recent
أخبار ساخنة

**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

الحجم
محتويات المقال

 

**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

 

**مقدمة**

 

تواجه السواحل التونسية، وتحديداً منطقة خليج قابس الحيوية، أزمة بيئية متصاعدة تثير قلق المنظمات البيئية والمختصين، تتمثل في ظاهرة النفوق المتكرر والمقلق للسلاحف البحرية. هذه الكائنات البحرية العريقة، التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من التنوع البيولوجي للبحر الأبيض المتوسط، تجد نفسها ضحية لممارسات بشرية وأنشطة اقتصادية تهدد بقاءها. ومع تسجيل حوادث نفوق جماعي مؤخراً، تتعالى الأصوات المطالبة بتحرك عاجل لحماية هذا الإرث الطبيعي المهدد بالانقراض.


تواجه السواحل التونسية، وتحديداً منطقة خليج قابس الحيوية، أزمة بيئية متصاعدة تثير قلق المنظمات البيئية والمختصين، تتمثل في ظاهرة النفوق المتكرر والمقلق للسلاحف البحرية. هذه الكائنات البحرية العريقة، التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من التنوع البيولوجي للبحر الأبيض المتوسط، تجد نفسها ضحية لممارسات بشرية وأنشطة اقتصادية تهدد بقاءها. ومع تسجيل حوادث نفوق جماعي مؤخراً، تتعالى الأصوات المطالبة بتحرك عاجل لحماية هذا الإرث الطبيعي المهدد بالانقراض.
**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

**خليج قابس ممر حيوي ومقبرة للسلاحف**

 

يُعتبر خليج قابس، الواقع جنوب شرقي تونس، ذا أهمية بيولوجية استثنائية.

 فهو ليس فقط موطناً لأهم موانئ الصيد البحري في البلاد، بل يشكل أيضاً ممراً حيوياً لنحو 70% من سلاحف البحر الأبيض المتوسط، وخاصة السلحفاة ضخمة الرأس (Caretta caretta)، التي تعد الأكثر شيوعاً في المنطقة. لكن هذه الأهمية البيئية تصطدم بواقع مرير؛ حيث تشير إحصاءات الجمعيات البيئية إلى أن ما لا يقل عن 10,000 سلحفاة من هذا النوع تقع سنوياً ضحية للصيد العرضي في شباك الصيادين بالخليج.

 

  • وقد بلغت الأزمة ذروتها مؤخراً، عندما رصدت جمعية المحافظة على المناطق الرطبة بالجنوب
  •  التونسي نفوق 14 سلحفاة في يوم واحد (20 مارس) على امتداد الشريط الساحلي بين وادي زركين
  •  ووادي قابس. هذا الرقم المفزع، الذي يأتي في فترة تعتبر حساسة لتكاثر السلاحف، يؤكد حجم
  •  الخطر المحدق بهذه الكائنات.

 

**الأسباب الرئيسية وراء الكارثة**

 


**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

تتعدد الأسباب التي تقف خلف هذه الظاهرة المأساوية، لكنها تتركز بشكل أساسي في الأنشطة البشرية:

 

1.  **الصيد العرضي:** يُعد السبب الأول والرئيسي لنفوق السلاحف. فمع اقتراب السلاحف من السواحل، سواء للتغذية أو لوضع البيض، تعلق في شباك الصيد المختلفة، وخاصة الشباك الجرافة أو شباك الخيشومية. يؤدي هذا الوقوع في الأسر إلى اختناق السلاحف التي تحتاج للصعود إلى السطح للتنفس، أو إصابتها بجروح بليغة. وتشير الدراسات، مثل تلك التي أجريت ضمن برنامج "لايف ميد تورتلز"، إلى أن معدلات النفوق اختناقاً في الشباك بخليج قابس مرتفعة جداً، وتصل إلى نحو 70%، فيما تقدر دراسات أخرى أن الصيد العرضي مسؤول عن 80% من مجمل حالات موت السلاحف البحرية في المنطقة.

2.  **التلوث البلاستيكي:** يمثل التلوث بالمواد البلاستيكية، وخاصة الأكياس، خطراً مميتاً آخر. السلاحف البحرية، وبسبب ضعف بصرها تحت الماء أحياناً، تخطئ بين الأكياس البلاستيكية العائمة وقناديل البحر التي تمثل جزءاً من غذائها الطبيعي. ابتلاع هذه المواد يؤدي إلى انسداد جهازها الهضمي وموتها جوعاً أو اختناقاً.

3.  **التلوث الصناعي والكيماوي:** على الرغم من أن الأسباب المباشرة لحالات النفوق الأخيرة ترجح ارتباطها بالشباك والبلاستيك، إلا أن خليج قابس يعاني تاريخياً من التلوث الناتج عن الأنشطة الصناعية الكثيفة في المنطقة، مما قد يضعف البيئة البحرية بشكل عام ويؤثر على صحة الكائنات الحية فيها.

4.  **الاصطدام بالقوارب:** تتعرض السلاحف أحياناً للاصطدام بزوارق الصيد أو السفن التجارية، مما قد يسبب لها إصابات قاتلة.

 

**جهود الإنقاذ والمحافظة**

 


**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

في مواجهة هذه التحديات، تنشط عدة جهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني في تونس لحماية السلاحف البحرية:

 

*   **المراقبة والرصد:** تقوم جمعيات بيئية، مثل جمعية المحافظة على المناطق الرطبة، بجهود ميدانية مستمرة لرصد حالات النفوق وتوثيقها، وإرسال عينات للتحليل لتحديد الأسباب الدقيقة ومتابعة تطور الظاهرة ضمن مشاريع مثل "أنقذوا السلاحف البحرية".

*   **مراكز الرعاية:** يلعب مركز رعاية السلاحف البحرية بالمنستير، التابع للمعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار، دوراً محورياً. يستقبل المركز السلاحف المصابة أو المنهكة التي يتم العثور عليها أو تسليمها من قبل الصيادين أو الحرس البحري. تخضع السلاحف للفحوصات والعلاج اللازم حتى تتعافى تماماً، ثم يتم إطلاقها مجدداً في بيئتها الطبيعية، مع وضع علامات على بعضها أحياناً لتتبع مساراتها.

*   **البحث العلمي والتكنولوجيا:** شهدت تونس مبادرات بحثية مهمة، منها أول تجربة لتتبع هجرة السلاحف بالأقمار الصناعية عام 2001 ("سلمى")، ومشاريع دولية مثل "لايف ميد تورتلز" ومشروع كلية العلوم بصفاقس المدعوم من الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف لدراسة التداخل بين السلاحف والمصائد وتقديم حلول تقنية وتوعوية للحد من الصيد العرضي، كما أثمر عن إنشاء مركز رعاية أولية للسلاحف بصفاقس.

*   **التوعية:** يتم التركيز بشكل كبير على توعية الصيادين بأهمية السلاحف البحرية وكيفية التعامل معها في حال وقوعها في الشباك، وتشجيعهم على الإبلاغ عن السلاحف المصابة بدلاً من إعادتها للبحر مصابة أو ميتة.

 

**الأهمية البيئية للسلاحف ونداء للمستقبل**

 


**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**

لا تقتصر أهمية السلاحف البحرية على كونها كائنات قديمة وجميلة، 

بل هي تلعب دوراً حيوياً في توازن النظم البيئية البحرية. فهي تساهم في الحفاظ على صحة الحشائش البحرية والشعاب المرجانية، وتتحكم في أعداد قناديل البحر. نفوقها بأعداد كبيرة لا يمثل خسارة لنوع مهدد بالانقراض فحسب، بل هو مؤشر خطير على تدهور صحة البحر الأبيض المتوسط.

 

الختام

إن حماية السلاحف البحرية في تونس تتطلب جهداً جماعياً ومستمراً يشمل تشديد الرقابة على ممارسات الصيد، وتطوير أدوات صيد أقل ضرراً (مثل أجهزة استبعاد السلاحف)، ومكافحة التلوث البلاستيكي بفعالية، ودعم البحث العلمي، وتكثيف حملات التوعية. إن إنقاذ هذه الكائنات هو مسؤولية مشتركة للحفاظ على التنوع البيولوجي الفريد لسواحلنا ولضمان مستقبل صحي لأجيالنا القادمة وللبحر المتوسط الذي نعتمد عليه جميعاً.


**صرخة بيئية من سواحل تونس: نفوق السلاحف البحرية يدق ناقوس الخطر في خليج قابس**


تعديل
author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent