recent
أخبار ساخنة

### **كوريا الشمالية في قلب "محور التحدي": إعادة تشكيل النظام العالمي من بيونغ يانغ إلى طهران**

 

### **كوريا الشمالية في قلب "محور التحدي": إعادة تشكيل النظام العالمي من بيونغ يانغ إلى طهران**

 

في خطوة لافتة تعكس التحولات العميقة في المشهد الجيوسياسي العالمي، أصدر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون توجيهات صارمة لجيشه برفع حالة الجاهزية إلى أقصى درجاتها استعداداً لـ"حرب لا هوادة فيها".

### **كوريا الشمالية في قلب "محور التحدي": إعادة تشكيل النظام العالمي من بيونغ يانغ إلى طهران**
### **كوريا الشمالية في قلب "محور التحدي": إعادة تشكيل النظام العالمي من بيونغ يانغ إلى طهران**


### **كوريا الشمالية في قلب "محور التحدي": إعادة تشكيل النظام العالمي من بيونغ يانغ إلى طهران**

  •  قد تبدو هذه التصريحات، للوهلة الأولى، فصلاً جديداً في مسرحية التهديدات المعتادة التي تتقنها
  •  بيونغ يانغ. لكن قراءة متأنية للسياق الدولي تكشف أن هذه الأوامر ليست مجرد استعراض للقوة،
  •  بل هي مؤشر ملموس على اندماج كوريا الشمالية بشكل كامل في شبكة تحالفات غير رسمية،
  •  ولكنها مؤثرة للغاية، تضم روسيا والصين وإيران. هذا التكتل، الذي يصفه المحللون بـ"محور
  •  التحدي" أو "محور المراجعة"، يسعى بشكل منهجي إلى تقويض الهيمنة الغربية وإعادة رسم
  •  خريطة القوة العالمية

#### **من العزلة الاستراتيجية إلى الشراكة الفاعلة**

 

لفترة طويلة، نُظر إلى كوريا الشمالية على أنها "مملكة منعزلة"، دولة مارقة تثير القلاقل الإقليمية ولكنها تظل على هامش الصراعات الدولية الكبرى. إلا أن الحرب في أوكرانيا غيرت هذه المعادلة بشكل جذري. حاجة موسكو الماسة للذخائر والأسلحة التقليدية فتحت الباب أمام بيونغ يانغ لتخرج من عزلتها وتتحول إلى شريك استراتيجي لروسيا، إحدى القوى الكبرى في العالم وعضو دائم في مجلس الأمن.

 

  1. تشير التقارير الاستخباراتية الغربية إلى أن كوريا الشمالية أرسلت ملايين القذائف المدفعية
  2.  والصواريخ قصيرة المدى إلى روسيا، في صفقة يُعتقد أنها تشمل مقابلاً تقنياً وعسكرياً ثميناً. لم يعد
  3.  الأمر يقتصر على تبادل السلع، بل تطور إلى شراكة أعمق تشمل نقل تكنولوجيا متقدمة في مجالات
  4.  الأقمار الصناعية، والغواصات النووية، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات. هذا الدعم لم يمنح
  5.  روسيا دفعة ميدانية في أوكرانيا فحسب، بل منح نظام كيم جونغ أون ثلاثة مكاسب استراتيجية
  6.  رئيسية:

 

1.  **شرعية دولية:** الحصول على دعم سياسي واقتصادي وتكنولوجي من قوة عظمى مثل روسيا يمنح نظام بيونغ يانغ شرعية لم يحظ بها من قبل، ويحصنه من الضغوط الدولية.

2.  **تطوير القدرات العسكرية:** الوصول إلى التكنولوجيا الروسية المتقدمة سيسرّع من وتيرة تطوير الترسانة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، مما يزيد من خطورتها بشكل كبير.

3.  **كسر العقوبات:** أصبحت الشراكة مع موسكو شريان حياة اقتصادي يخفف من وطأة العقوبات الدولية الخانقة التي فرضت عليها لعقود.

 

#### **هندسة "محور التحدي" تقاطع المصالح والأهداف**

 

إن العلاقة بين موسكو وبيونغ يانغ ليست إلا واجهة واحدة لتحالف أوسع وأكثر تعقيداً. هذا المحور غير الرسمي يرتكز على تقاطع المصالح بين أربع قوى رئيسية تشعر جميعها بأن النظام العالمي الحالي، الذي تقوده الولايات المتحدة، يعمل ضد مصالحها الحيوية.

 

*   **روسيا:** تسعى إلى كسر العزلة التي فرضها الغرب عليها بعد غزو أوكرانيا، وتعمل على إضعاف الولايات المتحدة وحلفائها عبر فتح جبهات متعددة تستنزف مواردهم.

*   **الصين:** تمثل القوة الاقتصادية والاستراتيجية الدافعة للمحور. ترى في دعم روسيا وإيران وكوريا الشمالية وسيلة لإشغال واشنطن وتشتيت انتباهها عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وخصوصاً قضية تايوان. كما تستفيد من إضعاف الدولار والنظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الغرب.

*   **إيران:** تشارك كوريا الشمالية تاريخاً طويلاً من التعاون العسكري، خاصة في مجال تكنولوجيا الصواريخ الباليستية. العلاقة بينهما تتجاوز مجرد الصفقات التجارية لتشمل تبادل الخبرات في مواجهة العقوبات وتطوير برامج تسلح متقدمة. يرى النظام الإيراني في هذا المحور دعماً استراتيجياً في مواجهته المفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة.

*   **كوريا الشمالية:** تلعب دور "المفسد الاستراتيجي" الذي يرفع منسوب التوتر في شرق آسيا، مما يجبر الولايات المتحدة على تخصيص موارد عسكرية ودبلوماسية ضخمة لاحتوائها، وهو ما يخدم مصالح الصين وروسيا بشكل مباشر.

 

ما يوحد هذه الدول ليس أيديولوجية مشتركة (كما كان الحال في المحور السوفيتي)، بل هو هدف براغماتي يتمثل في الانتقال نحو عالم متعدد الأقطاب، لا تكون فيه واشنطن القوة المهيمنة الوحيدة.

 

#### **الصدى في الشرق الأوسط تداعيات مباشرة**

 

لا يمكن فصل تصعيد كوريا الشمالية عن الديناميكيات المتفجرة في الشرق الأوسط. العداء التاريخي الذي تكنه بيونغ يانغ لإسرائيل، التي تعتبرها "قاعدة إمبريالية أمريكية متقدمة"، يجد اليوم تعبيراً عملياً من خلال تقوية شركائها في المنطقة. هناك ثلاثة أبعاد رئيسية لهذه التداعيات:

 

1.  **تمكين محور المقاومة:** الدعم التكنولوجي والعسكري الذي تقدمه كوريا الشمالية لإيران يجد طريقه حتماً إلى وكلاء طهران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والفصائل المسلحة في العراق وسوريا. التقارير التي تتحدث عن وجود أسلحة أو تقنيات كورية شمالية لدى حماس، رغم نفي بيونغ يانغ، تعكس المخاوف من أن هذا الدعم قد يوسع من قدرات هذه الجماعات.

2.  **معضلة دول الخليج:** تجد دول الخليج العربية، وتحديداً السعودية والإمارات، نفسها في مأزق استراتيجي. فبينما تعتمد أمنياً على شراكتها مع الولايات المتحدة، تدرك أن القوة المتنامية لمحور "الصين-روسيا-إيران" تحتم عليها اتباع سياسات خارجية أكثر توازناً، تشمل الانفتاح الدبلوماسي على طهران وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع بكين.

3.  **التهديد متعدد الجبهات لإسرائيل:** بالنسبة لإسرائيل، لم يعد التهديد يقتصر على جبهة واحدة. إن وجود تنسيق، ولو غير مباشر، بين إيران في الشرق الأوسط وكوريا الشمالية في شرق آسيا وروسيا في أوروبا، يخلق كابوساً استراتيجياً يتمثل في إمكانية اشتعال عدة جبهات في آن واحد، مما يستنزف قدراتها العسكرية والدفاعية كنظام "القبة الحديدية".

 

#### **نحو حرب باردة هجينة؟**

 

المقارنة بين "محور التحدي" الحالي ومحور "برلين-روما-طوكيو" في ثلاثينيات القرن الماضي قد تكون مغرية، لكنها غير دقيقة تماماً. فبينما اتسم المحور القديم بتحالفات رسمية وأيديولوجيات قومية توسعية، يعتمد المحور الجديد على تنسيق براغماتي وغير رسمي.

 

  1. الأقرب إلى الواقع هو أننا نشهد ولادة "حرب باردة جديدة"، لكنها تختلف عن سابقتها. إنها حرب
  2.  هجينة لا تقتصر على السباق العسكري والنووي، بل تمتد لتشمل الاقتصاد (محاولات التخلي عن
  3.  الدولار)، والتكنولوجيا (السباق على الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية)، والمعلومات
  4.  (الحروب السيبرانية والدعاية)، والحروب بالوكالة التي تمتد من أوكرانيا إلى غزة وربما بحر الصين
  5.  الجنوبي.

 الختام

في هذا المشهد المعقد، لم تعد كوريا الشمالية مجرد ورقة معزولة، بل أصبحت حلقة محورية في سلسلة من النيران تمتد من بكين إلى طهران مروراً بموسكو. إن تحركاتها الأخيرة ليست مجرد نزوة من زعيم لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، بل هي جزء من استراتيجية عالمية منسقة تهدف إلى تغيير قواعد اللعبة الدولية. 

العالم يقف اليوم على حافة تحول استراتيجي كبير، وكل ما يتطلبه الأمر هو شرارة في إحدى هذه المناطق المتوترة لإشعال حريق قد يكون من الصعب إطفاؤه.

author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent