recent
أخبار ساخنة

**الفرق الضالة وسبيل النجاة: فهم حديث الافتراق ومقتضياته**

الحجم
محتويات المقال

 

 

**الفرق الضالة وسبيل النجاة: فهم حديث الافتراق ومقتضياته**

 

بخصوص الحديث تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنين وسبعين، والمسلمون على ثلاث وسبعين فرقة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلهم فالنار إلا واحدة)، فهل جميع ال٧٢ فرقة المسلمة في النار مخلدين فيها، أم يعذبون، ويخرجون كمن أسرف على نفسه من الكبائر؟ وكيف نتأكد إننا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم؟

بخصوص الحديث تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنين وسبعين، والمسلمون على ثلاث وسبعين فرقة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلهم فالنار إلا واحدة)، فهل جميع ال٧٢ فرقة المسلمة في النار مخلدين فيها، أم يعذبون، ويخرجون كمن أسرف على نفسه من الكبائر؟ وكيف نتأكد إننا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم؟
**الفرق الضالة وسبيل النجاة: فهم حديث الافتراق ومقتضياته**


**الفرق الضالة وسبيل النجاة: فهم حديث الافتراق ومقتضياته**


**مصير الفرق المتوعدة بالنار بين الوعيد والتكفير**

 

أولاً، لا بد من التوضيح أن عبارة "كلها في النار" هي وعيد شديد، ولكنها لا تستلزم بالضرورة الحكم بالكفر المخرج من الملة على جميع أفراد تلك الفرق، ولا تعني خلودهم جميعًا في النار. فالنصوص الشرعية، قرآنًا وسنة، قد تطلق وعيد النار على مرتكبي الكبائر من المسلمين الذين لم يبلغ ذنبهم حد الكفر الأكبر، كآكل مال اليتيم ظلمًا أو القاتل.

  •  ومن الأدلة على أنهم ليسوا جميعًا كفارًا أن النبي صلى الله عليه وسلم نسبهم إلى أمته فقال: "وتفترق
  •  أمتي"، و"أمة الإجابة" تشمل من استجاب لدعوة الإسلام وإن شاب عمله بعض البدع أو المعاصي
  •  التي لا تخرجه عن دائرة الإسلام.

 

  1. وقد فصل أهل العلم، كالإمام الخطابي واللجنة الدائمة للإفتاء وشيخ الإسلام ابن تيمية، في هذه المسألة.
  2.  فمن هذه الفرق من تكون بدعته مكفرة، كإنكار معلوم من الدين بالضرورة، أو الغلو الذي يصل إلى
  3.  الشرك الأكبر. أصحاب هذه البدع، إن قامت عليهم الحجة وانتفت الموانع، فهم خارجون عن الإسلام
  4.  ووعيد النار في حقهم يعني الخلود. أما من كانت بدعته دون الكفر، فهو مسلم مبتدع، عاصٍ ببدعته
  5.  وهو تحت مشيئة الله تعالى: إن شاء عذبه بقدر بدعته ثم مآله إلى الجنة بإسلامه وتوحيده، وإن شاء
  6.  عفا عنه.

 

علاوة على ذلك، يتمايز أتباع الفرق الضالة أنفسهم. فمنهم الداعية إلى بدعته، العالم بها، المتعصب لها، ومنهم الجاهل المقلد، أو المتأول الذي لم يبلغه الحق على وجهه الصحيح.

  •  وقد يكون فيهم المنافق الزنديق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهؤلاء في الدرك الأسفل من النار.
  •  وبالمقابل، قد يكون فيهم من لديه إيمان وتقوى، ولكنه أخطأ في مسائل معينة لعدم وضوحها لديه أو
  •  لشبهات عرضت له، فهؤلاء لا يُحكم بكفرهم، بل قد يكونون معذورين أو مغفورًا لهم خطؤهم.

 

إذن، الحكم على أتباع هذه الفرق ليس واحدًا، بل يختلف باختلاف نوع البدعة، وحال المبتدع من حيث العلم والجهل، وقيام الحجة عليه. فالوعيد عام، وتطبيقه على الأفراد يتطلب نظرًا دقيقًا في الشروط والموانع.

 

**سبيل النجاة معالم الفرقة الناجية**

 

أما الشق الثاني من السؤال، وهو كيف يعرف المسلم الفرقة الناجية، فقد أجاب عنه النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح في روايات الحديث نفسها. فعندما سُئل عن الفرقة الناجية، قال: "هي الجماعة"، وفي رواية أخرى: "ما أنا عليه وأصحابي".

 

هذا التحديد النبوي يضع معيارًا واضحًا لا لبس فيه:

1.  **لزوم الجماعة:** والمقصود بالجماعة هنا ليس مجرد الكثرة العددية، بل جماعة الحق، وهم الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان في فهم الدين وتطبيقه. إنهم المجتمعون على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بفهم السلف الصالح.

2.  **اتباع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:** هذا هو المحك الرئيسي. فالصحابة هم الجيل الفريد الذي تلقى الوحي مباشرة أو بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا التنزيل، وعاينوا التطبيق العملي للإسلام. فهمهم للنصوص هو الأقوم، وطريقتهم في العبادة والسلوك هي الأسلم. يقول الإمام ابن رجب رحمه الله إن "السنة هي الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات، والأعمال، والأقوال".

 

  1. فالمسلم الذي يرجو النجاة عليه أن يبذل وسعه في تعلم دينه من مصادره الأصيلة: القرآن الكريم والسنة
  2.  النبوية الصحيحة، وأن يسعى جاهدًا لفهمهما على ضوء فهم الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان.
  3.  قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
  4.  وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 100).

 

ويؤكد الإمام الصنعاني رحمه الله أن ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد نُقل إلينا بوضوح، فمن رزقه الله إنصافًا لا يخفى عليه حال نفسه وحال غيره، وهل هو متبع أم مبتدع. فدعوى الاتباع تصدقها الأقوال والأفعال الموافقة لمنهج السلف، أو تكذبها المخالفة له.

 

**خلاصة القول**

إن حديث افتراق الأمة يحمل في طياته تحذيرًا من التفرق والابتداع، وبشارة للثابتين على الحق. والسبيل إلى الفرقة الناجية يتمثل في التمسك الصادق بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، مع الحذر من التعميم في الحكم على المخالفين، والتمييز بين البدع المكفرة وغير المكفرة، وبين أحوال أصحابها. إنه طريق يتطلب علمًا وبصيرة وإخلاصًا لله تعالى، وسؤال أهل الذكر، والاجتهاد في موافقة الحق حيث كان.

 

والله أعلم، ونسأله الهداية والثبات على دينه القويم.

**الفرق الضالة وسبيل النجاة: فهم حديث الافتراق ومقتضياته**


تعديل
author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent