل في أنبوبة رقيقة، يتجاوز بكثير تصوره كرمز للأنوثة المعاصرة، ليروي قصةً طويلةً ومتشعبة امتدت عبر آلاف السنين.

أحمر الشفاه: رحلة عبر الزمن من رمز للرجولة إلى أيقونة الأنوثة
أحمر الشفاه: رحلة عبر الزمن من رمز للرجولة إلى أيقونة الأنوثة

 وشهدت تحولاتٍ مذهلةٍ في استخدامه وتكوينه، بل وحتى في من يستخدمه. فلم يكن أحمر الشفاه حكراً على النساء دائماً، بل كان للرجال فيه نصيبٌ وافرٌ في عصورٍ سابقة.

تاريخ أحمر الشفاة

يعود تاريخ استخدام أحمر الشفاه إلى عصورٍ ما قبل التاريخ، حيث استخدمته بعض الحضارات القديمة لأغرا ض متعددة، تجاوزت بكثير دوره التجميلي الحالي. فقد عُثر في عام 2001 على أقدم عينةٍ معروفةٍ لأحمر الشفاه في مقبرةٍ قديمةٍ في جنوب شرقي إيران، تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.

  •  كان هذا أحمر الشفاه عبارة عن طلاءٍ أحمر داكنٍ
  •  يُعتقد أنه كان يُوضع على الشفتين بواسطة فرشاةٍ
  •  ويتكون من زيوتٍ نباتيةٍ وشمعٍ
  •  مما يُشبه إلى حدٍ كبير تركيبة أحمر الشفاه الحديث.
  •  يُشير هذا الاكتشاف إلى أن استخدام أحمر الشفاه 
  • ولو بشكلٍ بدائي، كان معروفاً منذ آلاف السنين 
  • وقد استخدمته النساء في المجتمعات النخبوية آنذاك.

 المفاجأة

ولكنّ المفاجأة تكمن في أنّ الرجال كانوا من أوائل مستخدمي أحمر الشفاه. ففي الحضارة السومرية، التي ازدهرت بين عامي 2500 و1000 قبل الميلاد، كان الرجال والنساء على حدٍ سواء يستخدمون المكياج، بما في ذلك أحمر الشفاه.

  1.  لم تكن هناك ألوانٌ متعددةٌ كما هو الحال اليوم
  2.  بل كانت المواد المستخدمة محدودةً
  3.  مثل بودرة الأحجار الكريمة
  4.  والفاكهة الطبيعية، والحناء، والصدأ الطيني. 
  5. كان استخدام أحمر الشفاه في هذه الحضارات
  6.  مرتبطاً غالباً بمعتقداتٍ دينيةٍ أو اجتماعيةٍ 
  7. وقد استخدمه الصيادون لجذب الحيوانات
  8. والكهنة لأداء الطقوس، والشباب لجذب انتباه النساء.

 

مصر القديمة

وفي مصر القديمة، كانت النساء من الطبقة المخملية يستخدمن أحمر الشفاه، لكنّ الخيارات كانت محدودةً. ابتكرالمصريون القدماء أحمر شفاه بلونٍ أحمر مائلٍ إلى البنفسجي، مصنوعاً من أعشاب البحر واليود والبرومين، وهذه الأخيرة مادةٌ سامةٌ قد تُسبب مضاعفاتٍ خطيرة.

  •  كما استخدموا ألواناً أخرى مثل الأرجواني والأسود.
  •  وكانت الملكة كليوباترا تُعرف باستخدام أحمر شفاه مصنوع من مسحوق الخنافس
  •  والذي يعطي لوناً قرمزيّاً داكناً
  •  إضافةً إلى النمل وموادٍ أخرى مستخرجةٍ من الصدف وقشور الأسماك.
  •  كان ملمس أحمر الشفاه المصري القديم مختلفاً 
  • عن نظيره الحديث، أقرب إلى مادةٍ قابلةٍ للدهن.

 اليونان القديمة

أما في اليونان القديمة، فكان استخدام أحمر الشفاه مرتبطاً بالبغاء، وقد فرض القانون آنذاك استخدام لونٍ داكنٍ منه. وفي اليابان، اعتمدت النساء مكياجاً كثيفاً مع أحمر شفاهٍ غامقٍ مُشتقٍ من القطران وشمع العسل. وفي العصور الوسطى، ارتبط استخدام أحمر الشفاه بالطقوس الشيطانية، وأدانته الكنيسة، مما جعل استخدامه سراً، ورمزاً للتمرد والتحدي.

 

  1. لم يشهد أحمر الشفاه تحوّلاً جذرياً نحو شكله الحالي
  2.  إلا في القرن السادس عشر
  3.  خلال عهد الملكة إليزابيث الأولى في إنجلترا.
  4.  في تلك الحقبة، صُنع أحمر الشفاه من شمع العسل والأصباغ النباتية الحمراء
  5.  وانتشرت موضة أحمر الشفاه ذي اللون القوي
  6.  لكنّ استخدامه كان يقتصر على الممثلات وسيدات الطبقة المخملية.

 القرن العشرون

ثمّ جاء القرن العشرون، مع انتشار التصوير الفوتوغرافي، ليشهد أحمر الشفاه طفرةً في استخدامه. أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة المرأة اليومية، ورمزاً للحرية والتغيير الاجتماعي. ارتبط اللون الأحمر الجريء بالأنوثة والإغراء، وبدأت التحولات تتسارع في ألوانه وملمسه. ففي عام 1923، صُنع أول أحمر شفاه أسطواني الشكل مزود بقطب متحرك، وفي عام 1930، ابتُكر أول ملمع شفاه.

 

  • لعبت أفلام السينما دوراً هاماً في انتشار أحمر الشفاه 
  • على نطاقٍ واسع، حيث تزيّنت نجمات السينما الصامتة بألوانٍ متنوعة
  • مثل الخوخ والباذنجان والكرز والأحمر الداكن والبني
  • مما أثر بشكلٍ كبير في تفضيلات النساء. في عام 1950
  •  ظهر أول أحمر شفاه يدوم طويلاً
  • وارتبطت ألوانه الداكنة بنجمات هوليوود
  •  مثل مارلين مونرو وإليزابيث تايلور. 
  • وبعد سنوات، ابتُكرت نكهات الفاكهة للمراهقات.

 

واليوم، يُعتبر أحمر الشفاه من أكثر مستحضرات التجميل مبيعاً في العالم، وهو رمزٌ لا غنى عنه للأنوثة، لا تفارق أنبوبة أحمر الشفاه حقيبة المرأة. وعلى الرغم من التنوع الهائل في الألوان، يبقى اللون الأحمر هو المفضل لدى الكثير من النساء.

 رحلة احمر الشفاة

لكنّ رحلة أحمر الشفاه لم تكن خاليةً من الجدل. فقد أثيرت مخاوفٌ حول بعض مكونات أحمر الشفاه، خاصةً مادة "السيماسول"، التي تُستخدم لتحقيق تماسك المكونات، والتي اتُهمت بأنها مادةٌ مسرطنة. وقد أدى ذلك إلى استبدالها بمكوناتٍ أخرى.

  1.  مثل "التوين-40"، التي تلعب دوراً مشابهاً 
  2. في تماسك المكونات، 
  3. مع الحرص على عدم ذكر المادة السابقة
  4.  باسمها المعروف في لائحة المكونات.

 

الختام

 يُمثل أحمر الشفاه أكثر من مجرد مستحضر تجميل، بل هو رمزٌ ثقافيٌ واجتماعيٌ، تغيّر استخدامه وتكوينه عبر التاريخ، ليصل إلى ما هو عليه اليوم، أيقونةً للأنوثة والجمال، يحمل في طياته قصةً طويلةً ومتشعبةً تُجسّد تحوّل المرأة ومكانتها عبر العصور.


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent