جواز المخرجة ايناس الدغيدى من الاعلامية هالة سرحان

 

**رحلة استكشاف أغرب المعتقدات الدينية في الهند: نافذة على عالم آخر**

 

تُعرف الهند بأنها قارة العجائب، أرض تتلاقى فيها الأضداد وتتجاور فيها ثقافات ومعتقدات تمتد جذورها لآلاف السنين. وفي سعي لفهم بعض هذه الظواهر الدينية التي تبدو غريبة للناظر الخارجي، انطلق مستكشف عربي في رحلة إلى هذا البلد الشاسع، ليصطدم بواقع يفوق كل ما سمعه أو قرأه، ويكشف عن عمق الإيمان بتجليات متنوعة للألوهية وممارسات طقسية فريدة.

**رحلة استكشاف أغرب المعتقدات الدينية في الهند: نافذة على عالم آخر**

**رحلة استكشاف أغرب المعتقدات الدينية في الهند: نافذة على عالم آخر**

**تقديس الحيوان تجليات الألوهية في كائنات حية**

 

لعل أبرز ما يلفت الانتباه في المشهد الديني الهندي هو المكانة الخاصة التي تحظى بها بعض الحيوانات، والتي تتجاوز مجرد الاحترام لتصل إلى حد التقديس.

*   **البقرة المقدسة:** ليست مجرد حيوان أليف، بل رمز للأمومة والعطاء، وتعتبر في الهندوسية كائنًا مقدسًا لا يجوز إيذاؤه أو أكله. تجوب الأبقار الشوارع بحرية، تحظى بالاحترام، ويُعتقد أنها تجلب البركة. وقد ارتبط تقديسها بالإله كريشنا، ما جعل المساس بها أمرًا غير وارد، حتى أن سلاسل المطاعم العالمية تمتنع عن تقديم لحوم البقر في فروعها الهندية.

*   **قرود هانومان:** في معبد مخصص للقرود، يعيش الآلاف منها (قُدّر العدد في أحد المعابد بأكثر من 7000 قرد). يأتي الناس لتقديم الطعام لها والتماس البركة، حيث يرتبط القرد بالإله هانومان، ذي وجه القرد وجسد الإنسان، والذي يمثل القوة والشجاعة. وتُباع تماثيله في كل مكان، ليقتنيها الناس للتعبد في منازلهم.

*   **فئران معبد كارني ماتا:** من أغرب المشاهد التي يمكن أن يواجهها زائر، معبد يؤوي حوالي عشرين ألف فأر. تقول الأسطورة إن الإلهة كارني ماتا طلبت من إله الموت عدم إماتة ابنها، فوعدها بأن أهل قريتها سيتحولون بعد موتهم إلى فئران. لذا، يُعتقد أن هذه الفئران هي أرواح الأجداد، ويأتون لتقديم القرابين لها (من طعام وحليب، بل وحتى كحول في بعض الأحيان)، ويشربون من الحليب الذي شربت منه الفئران تبركًا. رؤية فأر أبيض تُعد نذير خير وبركة خاصة. ويُطلب من الزوار خلع أحذيتهم عند الدخول، رغم أن أرضية المعبد – كما يُلاحظ – قد لا تكون مثالًا للنظافة.

 

**تعدد الآلهة والطقوس بحر من الرموز والممارسات**

 

لا تقتصر الغرابة على تقديس الحيوانات، فالهندوسية تضم عددًا هائلاً من الآلهة (يقال إنها بالآلاف)، ولكل منها طقوسه وأتباعه.

*   **التماثيل الضخمة:** تنتشر تماثيل الآلهة في كل مكان، بأحجام متفاوتة تصل أحيانًا إلى أحجام مهيبة، لتُشعر الناظر بالرهبة. ويأتي الناس للتبرك عندها وتقديم النذور.

*   **المياه المقدسة:** في أماكن معينة، تعتبر المياه مقدسة، يُعتقد أنها تشفي من الأمراض وتطهر من الذنوب. يغتسل الناس فيها، ويشربون منها، بل ويتركون ملابسهم القديمة كرمز للتخلص من خطايا الماضي.

*   **الكهنة والبركات:** يقوم رجال دين أو أشخاص يُنظر إليهم على أنهم مباركون بوضع علامات على جباه الناس، أو رشهم بالماء، أو ترديد أدعية لتباركهم وتحميهم.

*   **الذكر والاحتفالات:** في الشوارع، قد تجد مجموعات من الناس يقرعون الطبول ويغنون أناشيد دينية، فيما يشبه حلقات الذكر، تعبيرًا عن ولائهم لآلهتهم.

*   **الرموز الحامية:** يُلاحظ تعليق الليمون والفلفل على السيارات والمتاجر، اعتقادًا بأنها تطرد الأرواح الشريرة وتجلب الحظ. كما أن علامة "سواستيكا" الهندوسية تُطبع على الآلات والمركبات الجديدة لحمايتها من الأعطال.

 

**نظرة من الخارج**

 

من منظور الديانات السماوية التوحيدية، تبدو هذه المعتقدات والممارسات صادمة ومخالفة لجوهر الإيمان. وقد عبر المستكشف عن هذا الاستغراب، مؤكدًا أن هذه الممارسات، وإن كانت تمثل دينًا راسخًا لأصحابها، إلا أنها تُعتبر محرمة من وجهة نظره. ومع ذلك، فإن مشاهدة هذا التنوع الديني عن كثب تتيح فرصة للتفكر في طبيعة الإيمان البشري وتجلياته المختلفة، وتدفع الإنسان لتقدير نعمة العقل والهداية التي يؤمن بها.

 الختام

إن رحلة كهذه إلى الهند ليست مجرد سياحة، بل هي غوص في أعماق ثقافة ترى العالم بمنظار مختلف تمامًا، حيث تمتزج الأسطورة بالواقع، والطقوس بالحياة اليومية، بشكل يجعل المرء يتساءل عن حدود المنطق والمعتقد. وهي في النهاية دعوة لتقدير النعم التي يعيشها الإنسان في ظل عقيدته، والحمد لله على هدايته.